كتّاب

ساعدوا الملك

مسألتان يتوجب أن لا تسقطا من كل اعتبار وطني نقي عندما تتاح للمرء فرصة التواصل مباشرة مع جلالة الملك في حوار لم تنقصه المكاشفة والصراحة والوضوح.

أولا- عندما يتعلق الأمر بالحساب الذاتي والمراجعة الوطنية ينبغي تجنب الإقامة مطولا في منطقة “التشخيص أو التشكيك” فتلك ثنائية مقلقة وعبثية لا تعفي أي أردني محب لوطنه من مسؤولية المشاركة في الحلول والمقاربات والمعالجات.

ثانيا- الواجب الأخلاقي والديني والوطني يتطلب تجنب خطاب الكراهية والتضاد والانقسام والتثوير والتأزيم بصيغة تحاول إعادة شعبنا الوفي إلى المربع الأول ولا تليق به وبعمقه الحضاري وحسه القومي العروبي.

تشرفت شخصيا مع نخبة من أصحاب الرأي والقلم مؤخرا في الإصغاء للمفردة الملكية وراقبت مع رفاقي مستوى المصارحة والمكاشفة وتلمست الحرص الشديد على تجاوز مرحلة صعبة ومعقدة يستحق شعبنا الأردني العظيم أن ينفذ منها بكرامة فهو الشعب الذي صاغ الكرامة أصلا.

الإصغاء لقائد كبير مثل الملك عبد الله الثاني يعني الاستمتاع بوجبة مدهشة من المكاشفة والشفافية والاطمئنان بالنسبة لي كمواطن إلا أن التفاصيل قيد رقابة الملك والتشخيص لا يحتاجه صاحب القرار فهو يشارك كل أردني في تحديد المشكلات ويسعى بحرص وإخلاص إلى قلب الصفحة والتطلع لتحديد الاحتياجات حتى تتجاوز بلادنا العزيزة أزمة الواقع الإقليمي فالأجندات الدولية الكبرى متكالبة والأوضاع غير مستقرة ومن يضغطون على الأردن ويحاولون ابتزازه سياسيا كثر، الأمر الذي يستدعي فعلا بناء وتمتين الصف الداخلي وقبل ذلك يستدعي تجاوز منطقة الشكوى والتذمر والسلبية إلى مسافة أكثر أمنا تجاه الثقة بالمؤسسات والدولة.

حتى نقترب من أي صيغة على مسافة آمنة من الإنجاز والإنتاج ثمة رؤية ملكية ثاقبة ومنهجية تأخذ بالاعتبار كل مخاوفنا وهواجسنا تلك التي نقولها وتلك التي نخفيها كأردنيين ومن ينكر المنجز المؤسساتي والوطني هنا إما جاهل أو حاقد أو موتور.

تحدثنا بصراحة مع جلالة القائد واقترحنا “تصفير المشكلات” عبر معالجتها بإرادة وجدية وتكثيف
العمل البرامجي على تصليب وتمتين الجبهة الداخلية، الأمر الذي قد يتطلب العودة لصيغة الميثاق الوطني الثاني لتحصيل توافق وطني عام يجمع ولا يفرق.

لابد فعلا من مراجعة وطنية شاملة تعيد النظر بمجمل الاتجاه والخط الاقتصادي الذي ثبت إخفاقه.

ونرى بأنه لم يعد من المقبول أن تبقى تيارات حزبية وسياسية واجتماعية مهمة وتمثل شرائح واسعة في مجتمعنا مثل الحركة الإسلامية أو غيرها خارج قواعد المشاركة والحوار الوطني البناء.

وقلنا بأن الأدوات الموثوقة في حضورها الوطني تبني ولا تهدم ويمكنها أن تساعد في استعادة المصداقية ودفع المجتمع لفتح صفحة جديدة بدلا من البقاء في دائرة التربص والتشخيص والتشكيك.

وذلك مع الإدراك المسبق بأن حاجة الوطن ملحة لترسيم حدود العلاقة والاشتباك بين ما هو”أمني” وما هو”سياسي” بحيث يعم الاحتراف وتتحدد المسئوليات ولانتخابات جامعة حرة ونزيهة جدا تبدأ بقانون حقيقي ومتطور تعيد لواجهة العمل الوطني التشريعي ممثلون ثقات وزعامات وطنية مسيسة من الصنف المؤمن بالخدمة العامة وما ينفع الناس والوطن والدولة.

