حادثتا السطو على فروع بنوك في العاصمة عمان وبنفس تاريخ اول حادثتي سطو العام الماضي ، هل هي صدفة ام انها مخطط ومرتب لها ؟… هذا السؤال الذي اذهل كافة المواطنيين واصبح حديث الشارع الاردني والصالونات الاجتماعية … فحسب اعتقادي ان التاريخ اليومي ليس مخطط له وانما جاء نتيجة الصدفة المحضة …اما التوقيت الزمني الفصلي وهو فصل الشتاء حيث البرودة القارصة وقلة النشاط البشري وغياب التواجد الامني النشط في ساعات الصباح الاولى … فهو مخطط له بعناية وبدهاء .
ان سهولة السطو المسلح على احد فروع البنوك هو اسهل عمليات السرقة المالية واكثرها صعوبة وخطورة … ما هذا التناقض بين السهولة والصعوبة دعوني افسر ذلك ….فحسب وجهة نظري المتواضعة …. ان عامل السهولة بها ، ان اي شخص تسول له نفسه السطو على اي بنك او مصرف مالي يعرف تماما انه لن يجد اي مقاومة من موظفي البنك لمعرفته المسبقة ان التعليمات والاوامر الصادرة لكافة موظفي البنوك في المملكة تسليم كافة المبالغ المالية التي بحوزتهم للفاعل حال تعرض اي فرع من فروع البنوك لعملية سطو لعدة اسباب اهمها عدم اصابة اي موظف بمكروه كتعرضه للقتل او الاصابة اضافة الى ان المبالغ النقدية المسلوبة مؤمن عليها وسوف يتم اعادتها بالمليم الى البنك من قبل شركات التأمين.
اما الجانب الصعب في عملية السطو ، فهو الجانب الانتحاري الذي يقدم عليه مرتكب عملية السطو والمتمثل عند القبض عليه _ وهذا حاصل بنسبة عالية جدا جدا – فسيكون مصيره عقوبة السجن لمدة خمسة عشر عاما وتدمير حياته وحياة عائلته كاملة …. فأعتقد ان من يقدم على هذة الخطوة انسان مغامر ( يا تصيب يا تخيب ) تفكيره وتخطيطه المستقبلي يكاد يكون معدوم ، لم يقرأ جيدا نتائج اخفاقه وما يترتب على ذلك من قضاء ثلث عمره في غياهب السجون لللحصول على مبلغ مالي لا يتعدى بضع الاف من الدنانير يساوي ثلث سنوات عمره ، ولم يقرأ جيدا سياسة البنوك الجديدة بعد عمليات السطو السابقة المتمثلة بعدم الاحتفاظ بمبالغ نقدية كبيرة عند امين الصندوق تحوطا لعمليات السطو المسلح.
السياسة الامنية للبنوك مازالت ضعيفة جدا وليست من اهتمام بعض البنوك للاسباب التي اسلفتها سابقا ، وان وجدت سياسة امنية فهي ليست بطموحات مديرية الامن العام التي أكدت مرارا وتكرارا على أهمية اعادت كافة البنوك بسياستها الامنية لحماية نفسها وتطويرها لتقضي او تحد من عمليات السطو المسلح عليها .
السؤال الذي يطرح نفسه ولا بد من توضيحه … من المسؤول عن عمليات السطو المسلح على البنوك جهاز الامن العام أم البنوك نفسها ؟… اعتقد هي البنوك بالدرجة الأولى فواجبها حماية نفسها كباقي المؤسسات الأخرى واتخاذ الاجراءات الوقائية لمنع عمليات السطو وذلك من خلال ايجاد جهاز امني رقابي قوي ونشيط قادر على التعامل مع عمليات السطو ولديه استشعارات الحس الامني عالية جدا معزز بأحدث التكنولوجيا والاجهزة ا والمعدات لامنية .
