اخبار الاردن – يبدو أن الوضع السوري، غير قابل للوصول إلى حالة استقرار، حتى لو نسبي، بعد إنهاء وجود المسلحين التابعين للجماعات الإسلامية من خاصرة دمشق الشرقية، في مدن الغوطة الشرقية، والخروج بأقل الخسائر على بعد الهجوم الثلاثي الأميركي البريطاني الفرنسي على الجغرافية السورية.
وفي إطار موصول، ومع تعثر وصول مفتشي الأسلحة الكيماوية إلى دوما وتأجيل زيارتهم لها أمس بعد أن أبلغ فريق أمني تابع للأمم المتحدة عن إطلاق نار في الموقع.
تدخل دمشق في دوامة التكهنات، والتصريحات التي من شأنها أن تنحى على ضوء ما كشفته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية عن خطوة اتسمت بالغرابة، تتمثل في خطة الرئيس دونالد ترامب لإحلال قوات عسكرية عربية مكان القوات الأميركية المتواجدة في سورية، مشيرة إلى أن الإدارة الأميركية طلبت من السعودية والإمارات وقطر، المساهمة بمليارات الدولارات وإرسال قوات هذه الدول إلى سورية لإعادة الاستقرار ولا سيما في المناطق الشمالية.
من جهته رد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”، أريك باهون، على ما كشفته صحيفة “وول ستريت جونال” حول اتصالات رسمية تجريها واشنطن لإحلال قوة عربية مكان قواتها في سورية.
وقال باهون إن الرئيس، دونالد ترامب كان صرح بأن بلاده طلبت من حلفائها “تقديم المزيد من المساهمات لجعل سورية مكانا مستقرا”.
وحول الادعاءات والتصريحات المذكورة، قال باهون: “الرئيس (ترامب) كان قد صرح بأن الولايات المتحدة طالبت من حلفائها، بمن فيهم شركاؤنا بالمنطقة (لم يسمهم)، تقديم مساهمة أكبر؛ لتحويل سورية إلى مكان للاستقرار والسلام وغير قابل لعودة داعش إليه مرة أخرى”.
وتابع: “سنواصل التشاور مع حلفائنا وشركائنا حول الخطط المستقبلية”.
كما أوضح أنهم ينتظرون من دول المنطقة وخارجها العمل مع الأمم المتحدة لتحقيق السلام في سورية.
من جهته قال وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير أول من أمس، إن بلاده عرضت على واشنطن في وقت سابق إرسال قوات من التحالف الإسلامي إلى سورية لمحاربة الإرهاب، لكن إدارة أوباما لم تتخذ إجراءً بهذا الشأن.
وأضاف الجبير “نحن في نقاشات مع الولايات المتحدة منذ بداية هذه السنة، وفيما يتعلق بإرسال قوات إلى سورية فقد قدمنا مقترحا لإدارة (الرئيس الأميركي السابق باراك) أوباما يفيد بأنه إذا كانت الولايات المتحدة سترسل قوات إلى سورية فإن السعودية ستفكر كذلك مع بعض الدول الأخرى في إرسال قوات كجزء من هذا التحالف”.
وأشار وزير الخارجية السعودي إلى أن فكرة إرسال قوات إلى سورية ليست جديدة وأن السعودية قدمت مقترحا لدول في التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب بهذا الخصوص قبل وبعد عرض هذه الأفكار على واشنطن، إلا أن “إدارة أوباما لم تتخذ إجراء بخصوص هذه المقترحات”.
ونوه الجبير إلى أن هنالك مناقشات تجري في الوقت الراهن مع واشنطن حول طبيعة القوات التي يجب أن تتواجد في شرق سورية ومن أين ستدخل إلى الأراضي السورية ولا يزال هذا الأمر قيد النقاش.”.
الهدف من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب تلك الخطة، كما يرى عدد من الخبراء هو ضعف الدور الأميركي في سورية، نظرًا لتواجد قاعدتين عسكريتين لروسيا هناك، وبالتالي فإنها المتحكم الرئيسي، فضلًا عن رغبة الرئيس ترامب في ضرب الأوراق العربية بعضها البعض.
واستبعد الخبراء إنشاء قوة عسكرية عربية تضم ثلاث دول “الإمارات والسعودية وقطر”، نظرًا لأزمة الأخيرة مع دول الرباعي العربي، مؤكدين أن الجيش السوري بإمكانه القضاء على الإرهابيين هناك دون الالتفاف إلى إنشاء قوة عسكرية عربية والدليل على ذلك قدرته على القضاء على ميليشيات جيش الإسلام في دوما، فضلًا عن أن الحل السياسي هو الأفضل بالنسبة لسورية.
وقال اللواء محمد عبدالله الشهاوي، الخبير العسكري ومستشار كلية القادة والأركان المصرية، إن الهدف من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإحلال قوة عسكرية عربية مكان الأميركية في سورية يرجع إلى أن الدور الأميركي هناك أصبح ضعيفًا ، وبالتالي فلم يكن بوسعه سوى الحديث عن استبدال قواته الأميركية بأخرى عربية.
واستبعد الشهاوي، في تصريحات خاصة لـ”بوابة الوفد”، إنشاء قوة عسكرية عربية تضم ثلاث دول ” الإمارات والسعودية وقطر” التي أعلن عنها ترامب نظرًا لأن الجيش السوري يقوم بدور مهم للقضاء على العناصر الإرهابية مستشهدًا بالدور الذي قام به في القضاء على مليشيات جيش الإسلام وإرغامه على تسليم أسلحته في دوما بالغوطة الشرقية، مؤكدًا أن الحل السلمي هو الأفضل لسورية دون النظر إلى إنشاء قوات عسكرية عربية، على حد قوله.
من جهتها أوضحت الدكتورة نهى بكر، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أنه كان هناك دعوة منذ عدة سنوات بإنشاء قوة عربية لمواجهة الإرهابيين ولكنها لم تلق ترحيبًا من قبل الدول العربية، مشيرة إلى أنه من الأفضل أن تحل القضية السورية بأسلوب عربي دون تدخل أي دولة.
وذكرت بكر، أن مبادرة ترامب استبدال قوات عربية بقواته الأميركية، لن تلق أي استجابة ” وسيكون هناك صعوبة في تنفيذ تلك المبادرة، نظرًا لعدم وجود توافق عربي.
ويرى الدكتور جهاد عودة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان، أن الهدف وراء إعلان ترامب إحلال قوات عسكرية عربية مكان قواته الأميركية في سورية ضرب الأوراق العربية مع بعضها البعض، وعمل اضطراب للعالم العربي.
وقال: “القوة العسكرية العربية التي تحدث عنها الرئيس الأميركي لا بد من أن تحظى بموافقة جامعة الدول العربية وتعمل في إطار الجامعة العربية، لذلك فإن الإطار المؤسسي لها غير مناسب”.
وكانت مجلة “ذي اميركان كونسرفيتف” الأميركية، قد وجهت انتقادات لاذعة لترامب، بعد أن أشار»، في مؤتمره الصحفي إلى رغبته ببقاء الجيش الاميركي في سورية طالما هناك من يمول بقاء هذا الجيش.
وكتبت المجلة: «يبدو أن حماية حياة الجنود الأميركيين والمصالح الأميركية لا تهم ترامب طالما أن هناك من يعرض دفع الثمن». وتابعت: «هذا يعني أن ترامب يعتقد أن خدمات الجيش الأميركي متاحة للاستئجار من قبل زبائننا المستبدين متى ما يقدمون قدرا كافيا من المال.
واضافت المجلة لا يكترث ترامب إذا كان البقاء في سورية يجعل أميركا أكثر أمنا او لا ، لكنه يركز فقط إذا كان هناك طرف آخر يرغب في دفع الفاتورة».
واعتبرت المجلة أن الوجود في سورية ليس مهما لأميركا إلى هذه الدرجة، محذرة من تحول القوات الأميركية إلى «جيش مرتزقة» لخدمة “الدافعين” وعبرت عن المخاوف من أن ترامب سيتخذ قراره حول هذا الموضوع انطلاقا من «اعتبارات هي أكثر خبثا».