اخبار الاردن – وسط بحر من الإشاعات والأنباء غیر المؤكدة، تطفو حكومة الدكتور عمر الرزاز على موج یدفع بھا إلى شاطئ ما یزال یتأرجح بین خیارات تقلیدیة ثلاثة؛ التغییر، التعدیل، الثبات.
خصوم الحكومة یطرحون سیناریو الرحیل، وإن أرادوا التلطف بھا یتحدثون عن تعدیل واسع یطاول مراكز وزاریة مفصلیة، بینما یكتفي مریدوھا بالصمت أحیانا أو بالتأشیر إلى تأكدھم من بقائھا وفي أسوأ الأحوال إجراء تعدیل آخر یكون ”محدودا“ علیھا.
الحكومة التي تشكلت في 14 حزیران (یونیو) من العام الماضي، على وقع ”احتجاجات رمضان 2018 ”التي أطاحت بحكومة الدكتور ھاني الملقي، لیتولى رئاسة الوزراء الدكتور الرزاز بحكومة جدیدة تكونت من 29 وزیرة ووزیرا.
أربعة أشھر فقط على بدء عملھا، وكانت حكومة الرزاز تشھد أول تعدیل وزاري، أجراه الرئیس في 11 من تشرین الأول من العام الماضي، ثم اتبعھ بتعدیل ثان بتاریخ 22 كانون الثاني من العام الحالي.
التعدیلان السابقان تنوعت أسبابھما، ففي الأول حاول الرئیس، بعد حصول حكومتھ على ثقة مجلس النواب بأغلبیة 79 نائبا (مقابل: 42 حجبوا الثقة، ونائبین امتنعا عن التصویت)، التجاوب مع سیل ملاحظات وانتقادات عدیدة لتشكیلتھ، وكان تعدیلا واسعا شمل تسع حقائب.
التعدیل الثاني جاء لتصویب وضع الحكومة بعد استقالة وزیري التربیة والتعلیم، والسیاحة والآثار، إثر حادثة ”فاجعة البحر المیت“ التي أسفرت عن 22 شھیدا وأكثر من 40 جریحا في سیول عارمة اجتاحت وادي زرقاء ماعین في 25 تشرین الأول من العام الماضي. وجاء التعدیل ”محدودا“ وشمل 4 حقائب.
وحالیا، وعلى أعتاب رمضان 2019 ،تطل متلازمة الثلاثة – أربعة أشھر برأسھا، فیتصاعد الحدیث مجددا عن قرب إجراء تعدیل ثالث موسع على حكومة الرزاز، بینما تتسرب إشاعات تقول إن المطروح رحیل الحكومة برئیسھا، لتحل مكانھا حكومة جدیدة.
وبینما یبقى القرار الأول والأخیر بید صاحب الولایة، جلالة الملك عبدالله الثاني، تدور في الصالونات السیاسیة، أحادیث عن خیارات عدیدة، غالبا ما تتوافق مع أھواء مرددیھا الذین یطرحونھا دون تقدیم ما یثبت صحتھا.
الحكومة تصطدم بجدار مسلح من معوقات اقتصادیة عمیقة، تبدو حتى الآن عاجزة عن إحدات اختراق نوعي فیھ، رغم كثرة حركتھا وتناوب تصریحاتھا وتطمیناتھا بقرب الانفراج، والبلاد على مشارف رمضان 2019 ،ذاك ھو الأمر الوحید الذي یجمع علیھ الجمیع؛ خصوما ومریدین.
وأمام معطیات أقلھا تعتبر أن الحكومة تراوح محلھا، وسط أفق مسدود؛ سواء اقتصادیا أو سیاسیا، یتفق كثیرون على أن منجزات الرزاز وحكومتھ مخیبة لسقف التوقعات المرتفع أساسا، وھنا تتوالى وتتصاعد أحادیث قرب الرحیل أو التعدیل، مقدمة سیناریوھات متعددة، تنبثق عن أمرین لا ثالث لھما؛ إما البقاء على حالھا أو مع تعدیلھا أو إعادة تشكیلھا، وإما الرحیل وحلول حكومة جدیدة مكانھا.
