كان ھناك رجل كبیر في السن یذھب كل یوم إلى مزرعته التي تقع خارج حدود المدینة على حماره.. في أحد الأیام جاء ابناؤه له ببشارة بان المنطقة التي تقع فیھا المزرعة أصبحت مخدومة بخط باص ولا داعي لأن یستخدم الحمار بعد الآن، وبعد أن اقنعوه بركوب الباص شرحوا له این سیقف حتى یركب به.. وبالفعل في الیوم التالي وقف الحجي في نفس المكان وجاء الباص وحین طلب منه الكونترول الأجرة دفع له ما طلب.. وفي المساء انتظر الحجي الباص أمام مزرعته حتى یعود إلى منزله وبعد قلیل جاء الباص وحین طلب منه الكونترول الأجرة مرة أخرى قال له الحجي: شو أجرة ما أجرة ما دفعنالك الصبح.. لا تكون شایفني مقثاة فقوس بدك تلقطني الصبح والمسا؟!
الحجي على بسطاته كان یفكر ربما أن الأجرة تدفع مرة واحدة في العمر أو أن الباص من الھلال الأحمر لخدمة سكان المدینة وتشاجر مع الكونترول ومن ثم عاد لاستخدام حماره!
صدق الحجي حین قال: شو شایفنا مقثاة فقوس بدك تلقطنا الصبح والمسا ولكن، لیس مع كنترول الباص بل مع حكومته وتجار بلدته فھم فعلا اصبحوا یرونا مقثاة فقوس!
اذا انخفضت اسعار الدجاج لیصبح في قدرة المواطن البسیط شراؤه، ثارت ثائرة المربین وسرعان ما اتفقوا على اعدام الدجاج حتى ترتفع أسعاره، تخیل أن تذھب الدجاجة الى المقبرة عند بعض المربین احب من أن تذھب إلى موائد الأردنیین.
واذا ما انخفضت اسعار البندورة سرعان ما یقوم بعض المزارعین برمیھا في الشوارع على ان یرموھا في معدة المواطنین.. دون ان یفكر احد منھم اننا نشتریھا بسعر الكیوي اغلب ایام السنة.
مؤخرا قام عدد من المواطنین بشراء الملابس عبر الإنترنت من متاجر الكترونیة في الخارج لانھا تبیع الملابس بأسعار معقولة جدا.. فسارع تجار الملابس وطلبوا من الحكومة وقف الاعفاءات الجمركیة للاسر لان القطاع اصبح مھددا، اما عندما یبیعونا الفانیلة مع السروال بسعر أغلى من سعر البدلة مع ربطة من متاجر الخارج، حینھا قطاعھم یكون غیر مھدد طالما قائم على الربح الفاحش!
الحكومة بالطبع لیست جالسة بتفصفص بزر وتتابع كیف یتم تشلیح المواطن من حبة الفلافل الى راس العجل.
ھي لھا الحصة الاكبر، الف خطاب للوزراء عن أھمیة السیارات الكھربائیة بالحفاظ على البیئة وتوفیر الطاقة التي نعاني من استیرادھا لذلك تم تخفیض الجمارك علیھا، ما ان شاھدت المواطنین یقتنون تلك السیارات حتى قالت: ما بتوفي معنا، ففرضت رسوما جدیدة علیھا حتى یعود المواطنون للسیارات التي تلوث البیئة وتستھلك الوقود بشكل كبیر.. طالما لدى الحكومة استعداد ان تلوث الھواء وتقضي على الحیوان والإنسان والزرع مقابل حفنة من الدنانیر فلماذا لا تدمج البیئة مع وزارة التنمیة الاجتماعیة!
لو اخترع في العالم الآن صوبة تعمل على الریح لسارعت الحكومة وفرضت رسوما مقطوعة على كل مولود بدل ریاح، ولو انجدنا العالم بطاقة كھربائیة تعمل على مخلفات منازلنا لسارعوا بفرض ضریبة على زبالتنا، حتى لو اكتشفوا الآن حبة مغذي تغني الانسان عن الطعام والشراب طوال الیوم لمنعوا استیرادھا للأردن!
العالم كل یوم یخترع ویكتشف لیسھل حیاة الناس ویوفر علیھم تكالیف معیشتھم، والشعب الأردني لا یسأل حكوماتھ لا عن اختراع أو اكتشاف ولا حتى عن خدمات.. بس متى بدھم یحلوا عنا؟!
صالح عربيات