تحشد الحكومة طاقتها وإمكانياتها لتجعل من العام الجديد نقطة تحول في أداء الاقتصاد الأردني، بعد سنوات من الأزمات المتلاحقة. فبعد يوم على إقرارها مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2019 انخرط الطاقم الوزاري في ورشة عمل مغلقة بدار الرئاسة، استمرت حتى مساء أمس لتحديد الفرص المتاحة أمام القطاعات الاقتصادية للمنافسة في الأسواق التصديرية، وجذب الاستثمارات العربية والأجنبية، وتطوير قدرات الأجهزة الحكومية لتلبية هذه التحديات.
المناقشات التي دارت على مدار يومين تصب في خدمة خطة أولويات الحكومة التي أعلنت عنها مؤخرا والهادفة إلى زيادة مستوى النمو الاقتصادي وتحفيز القطاعات الإنتاجية وخلق المزيد من فرص العمل.
موازنة العام الجديد تم إعدادها وفقا لنفس التصورات والأولويات، لضمان انسجام الخطط مع المخصصات المرصودة في مشروع القانون، وتنفيذ المشاريع التي نصت عليها خطة الحكومة، كي لاتبقى مجرد وعود تتلاشى في الميدان.ولهذا أكدت الحكومة على لسان رئيسها أكثر من مرة أن المشاريع الواردة ليست مجرد أمنيات، بل تعهدات تلتزم الحكومة بتنفيذها.
الظروف الإقليمية من حولنا تتحسن وإن كان ذلك بشكل بطيء؛عودة الحياة لخطوط التجارة مع العراق وسورية، ينبئ بتحسن حجم الصادرات الأردنية، وتشغيل أسطول الشاحنات المعطل منذ سنوات.السياحة تسجل أرقاما مبشرة جدا، بدأت تنعكس بشكل إيجابي على قطاعات الفنادق والنقل السياحي والخدمات الرديفة.عودة ضخ الغاز المصري مع بداية السنة، تخفف من كلف إنتاج الطاقة، ولابد أن تنعكس على أسعار الكهرباء. وفي وقت قريب من المفترض أن تطرح الحكومة عطاء مشروع قناة البحرين تمهيدا لتنفيذ المشروع في حال تجاوز العقبات الإسرائيلية، خاصة وان لدى الحكومة بديلا أردنيا خالصا.
من المفترض أيضا أن تترجم الالتزامات الخليجية بتمويل مشاريع سياحية وبنية تحتية إلى واقع ملموس، يخلق فرص عمل جديدة، ويحرك قطاعات اقتصادية تسعى جاهدة لتوسيع قاعدة عملها.
موازنة العام الجديد لا تحمل أعباء جديدة على المواطنين كما كان الحال في موازنة السنتين الماضيتين، لا زيادة متوقعة على ضريبة المبيعات، بل خطط جدية لتخفيضها في السنوات المقبلة، والنفقات في حدود الاحتياجات بشكل دقيق. يبقى التحدي في ضمان الإيرادات المتوقعة التي سجلت زيادة مقارنة مع العام الماضي دون تفسير مقنع.
في الأشهر الستة الأولى من عمرها تجاوزت الحكومة سلسلة من الأزمات والمطبات”الجوية” الحادة، مثلما تخطت عقدة قانون ضريبة الدخل، وليس متوقعا أن تواجه في الأشهر المقبلة أزمات أشد من تلك التي مرت فيها، وإن حصل ذلك فقد توفر لها مخزون من الخبرة يكفي لعبورها بتكاليف أقل.
ليس المهم في المرحلة المقبلة شعبية الحكومة، فالحكومات حول العالم تحكم بأقل من نصف المعدل، المهم أن تلتزم بتنفيذ خططها، فنحن لا نملك ترف تغيير الحكومات في هذه المرحلة. كما ينبغي الحرص على إظهار وحدة الفريق الوزاري، والانخراط في العمل الميداني دون إفراط في التنظير، وتحمل الانتقادات الحادة والحملات، وتركيز الاهتمام على التواصل مع المواطنين أكثر من الانشغال بمفهوم الرأي العام”الافتراضي”.
لاينقص الحكومة شيء لتقوم بالمهمة فقد أعدت الخطط وجهزت الذخيرة، ولم يبق غير النزول لميدان المعركة؛ معركة التنمية والإصلاح.
فهد الخيطان