نقول وبعدما استمعنا مباشرة لجلالة القائد وبالصراحة التي عهدناه بها بأن البقاء لفترات أطول في دائرة التشخيص والاسترسال في الشكوى والتذمر ليس أكثر من لطمية درامية لا معنى لها لأن المطلوب تقديم إجابات حريصة ومسؤولة وطنيا بدلا من الاستمتاع بطرح أسئلة معلقة الله وحده أعلم بهوية الأجندة المريضة التي تستثمر فيها أو تتغذى وتسمن من التوقف عندها.

هذا التراب منا ولنا .. ما عليه علينا وما هو له لنا وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته وأسهل ما في التعاطي مع ضباب الإقليم مرحليا هو الانتظار أو الانتقاد فقط والحرص على تثوير وتأزيم المجتمع من أجل مصلحة ذاتية صغيرة أو بسبب.

لسنا هنا في مجال التشخيص فقد شبعنا منه والأردني الوفي المخلص لترابه اليوم هو ذلك الذي يشعل شمعة تفيد البلد والناس بدلا من الاشتباك مع الظلام وادعاء الطهر والنقاء وبدلا من البقاء في العتمة لأنها مفيدة ومنتجة لذاته أو لشلته أو لمنطقته أو عشيرته على حساب حديقة الوطن.

قريتنا كانت ولا تزال صغيرة ويعرف كل منا الآخر لكنها بوسع الكون والكرة الأرضية شرفاً ونقاءً وطهراً وانتماءً والفاسدون واللصوص يخططون للاستثمار في اللحظة الراهنة وإبقائنا في حالة انشغال بأثوابنا لاسترخاء القبضة عليهم.

ولكي يستمروا في غيهم وطغيانهم يراكمون المال الحرام وينهبون أحلام هذا الشعب ويرتدون ثوب النجاسة نكاية بالطهارة.

هؤلاء جزء منا حتى نتجنب الإنكار المريض والقاعدون عن العمل والإنتاج بعضنا أيضا والقابعون في العتمة كذلك وبيننا السلبيون والتأزيميون لكن بيننا أيضا أصحاب الحق بالرأي السديد ومن يرفع صوته في الشارع أملا في المرجعيات واستجابة لغياب الإنصاف وسعيا لأردن أجمل وأرقى.

ثمة شرائح عدوة للشعب الأردني ولمصالحه كما هي عدوة للدولة والمؤسسات والرهان علينا مع السلطة والحكومة في نبذ الفاسدين ومحاصرة المقصرين وفي تثوير الطاقات الشابة وتحذير المجتمع وتفصيح الأجيال لبناء المستقبل لأن من لا يعمل اليوم بروح من المسؤولية والوطنية سواء
كان في مؤسسات القرار أو في شرائح المجتمع ينضم جهلا للمتآمرين على هذا الوطن.

جزء من هواجسنا مصطنع أومبالغ فيه صحيح.

لكن الصحيح أيضا أن بعض تلك الهواجس ناتج عن تكلس مفاصل الحلقات الوسيطة وتزاحم المتاجرين بالولاء ورموز الترهل ومعيقي الإنتاجية وهم كثر في الخارطة.

مقابل التورم في طرح الأسئلة والتشتيت والتأزيم ثمة أنيميا في الإيجابية والتفكير الإنتاجي وهي حالة لا أتصور إطلاقا أنها تخدم إلا المشروع الصهيوني وطموحات التوسع والسيطرة والاستحكام الإسرائيلية.

الولاء في غير مكانه وبعيدا عن الإنتاج والعمل الحقيقي بالميدان مثل العشب الضار تماما .. يلتهم نضارة الزرع ويهلك الحرث وهذه مهمة غير منتجة لا يدانيها في التعدي على حقوق الأردنيين ومستقبلهم إلا وظيفة مجموعات التشكيك بالوطن والمؤسسات ..

رسالتي باختصار تتعلق بإعادة إنتاج مفهومنا لتشخيص تحديات المرحلة الصعبة فالله لا يغير ما في قوم حتى يغيروا ما في أنفسهم ولدينا من الوثائق والمرجعيات ما يكفي للمواجهة والتصدي وشرعية الإنجاز خارج السؤال ومؤسساتنا الرسمية اختبرناها منذ قرن وعليه فالمطلوب واضح ومحدد :.. حتى نساعد أنفسنا علينا أن نساعد جلالة الملك.

المهندس مروان الفاعوري الأمين العام للمنتدى العالمي للوسطية

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *