أيها الولد .. وكل مولود ولد .. كنت في ظهره .. حملك رغم أنفه .. مشى بك وحملك عاليا’ فمن يومه يريد لك العلو ..وكنت عليه عبئا’ .. فأنت في ظهره لعلك تكون سنده !! حين غادرته كان فرحا’ لأنه ضمن لك مكانا’ آمنا’ . ضمن أنك في كيس الرحمة ، في رحم رحيم سيحتصنك ويغذيك ويحميك ويسهر لأجلك ويبكي لألمك ، يأكل لتأكل ، ويشرب لتشرب ..هذا العطاء منه ومنها وهما لا يعرفانك بل هما منقادان للأمل .
أيها الولد ذكرا’ كنت أم أنثى . لقد ضمك وضمتك وكلاهما وقف معك ، يقصدان صيانتك ، يريدان رفعتك وتقدمك ، يناقضان كل سوء يقصدك ويسعى ليصيبك.
أيها الولد . أخذت دمها ..حليبها..حديدها..أعصابها ..عاطفتها..ومنهن من فقدت روحها والولد يغادرها!! . فما الذي فعلته أنت ؟ أزعجتها بصراخك وأزكمت أنفها بعذراتك وأغرقت ثيابها بمائك . أرهقت جسدها وأسهرت ليلها وأضعفت قوتها فهل تقدر على مكافئتها؟ هل انت قادر على دفع الثمن ؟ هل ستعدل الميزان ؟ هل أنت من أهل العدل ؟ هل تستطيع مجاراة ما فعلاه لك ؟ فرحوا بقدومك فذبحوا وأذنوا وأقاموا وزغردوا فما أنت فاعل ؟ مسابقتك خاسرة ، ورهانك فاشل ، وليس أمامك سوى ( الاعتراف ) و ( الإجلال) وإياك و ( أف ) . خسرت المباراة والمجاراة ، فرحت تقتل وتنهر وتبخل وتتمنى وتتخيل، تلقي في بيوت العجزة، وتسرع للسرقة كما جمعاه لك مع أنهما أعطياك وأنت ضعيف فهلا استحييت وكففت إن لم تستطع المكافأة . لا تنس قبل المغادرة ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) ؟
أيها الولد . لا تنس ( كما تدين تدان ) و ( تلك الأيام نداولها ) . إياك والمغادرة الثانية دون التزود بالرضا ، فإن غادرت بدونه فتلك الطامة الكبرى ولات ساعة مندم .
د. بسام العموش