اسابيع قليلة، تفصل بيننا وبين نقل السفارة الأميركية الى القدس، بعد اقرار الرئيس الاميركي، بكون المدينة بشقيها الغربي والشرقي، عاصمة لاسرائيل.
نقل السفارة في منتصف شهر ايار، يتزامن مع الذكرى السبعين لتأسيس دولة الاحتلال في فلسطين المحتلة، وفي سياقات النكبة العربية في فلسطين، فهي في كل الاحوال لم تكن نكبة فلسطينية حصرا، والادلة على ذلك كثيرة، ابسطها مانراه من تداعيات في كل جوار فلسطين.
من المؤسف ان يقال هنا، ان دولا كثيرة، تحفظت في الاساس على قرار النقل، ستقوم بالعودة عن موقفها تدريجيا، خلال الاعوام القليلة المقبلة.
المعلومات تقول، إن اسرائيل تلقت تطمينات من دول عارضت القرار، او تحفظت عليه، بكونها ستقوم لاحقا بنقل سفاراتها الى القدس، على ان تبدأ واشنطن هذه الخطوة، والنتيجة ان تصغير قضية فلسطين، من قضية احتلال لبلد كامل، الى قضية موقع سفارة اجنبية، ادى الى نتائج وخيمة، وكبيرة.
لكن السؤال هنا يتعلق بالاستعصاء السياسي الفلسطيني، اذ ان كل الاشكالات الكبرى، لاحل لها حتى الان، ولانعرف ما الذي ستفعله السلطة الفلسطينية لمواجهة هذا القرار، قبيل تنفيذه، وبعد تنفيذه، وهو الذي يعني فعليا، اخراج القدس، من الحل النهائي للقضية الفلسطينية، وانهاء حل الدولتين فعليا.
الكل يدرك ان السلطة الوطنية في رام الله، لا تريد حربا، ولا انتفاضة، مثلما هي عاجزة امام الحل السياسي، الذي انتهى فعليا، بعد تطورات كثيرة، حدثت.
كيف يمكن ان ترد السلطة الوطنية حصرا، على هذا الاجراء الاميركي، وواشنطن تتحكم بالسلطة من ناحية اقتصادية، وتحاصرها اسرائيل، ايضا، اضافة الى التوصيف الوظيفي الذي تمارسه السلطة، داخل الضفة الغربية حصرا، ولعل الاشكال الاكبر، يتعلق بقدرة السلطة، على الغاء اعترافها باسرائيل، وحل نفسها، وهو السيناريو الذي يحض عليه كثيرون، باعتباره الورقة الاخيرة المتاحة امام السلطة، لمواجهة هذه الانهيارات على كل المستويات؟!.
لقد ثبت ان الاعتراف الفلسطيني باسرائيل، كان كارثة كبرى، وماسبق ذلك من اعتراف مصري، ثم اعتراف دول عربية، سرا وعلنا، فاذا كان الفلسطينيون تحت تبريرات مختلفة، اعترفوا في اوسلو بثلاثة ارباع فلسطين، باعتبارها اسرائيل، مقابل قيام دولة فلسطينية، ثم لم يتحقق الجزء الثاني، من هذا الافتراض السياسي، اي قيام دولة فلسطينية، فماذا يمكن لحظتها ان نسمي استمرار الاعتراف الفلسطيني، بإسرائيل، في ظل مايجري، خصوصا، بعد تقديم القدس، بشقيها، الى اسرائيل من جانب الولايات المتحدة، عاصمة لاسرائيل، بما يمكن اعتباره نكبة جديدة، في شهر ايار المقبل؟.
في كل الاحوال نحن امام توقيت فاصل، يضغط على خاصرة السلطة، من اجل مراجعة جدوى اعترافها اساسا، باسرائيل، مادام هذا الاعتراف ادى الى نتائج كارثية على الفلسطينيين، اقلها الكلام عن كون اهل فلسطين، اعترفوا بالاحتلال ودولته فلماذا يغضب الآخرون، ويحتجون على وجود اسرائيل اساسا؟!.
شهر ايار المقبل، شهر حساس جدا، على القضية الفلسطينية، إذ إن نقل السفارة، لا يعني مجرد نقل مبنى، اذ سبق ذلك اساسا وجود القنصلية الاميركية في القدس، لكنه نقل يغير صفة القدس، على مستوى القضية ذاتها، وعلى المستوى الدولي، ويحولها الى عاصمة كبرى لاسرائيل بما يعنيه ذلك، من تتابعات، لا يصح معها، استمرار الاختباء وراء اوسلو، ولا يصح معها ايضا التمسك باعتراف الفلسطينيين باسرائيل وفقا لاسلو.
لم يعترف الشعب الفلسطيني باسرائيل، والذين اعترفوا كانوا نفرا سياسيا، لهم مواقعهم، التي على اساسها اتخذوا هذا القرار، الذي ثبتت كارثيته اليوم، وعليهم جميعا، ابطال هذا الاعتراف، بعد ان ثبت انه كان محاولة للنجاة عبر الانتحار!.
ماهر ابو طير