ھناك عشیرة لو اجتمع كل أفرادھا في مناسبة لا یستطیعون أن یكملوا صف (صحجة) ومع ذلك عدد المسؤولین فیھا أكثر من عدد الحلاقین في عمان، وھناك عشیرة عدد افرادھا أكثر من عدد مشجعي ریال مدرید في الأردن ومع ذلك أكبر مسؤول فیھا مشرف مختبر!
وكلاھما لیس لھما ذنب، فربما تیسر للعشیرة الأولى رغد العیش فتعلم أبناؤھا واكتسبوا الخبرات فكانوا في الصفوف الأولى، والثانیة ربما لم تتیسر لھم تلك السبل فكان نصیبھم مشرف المختبر.
علینا ألا نجھل ایضا عوامل اخرى قد تساھم في ھذا الاختلال العشائري منھا النفوذ والسلطة، ما جعل عشیرة معینة نصیبھا من المسؤولین اكثر من نصیب كل الاحزاب المرخصة، مع انھا تملك قاعات مخصصة للمناسف ولیس قاعات للنقاش ووضع الخطط وسماع الفلاسفة؟!
في وقت من الاوقات كان ابن العشیرة المسؤول یعین من أقربائھ أكثر من تعیینات دیوان الخدمة المدنیة، وقوانین الانتخاب فصلت جمیعھا لتفرز المرشح العشائري الذي یجب أن تختصر مھامھ على نقل حراس المدارس وتوصیل خدمات الكھرباء لأبناء عشیرتھ، وفي حال ما تعرضت لمشاجرة وكنت المفشوخ، كان مسؤول عشیرتك ھو اول من یشرب قھوتك ویطالب بحقوقك قبل حتى ان یصل الدفاع المدني، وفي حال ما كنت أنت الفاشخ كان ھو نفسھ من یطبطب القضیة ویخرجك قبل حتى ان یتم تقطیب المفشوخ.
ما حصل قبل یومین من احتجاجات بعض العشائر على خلفیة اعتقال أبنائھا في قضیة الدخان، ھو لانھ كان من المتوقع أن قضیة بھذا الحجم سیكون من نتائجھا توفر على الاقل مائة شاغر في المناصب العلیا في الدولة ولكن، العدد المحدود وتدني درجة المسؤولیة لبعضھم ھو ما جعل ابناء تلك العشائر یشعرون ان أقرباءھم مجرد كبش فداء فكان للأسف الكوشوك ھو الحل.
ابناء العشائر قدموا أرواحھم دفاعا عن الوطن قبل أن یقدموا الكوشوك ولكن، ربطتم مصائرنا بغیاب العدالة وتفشي الواسطة والمحسوبیة بمن یتولى المنصب العام منھم فكان لا بد من الدفاع عنھم. عندما تم تعیین احدھم مسؤولا عن احدى المؤسسات الخدمیة في الأردن جعل نسبة البطالة في عشیرتھ تقارب الصفر، وفي احد الایام نادى قسم الاستعلامات على اسم محمد مع اسم العشیرة التي ینتمي لھا المسؤول، فكان عدد مراجعي قسم الاستعلامات ممن یحملون نفس الاسم والعشیرة أكثر من عدد مراجعي مستشفى البشیر!
ھؤلاء الیوم اما اصوات في صنادیق الاقتراع إن فكر ھذا المسؤول بان یصبح نائبا، او منتفضین حجارة ان فكر احد بمحاسبتھ. الحل لانتھاء ھذه الظاھرة المؤلمة ھو أن یكون الھدف السامي للمسؤول ھو خدمة الوطن ولیس العشیرة، واخاف ان استمرت المحاباة الا ینفعني علمي ولا خبراتي ولا نظافة یدي وان یكون المؤھل الوحید في وطني ھو عشیرتي!
صالح عربيات