هل يريدون اسقاط النظام السوري، او اضعافه فقط، هذا هو السؤال الذي يثير الاهتمام دوما، خصوصا، ان كل اعوام الازمة السورية، لم تؤد الى سقوط النظام، وانما تدمير بنية الدولة السورية، واضعاف النظام على مستويات عدة، لولا الدعم الروسي والايراني؟!.
يتجدد هذا السؤال اليوم، امام تهديدات واشنطن، بتنفيذ عملية عسكرية، وربما تكون الصورة اتضحت، خلال ساعات قليلة فقط جدا، خصوصا، مع المعلومات التي تتسرب حول عملية عسكرية جماعية تشارك بها بريطانيا وفرنسا، وقد تشارك بها اسرائيل سرا، او حتى علنا.
الحسابات المعقدة الان، تقرأ ربما تداعيات اي هجمة، على موقف الروس حصرا، وموسكو اعلنت مرارا خلال اليومين الفائتين، ان كل قصة هجوم دوما الكيماوي مفبركة، وان لا ادلة في المنطقة، ولا اصابات بالكيماوي، مثلما ان المستشفيات لا تتعامل مع هكذا حالات، وفقا لما يقوله الروس، الذين يتهمون واشنطن بفبركة الحادثة، عبر جماعات محددة، من اجل التوطئة للعملية العسكرية المرتقبة.
الروس يهددون علنا، بتصعيد اكبر، اذا تعرضت قواتهم لاي هجوم، ولو بالخطأ، او اذا تعرضت القوات السورية لاي هجوم، كما ان سفير روسيا لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، قال ان بلاده حذرت الولايات المتحدة من تداعيات خطيرة إذا هوجمت القوات السورية.
في مرات سابقة، وجهت الولايات المتحدة ضربات الى قواعد عسكرية، وكان واضحا، ان واشنطن تريد اضعاف النظام، لكنها لا تريد اسقاطه، او استبداله حتى اليوم، وعلينا اليوم، ان نلاحظ ان الاميركان يتحدثون عن عمليات عسكرية ضد قواعد جوية، لكنهم لا يتحدثون عن تغيير جذري للنظام، وكأنهم هنا يريدون تأديب دمشق الرسمية، وحسب، تحت عنوان استعمال اسلحة محرمة، لكن الاميركان ذاتهم يصمتون امام استعمال الاسلحة العادية، وكأن الخلاف فقط، على وسيلة القتل، لا المبدأ ذاته.
الرئيس الاميركي الذي يتهم روسيا وايران، بكونهما وراء الهجوم الكيماوي، الذي تنفيه دمشق وموسكو وطهران، يتوعد برد كبير، وباهظ الثمن، وهي تهديدات من ذات نسخة التهديدات الاميركية التي خبرها العالم.
لكن السؤال اليوم، يتعلق بكلفة انفجار المواجهة في سوريا، خارج الاطر التي يتفق عليها ضمنيا الروس والاميركان، وهذا امر محتمل، اذ ان اي خطأ فني في هذه العمليات، سيؤدي الى نتائج كارثية على امن المنطقة والاقليم بشكل عام، هذا اذا افترضنا قبول المعسكر السوري-الايراني-الروسي، لعمليات القصف دون ابداء اي رد فعل.
وحدها اسرائيل المستفيدة الاولى، وسط هذا المشهد، لان حساباتها متعددة، وهي تجد اليوم، من يقصف معها داخل سوريا، لاعتبارات مختلفة، والكلام هنا ليس عن تصنيف سوريا، باعتبارها معسكرا لمناوءة اسرائيل، بقدر كون اسرائيل تريد سوريا الجديدة، مدمرة، لا تقوم لها قائمة، لاعتبارات استراتيجية، تتجاوز اللحظة.
علينا ان نتوقع اذاً عمليات عسكرية، اذا اقرتها واشنطن، وبشراكة دول اخرى، وفي الوقت ذاته، علينا ان نضع ايدينا على قلوبنا، مما قد يختطفنا اليه المشهد في سوريا، خلال الساعات القليلة المقبلة، فكثيرا ما كانت الخطط تفشل، في وضع سقف للتدهور، وكثيرا ما خرجت الامور عن السيطرة في ظروف شبيهة في هذا العالم.
ماهر ابو طير