اخبار الاردن – دخل خبراء دوليون أمس مدينة دوما، وفق الاعلام الرسمي السوري، للتحقيق في هجوم كيماوي مفترض وقع قبل عشرة أيام واتهمت دول غربية دمشق بشنه ما دفعها لتوجيه ضربات عسكرية في البلاد.
ويأتي ذلك في وقت أبدت باريس وواشنطن مخاوفهما من احتمال عبث بالأدلة في المدينة التي تنتشر فيها منذ يوم السبت شرطة عسكرية روسية وسورية.
في الوقت ذاته، أعلن الاعلام الرسمي السوري امس التوصل الى اتفاق جديد لإخراج مقاتلين معارضين من مدينة الضمير التي كانت تُعد منطقة “مصالحة” تحت سيطرة فصيل جيش الاسلام
وأوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن “خبراء لجنة الأسلحة كيماوية يدخلون مدينة دوما” بعد ثلاثة أيام على وصولهم إلى دمشق حيث عقدوا لقاءات مع مسؤولين سوريين وسط تعتيم من قبل الطرفين على برنامج عمل فريق تقصي الحقائق.
وكان من المتوقع أن يبدأ فريق تقصي الحقائق التابع لمنظمة حظر الأسلحة كيماوية عمله الميداني الأحد. وأعلنت المنظمة الدولية ومقرها لاهاي الاثنين أن المسؤولين الروس والسوريين “أبلغوا الفريق انه لا تزال هناك قضايا امنية معلقة يجب الانتهاء منها قبل الانتشار”.
واعتبرت وزارة الخارجية الفرنسية امس أنه “من المحتمل للغاية أن تختفي أدلة وعناصر أساسية” من موقع الهجوم الكيماوي المفترض في السابع من نيسان/أبريل، والذي أودى بحسب مسعفين وأطباء بحياة أكثر من 40 شخصاً.
ويعود ذلك، بحسب الوزارة، إلى كون مدينة دوما باتت تحت سيطرة القوات السورية والروسية.
ولحقت باريس بذلك بركب موقف الولايات المتحدة الذي قال مندوبها لدى منظمة حظر الاسلحة كيماوية الاثنين “قد يكون الروس زاروا موقع الهجوم”، مشيراً الى “احتمال أن يكونوا عبثوا به”.
ورفضت روسيا امس الاتهامات الفرنسية بأنها تمنع الدخول الى مكان الهجوم الكيماوي المفترض في سورية ودعت الدول الغربية الى “التوقف عن التلاعب بالرأي العام” في هذه القضية.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زخاروفا “من غير الواضح لماذا تتحدث وزارة الخارجية الفرنسية باسم منظمة حظر الاسلحة كيماوية. اذا واجه المفتشون مشاكل، بإمكانهم أن يصرحوا هم بذلك”.
وقالت زخاروفا “ندعو الدول الغربية التي شاركت في القصف غير المشروع على سورية بالتوقف عن التلاعب بالرأي العام والتدخل في عمل المنظمات الدولية”.
من جهته، قال السفير الروسي للامم المتحدة فاسيلي نيببنزيا ان جهود الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في الامم المتحدة لبدء تحقيق جديد في الاسلحة كيماوية في سورية وانعاش محادثات السلام “تأتي في غير وقتها”.
وطرح الحلفاء الثلاثة السبت مشروع قرار في مجلس الامن بعد ساعات من شن ضربات عسكرية على ثلاثة مواقع يشتبه في أنها ترتبط ببرنامج سورية للاسلحة كيماوية.
ويدعو مشروع القرار الى فتح تحقيق جديد لتحديد مرتكبي الهجمات كيماوية في سورية والدفع من اجل تفكيك جميع اسلحة سورية كيماوية والدعوة الى وقف لاطلاق النار والمطالبة بدخول محادثات سلام.
وصرحت سفيرة بريطانيا الى الامم المتحدة كارين بيرس للصحفيين انه “تجري مناقشة القرار ولكننا لا نتطلع الى التقدم السريع حول هذه المسألة”.
وينتشر حالياً عناصر من الشرطة العسكرية الروسية والسورية في مدينة دوما بعد اعلان الجيش السوري السبت الفائت استعادة كامل الغوطة الشرقية قرب دمشق مع خروج آخر المقاتلين المعارضين من دوما.
وتواجه البعثة مهمة صعبة في سورية بعدما استبقت كل الأطراف الرئيسية نتائج التحقيق، بما فيها الدول الغربية.
