يتعرّض الجيل الأردني والفلسطيني والعربي الجديد إلى ضخّ إعلامي متناقض، متضاد، منتقص، متضارب وظالم، فيما يتعلّق بالكثير من الأحداث والمعارك والتضحيات التي وقعت على الأرض الفلسطينية والعربية، وأبرزها معارك عروبة فلسطين التي خاضها وتحمل أهوالها بالدرجة الأولى، الجيش العربي الأردني، وخاضتها أيضا جيوش عدة دول عربية قدّمت فيها تضحيات وشهداء بررة. ولا يقلل من حجم التضحيات أن تلك الحرب انتهت بنكبة 1948 مثلما انتهت بإعلان قيام الكيان الإسرائيلي الغاصب على أرضنا العربية فلسطين.
لم يعلن دافيد بن غوريون وقيادات الحركة الصهيونية والوكالة اليهودية عن قيام دولة إسرائيل إلا بعد أن ضمنوا أن الظروف السياسية الدولية والإقليمية هي في صالحهم. وبعد أن ضمن مجلس الأمن الدولي المنحاز التفوقَ العسكري الإسرائيلي، قرّر حظر بيع الأسلحة إلى الدول المتحاربة في فلسطين!!.
فليس معقولاً أن تعلن قيادت الحركة الصهيونية قيام دولة قابلة للمحق والسحق بعد إعلانها بأسابيع أو شهور. كانوا يعلمون علم اليقين أن الجيوش العربية هي في «أفضل» حالات الضعف والعجز والتسليح والقيادة. وأنها في وضع لا يُمكّنها من التفوق أو النصر. وكانوا يعلمون نوعية سلاح الثوار وسلاح الجيوش العربية التي أرسلتها الجامعة العربية إلى فلسطين عام 1948، وهي جيوش المملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية ومملكة العراق والجمهورية اللبنانية والجمهورية العربية السورية والمملكة المصرية التي انتشر أن جيشها قاتل بأسلحة فاسدة.
كان السلاح نادرًا وشحيحًا وقديمًا وكان كارثيًا تسليح الثوار الفلسطينيين والعرب المنخرطين معهم في تشكيلات عسكرية، كجيش الإنقاذ الذي شكلته الجامعة العربية عام 1947 وضم نحو 3830 متطوعًا بقيادة فوزي القاوقجي ومعه الشاعر الشهيد عبدالرحيم محمود. وجيش المتطوعين الفلسطينيين والعرب بقيادة البطل عبد القادر الحسيني شهيد معركة القسطل عام 1948.
خاض الجيش العربي الأردني 39 معركة ضارية حاسمة، دفاعًا عن حرية فلسطين وعن حرية القدس. وهي المعارك المجيدة التي لا يزال شهودها وأبطال بعضها أحياء حتى اليوم:
معركة اللطرون، معركة باب الواد، معركة النوتردام، معركة تل الرادار، معركة رامات راحيل أو رامات كان، معركة كفار عصيون، معركة شعفاط، معركة جبل المشارف، معركة البرج، معركة جبل المكبر، معركة تل النبي صموئيل، معركة تل الشيخ عبد العزيز، معركة الملطع، معركة الجامعة العبرية، معركة بيت نبالا، معركة جبل الزيتون، معركة المصرارة، معارك البلدة القديمة وحارة اليهود، معركة بير معين، معركة القطمون، معركة مشيرم، معركة الشيخ جراح، معركة صرفند العمار، معركة نيفي يعقوب- مستوطنة النبي يعقوب، معركة مستوطنة غيشر، معركة يالو، معركة مستوطنة ريفاديم، معركة مستوطنة ماسووت إسحاق، معركة مستوطنة عين تسوريم، معركة عمواس، معارك رام الله، معركة وادي عربة، معركة طولكرم، معارك نابلس، معارك جنين، معارك حيفا، معارك اللد، معارك الرملة ومعركة تل الذخيرة.
من الإنصاف أن تعلم الأجيال العربية الجديدة أن التضحيات الأردنية من أجل فلسطين ستظلّ وسامًا على صدر كل أردني. إنها تضحيات وحدة الدم والمبتدأ والمصير التي نفتخر ونتغنى بها إلى أبد الدهر.
لقد استشهد نحو 10% من عديد جيشنا الأردني العربي من أجل عروبة فلسطين وحريتها عام 1948.
محمد داودية