إذا كنت من مربي الدجاج، وكانت السماء ملبدة بالغيوم، تقوم فورا بإعادة الدجاجات الى الخم، وتغطيته جيدا، وتضع العلف والماء داخل الخم، بحيث إذا ما هطل المطر بغزارة اطمأننت أنك أخذت الاستعدادات اللازمة حتى لا تصاب الدجاجات بأذى.
منذ أيام والعالم على أعصابه من الضربة الأميركية لسورية، وبعض شركات الطيران أوقفت رحلاتها للمنطقة، والبوارج البحرية التي تتحرك في البحر الأبيض المتوسط أكثر من عدد سيارات سرفيس العبدلي، ومع كل ذلك لم تبد حكومتنا أي اهتمام أو خوف مما يحدث.
إذا جيرانك عندهم عرس، من باب رفع العتب بتعزم على حمام العريس، وتعرض عليهم أن يضعوا النسوان في حوش الدار، وتضع ماء البئر تحت تصرفهم، بينما إذا حصل عندهم وفاة، بتحلف عليهم غير يعطوك يوم، وتطفئ التلفاز، وتمنع زوجتك حتى من نشر الغسيل خارج المنزل شعورا مع الجيران.
عند جيراننا كادت أن تندلع حرب عالمية، والحكومة تراقب أسعار النفط وليس الصواريخ التي اذا ما انحرفت قد نصبح دجاجا على الفحم.
روسيا والولايات المتحدة إذا ما اشتبكتا، لن تحملا لبعضهما بعضا قناوي وأمواس كباس وشباري، ولن تهددا بعضهما بعضا بـ”بورجيك”، وللعلم ترامب اذا ما تدخل عدد من وجوه الخير للصلح بينهما على استعداد أن تبرد النسكافيه أمامهم من دون أن يبدي أي اهتمام بوساطتهم ومسعاهم للخير، ولن يطلب تجديد النسكافيه لأنه سيرفض مطلبهم بالصلح، وسيخذل الجاهة ولن يحلف عليهم حتى بأخذ واجبهم من البرجر والمايونيز!
هذان إذا اشتبكا بالصواريخ لن تميز الليل من النهار، وحكومتنا الرشيدة ربما تعتقد أنهما لو اشتبكا ستنقطع الكهرباء لساعات، أو قد يتأخر استيراد قمر الدين لشهر رمضان.
الحكومة قبل مباريات الفيصلي والوحدات، تحذر وتنبه من سيرتكب أعمال الشغب، وتستنفر قوات الدرك، وتجيش وسائل الإعلام للحديث عن الوحدة الوطنية، وتعلن عن أرقام غرف عمليات الطوارئ، بينما في مباراة روسيا وأميركا لم يتحرك حتى وزير الصحة لتفقد رصيد بنك الدم!
يبدو أن الحكومة بحاجة للصواريخ وتتمناها، فهي من ستقضي على ما تبقى من الطبقة الفقيرة، وهي من ستحاسب الفاسدين، وهي من ستقضي على البطالة، وهي من ستقلص العاملين في القطاع العام من دون حاجة لإعادة الهيكلة، وهي من ستمتلك حرية التصرف بأموال الضمان لأن معظم المشتركين أصبحوا متوفين، وستحل أزمة السير، وستتحلل الحكومة من وعد الخروج من عنق الزجاجة طالما الصاروخ لن يبقي أثرا للزجاجة!
حين بدأت الضربات الجوية على سورية، لم يخرج علينا حتى الناطق الرسمي باسم وزارة الزراعة ليؤكد أن موسم البطيخ سيكون بخير، ولم يطلب منّا أن نحتاط ولو على برغل، ولم تقم الحكومة بأي حملة توعوية لكيفية التصرف مع الغازات الكيميائية إن تسربت إلينا، وهل شم البصل يقي منها أم لا؟!
الحكومة لا عندها ولا عند بالها، فمن يقضي على الطبقة الفقيرة من دون أسلحة قادر على القضاء على الصواريخ من دون مضادات أرضية، ومن استطاع أن ينفر المستثمرين لن يعجز عن تنفير الغزاة الطامعين، ومن يسد العجز المالي برفع أسعار البلابيف بكل تأكيد قادر على صد الصواريخ بصواني الشاي.
في عهدها، تراجعت أعداد السياح وتحويلات المغتربين وإيرادات الضرائب والجمارك، يبدو أن وجهها فقط يكفي لتراجع الصواريخ، وهذا مصدر اطمئنانها!
صالح عربيات