ويهدف عمل البعثة بالدرجة الأولى الى تحديد ما اذا كان تم استخدام مواد كيماوية، ولا يقع على عاتقها تحديد الجهة المسؤولة عن الهجوم.
وفيما أشادت واشنطن بالضربات التي استهدفت ثلاثة مواقع سورية فجر السبت، قللت كل من السلطات السورية وفصائل المعارضة من تداعياتها، خصوصاً أن المواقع المستهدفة كانت خالية بعدما أبلغت الدول الغربية روسيا بأمرها.
وأقر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ان الضربات “لا تحل شيئا”، واعتبر أنها “تضع حدا لنظام اعتدنا عليه، نظام كان معسكر أصحاب الحق سيتحول فيه نوعا ما إلى معسكر الضعفاء”.
وقال إن الضربات جاءت “حفاظا على شرف الأسرة الدولية” التي طالما نددت باستخدام مواد كيماوية في الحرب السورية، مشددا على ضرورة التركيز على التوصل الى حل سياسي يشمل جميع الأطراف.
وحذر وزير الدفاع الفرنسي النظام السوري من “رد مماثل” في حال “اجتاز الخط الأحمر مرة جديدة”.
ورأى مراقبون عدة أن الرئيس السوري بشار الأسد خرج أقوى بعد الضربات “المحدودة” ضد مواقع خالية كونها اظهرت عدم قدرة الغرب او حتى عدم استعداده للاطاحة به.
وأعلن مصدر في قصر الإليزيه مساء الإثنين أن ماكرون بدأ إجراءات ترمي الى تجريد الأسد من وسام جوقة الشرف الذي قلّده إياه الرئيس الأسبق جاك شيراك في العام 2001.
ووسام جوقة الشرف هو أعلى تكريم على الاطلاق في الجمهورية الفرنسية ويعود تاريخه الى نابوليون بونابرت.
وسحبت دمشق امس تقارير حول اعتداء صاروخي على أراضيها ليلاً بعد ساعات من اعلان الاعلام الرسمي عن تصدي الدفاعات الجوية السورية لـ”عدوان” خارجي واسقاطها عددا من الصواريخ.
وقال مصدر عسكري، وفق وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إن “إنذاراً خاطئاً باختراق الأجواء الليلة الماضية أدى إلى إطلاق صفارات الدفاع الجوي وعدد من الصواريخ ولم يكن هناك أي اعتداء خارجي على سورية”.
وسارعت وزارة الدفاع الأميركية إلى تأكيد أن قواتها لا تقوم بأي عمليات عسكرية في المنطقة.
وردا على تقارير تحدثت عن غارة إسرائيلية، قال متحدث باسم الجيش الاسرائيلي ليلاً “لا علم لي بذلك”.
وكانت دمشق اتهمت اسرائيل في التاسع من نيسان/ابريل بشن غارة جوية استهدفت مطار التيفور العسكري في محافظة حمص (وسط)، حيث يتواجد مقاتلون ايرانيون ومن حزب الله اللبناني، ما تسبب بمقتل سبعة ايرانيين.
وبعد استعادة الغوطة الشرقية بالكامل، يسعى الجيش السوري حالياً الى ضمان أمن العاصمة دمشق ان كان عبر اتفاقات اجلاء جديدة او عمليات عسكرية.
وأعلن الاعلام الرسمي السوري امس التوصل الى اتفاق جديد لإخراج مقاتلين معارضين من مدينة الضمير التي كانت تُعد منطقة “مصالحة” تحت سيطرة فصيل جيش الاسلام.
وتعد الضمير على غرار مدن وبلدات عدة في محيط دمشق منطقة “مصالحة”، وهي التسمية التي تطلقها الحكومة على مناطق توصلت فيها الى اتفاقات مع الفصائل خلال السنوات الماضية. وغالباً ما تقضي هذه الاتفاقات ببقاء المقاتلين المعارضين مع توقف الأعمال القتالية، مقابل سماح قوات النظام بدخول المساعدات والبضائع اليها.
وتدور مفاوضات حالياً، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان، حول بلدات أخرى مجاورة في القلمون الشرقي وفي جنوب دمشق.
ويستعد الجيش السوري أيضاً لشن هجوم وشيك على الاحياء تحت سيطرة تنظيم “داعش” في جنوب العاصمة، والتي حشد حولها تعزيزات عسكرية كبيرة.-(ا ف ب)