في عيد مولدك سيدي نقف على قمة الانجاز لنكتب في سطور التاريخ حكاية قائد هاشمي، صنع من الرجال مجد وطن وعزة شعب، يهتف مع كل حمد على نعم الامن والاستقرار، بالروح بالدم نفديك يا ” ابو حسين”.
يوم نادى العلي القدير المغفور له جلالة الملك الحسين في السابع من شهر شباط عام 1999، خليلا مخلدا في جنات نعيم، بإذنه عز وجل، قرر التاريخ ان يفتح صفحة جديدة لعهد هاشمي متخم بالآمال والطموحات ليكون الاردن دائما اولا.
في هذا اليوم، بدأ جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم رحلة التعزيز والتحدي، وترجم رؤاه السامية والفريدة الى منجزات يشار اليها بالبنان، ويرفع لها العالم القبعات تقديرا واحتراما.
وما ان مضت اياما قليلا بعد تولي جلالته سلطاته الدستورية، حتى ابرق جلالته اول رسائل عهده الميمون، بانه على العهد ماضون، فاحتضن الاطفال اليتامى في مبرة ام الحسين، وانطلق للنهوض بالشباب وتوفير الحياة الكريمه لابناء شعبه.
زخم بالعمل، وجهود حثيثة ومضنية، انتجت مشاريع صحية وتعليمية، فاصبح في كل محافظة جامعة لاتاحة التعليم العالي امام كافة ابناء البلد وباقل الكلف، وايضا مستشفى يتلقى فيه المواطن العلاج دون تحمل عناء السفر والتعب من محافظة الى اخرى.
عشرون عاما مضت، وجلالة الملك عبدالله الثاني يشق طريق الامان للاردن وابنائه رغم العاتيات في المحيط الملتهب، فتعزز الامن والامان وارسى قواعد سيادة القانون لتحقيق العدالة والمساواة بين افراد شعبه.
ويمضي الاردن في عهد عبدالله الثاني الميمون. نضوب المساعدات والظروف الاقتصادية الصعبة التي فرضتها نار الفتنة والطائفية والارهاب في المنطقة لم تعيق الاردن عن مواصلة مسيرته التنموية، فالشعار الذي رفعه جلالة الملك بتحويل التحديات الى فرص نجح في جعل الاردن وجهة طبية سياحية على مستوى المنطقة ومحجا سياحيا لمختلف اجناس العالم الذي ننتمي اليه، والاهم ان البنية التحتية والخدمات التعليمية والصحية لم تعد مطلبا للاسرة الاردنية التي اصبح في محيطها كل شيء.
وحتى يبقى الاردن في المقدمة رغم شحة امكانياته، كرس جلالة الملك عبدالله الثاني ثقافة الاعتماد على الذات بين افراد شعبه، فدحر ثقافة العيب بين الشباب، ونجح في وضع الاردن على سكة الانتاج من خلال المشاريع الاقتصادية الانتاجية في مختلف انحاء المملكة.
ومشروع منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، واحد من اهم الدلالات على فكر جلالة الملك عبدالله الثاني الابداعي في خلق حالة اقتصادية جديدة تولد عشرات الالاف من فرص العمل لابناء شعبه. فهذه الرؤية التي بدء بترجمتها عام 2002 جذبت استثمارات عاملة حاليا بنحو 80 الف فرصة عمل وينتظر ان تشهد العقبة اسثتمارات مماثلة في السنوات المقبلة.
ونجاح العقبة بان تكون عاصمة الاردن الاقتصادية رغم الظروف الصعبة والاستثنائية التي واجهتها بدءا بالازمة الاقتصادية العالمية وبعدها تداعيات ما سمي بالربيع العربي، لم يكن ليتحقق لولا المتابعة الحثيثة والدقيقة لهذا المشروع الفريد عالميا من قبل جلالة الملك عبدالله الثاني.
وهذه المتابعة السامية ساهمت في تمكين الشباب الاردني من جنوب المملكة وشمالها وغربها وشرقها ان تجني ثمار الانجازات التي تحققت في ثغر الاردن الباسم وآخرها انجاز المنظومة المينائية الاردنية التي وضعت العقبة على خارطة المنافسة الاقليمية والعالمية لوجستيا.
والاهتمام الملكي بالعقبة الخاصة ينسحب على كافة محطات التنمية الاقتصادية في ربوع المملكة الاردنية الهاشمية بدءا بالمناطق الصناعية المؤهلة، وليس انتهاء بالتوجيهات السامية للحكومات المتعاقبة بتوفير البيئات الاستثمارية المحفزة في كل محافظة لتحقيق التنمية الوطنية الشاملة والحد من معدلات البطالة والفقر فيها.