ووسط صمت حكومي ورسمي، یذھب السیناریو الأول إلى أن الرزاز تقدم بالفعل لجلالة الملك بطلب لإجراء تعدیل موسع على حكومتھ، قد یشمل تسع حقائب، متعجلا بأن یتم التعدیل قبل حلول رمضان، لتجاوز عقبتھ وتقلیل احتمال عودة احتجاجاتھ.
السیناریو الثاني، یذھب إلى ما ھو أبعد، بترجیح أصحابھ، من سدنة الصالونات السیاسیة، قرب رحیل الحكومة لتحل مكانھا واحدة جدیدة، تتولى زمام الرابع، في وقت لا تتوقف فیھ التحدیات أمام جدار الأزمة الاقتصادیة، بل تمتد لتشمل جوانب سیاسیة كبرى تتمثل في صفقة القرن، المرفوضة أردنیا وفلسطینیا، والتي تقول الإدارة الأمیركیة أنھا ستعلنھا بعد عید الفطر المبارك.
لا یغفل السیناریو الثاني، الحدیث عن ضرورة إجراء تعدیلات دستوریة تمر في مجلس الأمة، وتتیح للحكومة التي یحل مجلس النواب في عھدھا، البقاء لا الرحیل، ذلك باعتبار أن أي حكومة جدیدة ستجد نفسھا بعد فترة وجیزة أمام استحقاق إجراء الانتخابات النیابیة، صیف العام القادم، ما یعني رحیلھا.
على أن تنفیذ ھذا السیناریو، إن كان الأمر سیتم قبیل رمضان، یتطلب دورة استثنائیة لمجلس الأمة یتم فیھا إدراج تعدیلات دستوریة تمھد لحكومة جدیدة، یمكنھا الاستمرار بعد الانتخابات النیابیة المقررة، حسب الدستور صیف العام المقبل مع انتھاء ولایة المجلس الحالي.
وبین ھذا وذاك، ثمة سیناریو ثالث، یقول إن الرزاز سیجري تعدیلا موسعا على حكومتھ، وسیبقى في الدوار الرابع، حتى ینقضي رمضان، وتنجلي تفاصیل صفقة القرن، لتشھد البلاد بعد ذلك، وعلى الأرجح بحلول نھایة العام، حركة سیاسیة تشمل إجراء تعدیلات دستوریة، خلال الدورة العادیة لمجلس النواب، المقرة دستوریا في تشرین الأول القادم.
وبعد ذلك، وحسب السیناریو الثالث، یستمر مجلس النواب في أداء مھمتھ حتى الشھرین الأولین من العام القادم، لیتم حلھ، تمھیدا لإجراء انتخابات جدیدة قد تكون في نھایة ربیع العام القادم، أي قبل أشھر قلیلة على الموعد الدستوري، لیترافق ذلك مع تشكیل حكومة جدیدة.
مروجو السیناریو الثالث، یسندون موقفھم بأن البلاد، والمنطقة، أمام تحولات سیاسیة كبرى، یخشى الأردن تبعاتھا علیھ، ویربطون بین الاستعصاء الاقتصادي وبینھا، باعتبار الاقتصاد واحدا من أشكال الضغط على المملكة لدفعھا لتخفیف حدة رفضھا لصفقة القرن المرتقبة والمقلقة في نفس الوقت.
ھؤلاء یقولون إن ”التریث“ في تغییر الحكومة وإجراء التعدیلات المطلوبة، یأتي من باب ”الترقب“ انتظارا إلى ما ستؤول إلیھ الأمور، في حال نفذت الإدارة الأمیركیة قولھا وأعلنت صفقتھا، وما یلي ذلك من تبعات، لیأتي التغییر أردنیا، بما یتطلبھ الأمر لمواجھة المستجدات، حسب مصالح المملكة.
وحتى الآن، لا أحد یعرف على وجھ الدقة أي السیناریوھات ھو الصحیح، فیما ستكشف الفترة القلیلة المقبلة، حقیقة ما تتناقلھ الصالونات السیاسیة من أنباء لا تزال في طور التكھن تارة والأمنیات تارة أخرى.الغد