أما جهاز الامن العام فلا يسأل عن حالات وقوع عمليات السطو الا بعد وقوعها وعدم قدرته على القاء القبض على مرتكبيها … فاذا حدث ذلك فهي نقطة تدين جهاز الامن العام ، علما بأن حماية البنوك ليست من واجب الامن العام وأنما واجب الجهاز الامني في هذه البنوك ويقتصر دور الأمن العام على التنسيق معها في حالة وقوع عملية السطو …
الأمن العام وقبله البنوك مطالبين بوضع الية رقابية أمنية حديثة لاخضاع كافة فروع البنوك في المملكة بدوائر تلفزيونية ( غرف سيطرة ) مقرها مديريات ووحدات الشرطة في المحافظات ومراقبتها على مدار الساعة ، وتدريب كوادر البنوك على مهارات التفاوض لتأخير الجاني اكبر وقت ممكن حتى تصل دوريات الشرطة والتعامل معه .
ان الاعلام يلعب دورا بارزا في التوعية بجريمة السطو المسلح والأثار السلبية المترتبة عليه ، فلا بد من التركيز على هذه الجريمة اعلاميا وتناول جميع الجزئيات المتعلقة بها لتثقيف المواطنيين جميعا بما فيهم من تسول له نفسه ارتكاب عملية سطو مستقبلا والقيام بالدراسات اللازمة وتحليل اسباب ودوافع عمليات السطو ونشرها اعلاميا مما يساهم في تعاون المواطنيين مع جهاز الامن العام والادلاء بالمعلومات حول الاشخاص المتوقع قيامهم بهذه العمليات .
سؤال اخر يطرح نفسه هل هنالك جهات مسؤولة عن عمليات السطو وتخطط لها في اوقات وظروف معينة لالهاء الشارع الاردني عن أمور وسياسات ستنفذ وهو في غفلة من امره ؟ … الجواب بكل بساطة لا … لانه لن تستطيع أي جهة كانت أن تلوث السمعة الطيبة لاجهزتنا الامنية التي وصلت سمعتها اقاصي البحار والبلاد .. واصبحت محل ثقة يحج اليها الاشقاء والاصدقاء للنهل من خبراتها وامكانياتها البشرية والفنية ، كذلك لن تضحي اي جهة بالموسم السياحي الاردني وضربه ونحن نعرف اهمية المورد السياحي الذي يرفد خزينة الدولة بمئات الملايين من الدنانير عدا ضرب الاستثمار الخارجي الذي يعاني من ضعف واضح جراء السياسات الاقتصادية فاعتقد بهذه الخطوة نقضي عليه نهائيا … ناهيك عن اثارت البلة والقلق والخوف لدى المواطنيين والمؤسسات المالية الاخرى وكل المؤسسات الخاصة من استمرار مسلسل السطو الذي قد يطولها لاحقا .
اعتقد انه ليس هنالك جهات لا داخلية ولا خارجية وراء هذه الجرائم ، وانما مرتكبيها كلاب منفردة استسهلت عمليات السطو وسرعة تنفيذها بدون أي مقاومة تذكر من قبل موظفي البنوك … واعتقادهم الخاطيء بنجاتهم من قبض الامن العام والفوز والظفر بالمبالغ المالية الشحيحة .
البعض يتسائل هل ستقع عمليات سطو مستقبلية أم ان عملية القاء القبض على منفذي اخر عمليتين ستكون رادع لمن يفكر بذلك ؟ … توقعي ستقع عمليات مشابهة قريبا لاسباب ذكرتها في بداية مقالتي فهي عملية او جريمة السهل الصعب … ويعتقد من يفكر بارتكابها انها اسهل من خطف حقيبة سيدة او سرقة منزل اصحابه خارجه … وهي فعلا سهلة لقلة الاجراءات الامنية المتخذة من قبل البنوك وسياستها العقيمة …لكنها جريمة عواقبها كارثية على الفاعل وعائلته واطفاله وزوجته ومن يدور في فلكه فقد انهى حياتهم باكرا قبل ان تبدأ … وللحديث بقية .
بقلم الكاتب والمحلل الامني : د. بشير الدعجة