والفكر الهاشمي الذي يحمله جلالة الملك عبدالله الثاني، كان سلسبيل معالجة الاختلالات الاجتماعية ومحاولات اختراق سياسية خارجية لضرب وحدة الصف الوطني والمساس بالعقد الاجتماعي بين الشعب والعرش.
وهذه القلاقل التي ظهرت هنا وهناك لم ينسفها الملك من دابرها بالنار والدم، وانما بالحوار الذي اصبح نهجا بين الشباب المؤمنين بوطنهم ومنجزاته والذين يستعدو لتسلم دفة ادارة شؤون البلاد مستقبلا.
والحوار الذي سنه الهاشميون منذ انطلاق الثورة العربية الكبرى وحتى يومنا هذا كان الضمانة الوحيدة لديمومة امن واستقرار الاردن ولفظ كل فكر متطرف يرفض التعامل او التعايش مع الاخرين.
ومن اجل اردن افضل، ارتكز جلالة الملك عبدالله الثاني في اوراقه النقاشية السبعة على الحوار لضمان نهضة الاردن والدفع بعجلة التنمية الى الامام وتمكين كل مواطن من المشاركة في صناعة القرار من خلال الانخراط بالعمل الحزبي الوطني ضمن تكتلات لا تزيد عن عدد زوايا المثلث الواحد.
وجلالة الملك قدم وصفة سياسية للاردنيين من اجل الوصول مستقبلا الى مرحلة تداول السلطة بين هذه التكتلات الثلاثة من خلال انتخابات برلمانية تتنافس فيها الاحزاب وليس الافراد.
ومن قاعدة ان اساس الانسانية السلام المستند الى الحوار، فقد حافظت الديبلوماسية الاردنية بقيادة الملك عبدالله الثاني على حق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة واقناع العالم بخطر المساس بهوية القدس الاسلامية العربية ولجم الحكومة الاسرائيلية بعدم العبث بها من خلال عملية التهويد التي تحاول فرضها بين وقت واخر.
وبموازاة تعزيز جلالته للثوابت الاردنية المتمثلة بثالوث الولاء والانتماء ( الله، الوطن، الملك) فقد ارسى قائد المسيرة الحوار والحرية والديمقراطية مرتكزات ثابتة واساسية للحياة السياسية الاردنية.
وهذه المنظومة الفكرية الهاشمية التي يؤمن بها الاردنيون، نذر نشامى القوات المسلحة وفرسان الحق في المخابرات العامة والدرك والامن العام والدفاع المدني انفسهم لحمايتها والذود عنها حتى يكون الاردن وفق ما تريده قيادته وابنائه وليس وفق الاجندات السوداء التي فشلت كل محاولات عبثها بامنه واستقراره بدماء الشهداء الطاهرة من عسكر ومواطنين.
فهذا الدور المستمد من رسالة المصطفى صلى الله عليه وسلم جعلت العسكر خطا احمر عند الاردنيين، واحمرار لون هذا الخط اشتد بعد كوكبة الشهداء التي قدمتها اجهزتنا الامنية في سبيل حماية الاردن ومنجزاته من قوى الشر والضلالة واصحاب ثقافة القنابل والمفخخات العمياء التي استهدفت رسالة عمان ومضامينها السمحة في نشر السلام والوئام والتعايش بين ابناء هذه الارض.
وما حققه ويحققه نشامى الجيش والاجهزة الامنية عبد الطريق لمزيد من الانجازات وتحقيق طموحات كان الكثير منا يعتقد فيما مضى انها مجرد احلام.
عشرون عام مضت، والانجازات تتراكم في كأس التنمية. وجاحد من يواصل النظر الى الجزء المتناقص من الفراغ.
واذا اختلفنا على البرامج والسياسات، فان الملك دائما يجمعنا لانه ضمانة نهضتنا واستقرارنا وامننا. وفي عيد مولدك وذكرى تولي سلطاتك الدستورية، سيدي، ننبذ كل الخلافات وتنفق في تهانينا وامنياتنا بالابتهال الى الله لك، بالعمر المديد لايماننا بانك القائد والباني والمعزز والحكيم والرشيد وناصر المظلوم وحاضن الاحرار وحامل رسالة المصطفى صلوات الله عليه وسلم.
مولاي، كل عام وانت دائما بخير
خالد فخيدة