ما إن يقع حادث مروري على أي طريق حتى يتسبب بأزمة سير خانقة، فمعظم سالكي الطريق يقفون بجانب الحادث أو يخففون السرعة، وعلى الرغم من مشاهدتهم أضرار السيارات وسيارات الإسعاف والإصابات، إلا أن بعضهم لا بد أن يسأل: شو في؟! وكأنه يريد من هذا السؤال غير المبرر التأكد إن كان الحادث حقيقيا أم لعبة بلايستيشن!
حين يصادفك أحدهم في المستشفى وأنت خارج من غرفة الجبصين، وبيدك صورة أشعة، لا بد أن يركض باتجاهك ليقول لك: خير شو في؟! لا سلامة خيرك، جاي على المستشفى أجدد جواز السفر، أمسك بيدي صورة أشعة، ورجلي تعرج من الجبصين، وأرتكز على عكازة، شو ممكن يكون فيه؟ تهيج في القولون مثلا!
ما إن تندلع مشاجرة بين اثنين حتى يجتمع حولهما مئات الأشخاص، ورغم خطورة الإصابة ببكس طائش، وواضح من نزيف الدم أنهما لا يتعازمان على الغداء، إلا أن البعض يغامر ويدس أنفه ليسأل: شو في؟!
أصبحت عادة أردنية، فإذا اتصل بك أحدهم ولم تجب، سرعان ما يرسل لك رسالة (شو في)؟! فهو يستبعد أنك من الممكن أن تكون سائقا، أو في اجتماع، أو نائما، بل سرعان ما يتوقع أنك في كارثة لذلك لا ترد.
وإذا ما فكرت في أن تسهر أنت وعائلتك في الحوش وقد قمت بإضاءة كل الأضواء حول المنزل، سرعان ما يأتيك ابن الجيران ليقول لك: أبوي بسلم عليك، وبسألك خير شو في؟! فهو عندما شاهد الأضواء واعتقد أن أحدا من أفراد العائلة توفاه الله.
الغريب أن هناك من يصدف مروره بجانب مقبرة، ويشاهد سيارة نقل الموتى، والجثمان، والمعزين، ومع ذلك يقف ليسأل: شو في؟! لو سألني أحدهم هذا السؤال في هذا الموقف الجلل لأجبته: تفضل معانا جايين نلقط زعتر، أو ندور في المقبرة على حندقوق!
في الأعراس، إذا العروس تأخرت في غرفة التصوير يبدأ معظم الحضور بالسؤال: شو في؟! يا جماعة أصلا بعدها المسكينة لا طبخت ولا غسلت ولا شطفت ولا رقصت ولم تشاهد العريس بعد حتى نشك أنه شو في؟!
أيضا في مناسبات العزاء، إذا ما غيبت إحدى بنات المرحوم لا أحد يسارع لإجراء الإسعافات الأولية، ولا لطلب الدفاع المدني، بل الكل يسأل: شو في؟! صراحة من المؤسف أن يتم توجيه هذا السؤال في بيوت العزاء، فبكل تأكيد أنها لم تذهب في غيبوبة لأنها فقدت جيجا انترنت من رصيدها!
أمنيتي الوحيدة أن تتسلل عدوى شو في؟! الى الجهات الرقابية في الأردن، فقبل أيام دار سجال بين وزيرين سابقين حول أموال الضمان واستثماراته وكان فيها الكثير من الغمز.
أيضا شاهدت عددا من النواب على الفضائيات لا يتحدثون إلا عن وجود ملفات فساد بين أيديهم، وإذا ما جاء وزير أو مسؤول، بدؤوا بالتنغيم والتشكيك بمن سبقهم في سوء الإدارة.
نحن لا نطلب من الجهات الرقابية أن تحقق بكل بوست يتحدث عن الفساد على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد يكون معظمها كيديا، ولكن، عندما تتحدث النخب عن الفساد لماذا لا نبادر ونسألها على الأقل: شو في؟!
أي أنا مرة عطست مش انسرقت، نصف الشعب الأردني سألني: شو في؟!
صالح عربيات