كانت إحدى شركات السيارات المعروفة والعريقة قد دفعت تعويضا بملايين الدنانير إلى عدد من مشتري سياراتها في إحدى الدول، والسبب انه تم التغرير بهم ليعتقدوا أن باستطاعتهم شراء السيارات الفارهة التي تنتجها الشركة رغم عدم قدرتها على ذلك.. وأنا كنت قد ذهبت لاشتري بدلة رسمية من أحد المحلات حيث أقنعني صاحب المحل أنها نفس بدلة الرئيس الفرنسي ماكرون وانها ماركة عالمية.. واكتشفت لاحقا انها نفس بدلة رشدي اباظة في فيلم في بيتنا رجل، وحينما عدت إليه لإعادة البدلة رفض اعادتها او حتى تعويضي عن الضرر النفسي بعد ان اصبحت مضحكة في الحارة.. وقال لي: إذا بشوفك في هذا الشارع بقص رجليك، لذلك اي شركة انتاج ترغب في انتاج فيلم تاريخي وبحاجة لبدلتي فأرجوها مراسلتي.
إحدى شركات مشروبات الطاقة المعروفة دفعت أيضا تعويضا بملايين الدنانير لمجموعة من زبائنها، لأن مشروبها لم يحقق الميزات التي وردت في دعاية المشروب.. أذكر أن إحدى الشركات روجت في إحدى دعاياتها لمنتج ينبت الشعر في أسبوعين ويقضي على الصلع.. وحين قمنا بتجربة المنتج أذكر انه تسبب بإسقاط حتى شعر الحواجب وبعض مستخدميه أصيبوا بحكة في كل أنحاء الجسم مع سماط.. عند البحث عن عناوين للشركة للمطالبة بتعويضات تبين أنه لا يوجد شركة وان المنتج مهرب وأنه مصنوع من بول الفيل مخلوط ببودرة أطفال!
بعد شرائها قهوة من أحد المطاعم المشهورة.. انسكب كوب القهوة الساخن على جسدها، مما تسبب بحروق من الدرجة الثالثة، فقامت برفع دعوى على هذا المطعم وحصلت على تعويض بملايين الدولارات لأن ذلك المطعم لم يكتب تحذيرا يفيد بأن القهوة ساخنة.. في مطعم شعبي وبعد أن اردنا أن نمخمخ على كاسة شاي بعد وجبة الغداء صعد لنا صرصور غطاس.. أصبنا بالفزع والخوف وأنا سكبت الكاسة على الارض فقال لي العاملون: كفش! فقلت لهم: صرصور.. ولم يلتفت الينا احد، وعند الحساب تم تغريمي ثمن كوب الشاي الزجاجي الذي انكسر!
في كل دول العالم التي تحترم مواطنيها هناك تعويضات تدفع بالملايين من الحكومات او الشركات حالما يتضرر المواطن من خطأ سواء كان مقصودا ام لا.. ويكفي ان تسقط في منهل، او أن تتشردق في قطعة ستيك.. او أن يتم مداهمة منزلك بالخطأ لتصبح مليونيرا، لذلك يصبح الجميع حريصا على تقديم أجود الخدمات خوفا من التعويضات الباهظة.
في بلادنا لا توجد هذه الثقافة حتى لو نسي العاملون في شركة الكهرباء الخط الرئيسي معرى وأصبحت دجاجا على الفحم بعد أن تتطرجل به، لا يمكن تعويض عائلتك بل تتم مواساتهم بزيارة المحافظ للتعزية!
مؤخرا تم اكتشاف عدم مطابقة البنزين للمواصفات الاردنية.. لم يفكر احد بمدى الضرر البالغ الذي لحق بالمركبات نتيجة استخدام هذا البنزين المغشوش كل تلك السنوات دون اكتشاف عدم مطابقته للمواصفات.
حين كانت وزيرة الطاقة تشرح التسعيرة كانت تتحدث عن كلف الاستيراد والنقل والتكرير ونسب الفاقد في المصفاة.. وتبين ان بعض الشركات تستورد البنزين من الخارج لمحطاتها.. فهل يا ترى هي نفس التكلفة بالفلس سواء كررنا البنزين بالمصفاة ام استوردناه جاهزا حتى يباع بنفس السعر؟!
بنزين مغشوش.. وتسعيرة مغشوشة.. لذلك على الاقل بيعوا البنزين للفترة المقبلة بأسعار معتدلة تعويضا للاضرار التي لحقت بالمواطنين.. او أن يكون التعويض أخلاقيا وليشمل التعديل المقبل كل من لهم علاقة بالبنزين!
صالح عربيات