كتّاب

العطر الذي يهب من «غَربا» على ضريحي هزاع و حابس

تصادف اليوم الذكرى الـ17 لرحيل المرحوم المشير حابس ارفيفان المجالي، قائد الكتيبة الرابعة (سماها الملك عبدالله الأول: الكتيبة الرابحة) التي ساهمت بقوة في حماية القدس والضفة الغربية في معارك جيشنا العربي الأردني مع الحركة الصهيونية التوسعية عام 1948 في اللطرون وباب الواد.
تفرّد المقاتل الساموراي والشاعر العفوي حابس المجالي بأن امه ولدته في الحبس التركي في معان، حين حبس الاتراك أحرار الأردن وماجداته الذين ثاروا على ظلم العثمانيين، فأعدم كواكب منهم في الأردن وسوريا ولبنان، وحبس كواكب أخرى من الاحرار في كل سجون بلاد الشام.
في معركة باب الواد تمكنت القوات الأردنية بقيادة حابس من تحرير مدينة القدس من يد القوات الإسرائيلية. وقال عنها ديفيد بن غوريون عام 1949 أمام الكنيست «لقد خسرنا في معركة باب الواد وحدها أمام الجيش الأردني ضعفي قتلانا في الحرب كاملة «وما زال أهل القدس يتغنون به في أفراحهم وينشدون: «حابس حابسهم بالوادي.. حابس وجنوده وتاد». كما يتغنى به الأردنيون مترنمين: «سرية قايدها حابس.. تقش الأخضر واليابس».
والشاعر المقاتل حابس المجالي أخو خضرة هو مؤلف اغنية:
حنا كبار البلد … حنا كراسيها،
حنا رماح القنا … اللي تعكزت فيها.
تمر علينا ذكرى حابس المجالي لتعيد الى ذاكرتنا الوطنية الكثير من الدروس والعبر والخلاصات:
قدرُ جيشنا العربي الأردني الجميل، انه ملتحم بالقدس وفلسطين. فجنودنا استشهدوا على اسوار القدس وبطاح فلسطين؛ لانها ارضهم وقدسهم وفلسطينهم التي تستحق الافتداء والجود بالنفس اقصى غاية الجود.
ان الحركة الصهيونية قابلة للهزيمة؛ فقد مرت قبل شهر ذكرى 50 سنة على النصر الذي تحقق على العبرانيين للمرة الثالثة على هذه الأرض، بعد النصر في اللطرون وباب الواد عام 1948 وبعد نصر الملك المؤابي ميشع (المنقذ باللغة الفينيفية الكنعانية) الذي هزم اليهود العبرانيين عام 840 ق.م بفاصل زمني هو 2858 سنة بين النصرين.
وان ابرز الدروس التي اكدتها وكرستها واثبتتها معارك ميشع وباب الواد والكرامة، هي ان الصهيونية ليست قدرا وأنها قابلة للإلتواء والانحناء والنكوص والهزيمة والذل والعار والكسيرة والجثامين.
يربض المشير حابس المجالي بجانب ابن عمه الشهيد الرئيس هزاع المجالي (فجر الارهابيون به دار رئاسة الوزراء في 29 آب 1960) يربضان على ربوة مطلة على القدس حيث تحطمت موجة الغزو الصهيونية الثانية عام 1948. وبالقرب من واد الموجب وذيبان حيث حطم ميشع موجة الغزو العبرانية الأولى عام 840 قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام وحيث فشل عبور العبرانيين الى غور الصافي والكرامة في موجة الغزو الصهيونية الثالثة عام 1968.
وان اقرب العطر الذي يهب من «غَربا» على ضريحي حابس وهزاع، هو عطر القدس والخليل، اللتين ترسفان مع كل مدن فلسطين في الأسر والظلم والاحتلال الزائل الذي هو الأخير على وجه البسيطة.
لكل فرد في جيشنا العربي الأردني الذي يقوده ملكنا الهمام عبدالله الثاني، ان يفخر بأنه ينتسب الى الجيش الذي خاض 39 معركة دامية من اجل حرية فلسطين، قدم فيها قربانها وصداقها، وسيقدم كل ما تستحقه ارضنا الحبيبة وشعبنا العربي الفلسطيني.
يرحم الله الفقيدين.

محمد داودية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *