في ظل غياب الأفق لحل سياسي او عسكري للازمة السورية، وسط ما يراه مراقبون من زيادة في تعقيدها مع دخولها عامها الثامن، يلتزم الأردن الرسمي بموقفه الداعي للحل السياسي للأزمة استناداً الى سياسة متزنة ومتريثة.
وبحسب خبراء، فإن الاردن يرى ان الازمة السورية، أصبحت معقدة وصعبة بوجود جهات دولية كثيرة تحارب في سورية، فضلاً عن صراع الاجندات الذي دوّل الأزمة وفرض امراً واقعاً بان الحل لا يتم دون حوار أميركي روسي، بدعم عربي ودولي للتوصل الى حل سلمي.
ويرى هؤلاء في أحاديث لـ “الغد” ان حل الازمة السورية، يتطلب رؤية مستقبلية للإطلاع على المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية، وما تشهده من تفاعلات وتغير في المواقف، وارتداداتها على الاردن والتقارب مع النظام السوري عبر الوساطة الروسية.
التقديرات الاردنية اليوم للوضع السوري تشير، بحسب سياسيين، الى ان التازيم الروسي الاميركي الاخير في سورية وغيرها من مناطق، يفتح الباب لامتداد الازمة السورية دون حسم سياسي او عسكري لسنوات مقبلة، بينما ترى هذه التقديرات ان انتهاء الجيش السوري من تطهير منطقة الغوطة من الجماعات المسلحة وهو امر مرتقب، يفتح الباب على توقع فتح جبهة جديدة في محيط درعا والجنوب السوري، بالقرب من الحدود الاردنية وبما يمكن ان يؤثر على تلك الحدود.
وحسب هذه التقديرات فان اكثر من بؤرة اشتعال تتواجد اليوم في الجنوب السوري ومرشحة للاشتعال بعد اسدال الستار على معركة الغوطة، واهم هذه البؤر تواجد بقايا “داعش” بالمنطقة وايضا جيش الاسلام اضافة الى جيوب ايرانية وميلاشوية مقربة من ايران، وكلها بؤر تقع في محط اهتمام المقاربة الامنية والسياسية الاردنية.
ويؤكد وزير الخارجية الاسبق الدكتور كامل ابو جابر، أن موقف المملكة على مدى سنوات الازمة “ثابت عند حدود دعمه لوحدة الأراضي السورية، ووقف الاقتتال، واستمرارية عمل المؤسسات السورية، بشكل يحول دون وجود أي فراغ أمني، مع التمسك بأولوية الأمن الوطني الأردني”.
وقال ان الاردن يتمسك بـالحل السياسي للازمة السورية، مبينا ان اي افاق مستقبلية للعلاقة مع الجارة الشمالية، يحكمها الأمر الواقع على الارض، ومدى قدرة الجيش السوري وحده في بسط نفوذه العسكري على جميع المناطق الخارجة عن سيطرته.
وشدد ابو جابر على ان الاردن لن يسمح تحت أي ظرف بوجود أي ميليشيات مذهبية مسلحة على مقربة من حدوده، وهو ما كانت قنوات الاتصال الرسمية أوصلته للجانبين الأميركي والروسي، الامر الذي أفضى إلى اتفاق عمان لخفض مناطق التصعيد في جنوب غرب سورية.
وأوضح ابو جابر ان الازمة السورية، أصبحت معقدة وصعبة بوجود جهات دولية كثيرة تحارب في سورية، فضلاً عن صراع الاجندات، الذي دوّل الأزمة وفرض امراً واقعاً بان الحل لا يتم دون حوار أميركي روسي.
ويقول السفير السابق احمد علي مبيضين، ان تقدمات الجيش السوري العسكرية في منطقة الغوطة الشرقية عبر قواته وقوات حلفائه، تضيق الافق امام الحل السياسي في سورية، ليبقى مسدوداً في الوقت الحالي رغم محاولات فتحها، لتصطدم بواقع اقوى منها.
ويرى مبيضين أن موقف الأردن الرسمي من الأزمة السورية يتمثل بـالدفع نحو إيجاد حل سياسي عبر مسار جنيف وعلى أساس قرار مجلس الأمن 2254، يقبل به الشعب السوري الشقيق ويحفظ وحدة سورية وتماسكها وسيادتها وإحراز تقدم سريع في حل الأزمة سياسياً وبما يُنهي المعاناة الإنسانية فيها.
عسكرياً، اشار مبيضين الى ان الاردن حقق أهدافا عديدة من اتفاق خفض التصعيد في جنوب غرب سورية، اهمها ابعاد خطر المليشيات الشيعية عن الحدود الاردنية من خلال خلق منطقة عازلة تخلو من هذه المليشيات، اضافة الى فرض حالة من الهدوء تحفز لعودة اللاجئين السوريين المقيمين على الاراضي الاردنية الى بلداتهم، وتخفيف الضغط على البنى التحتية.
ويرى مبيضين، ان الحل للازمة السورية، يتطلب رؤية مستقبلية للإطلاع على المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية وما تشهدها من تفاعلات وتغير في المواقف، وارتدادتها على الاردن والتقارب مع النظام السوري عبر الوساطة الروسية.
من جهته، يرى السفير السابق سمير جميل مصاروة، ان حسم مسألة التدخل الأردني في جنوب سورية يحتاج الى دراسة دقيقة ضمن تفاهم أميركي روسي، وضمن سياق إقليمي دولي باتجاه الدفع لحل سياسي مستدام للأزمة السورية.
ويقول مصاروة ان الجنوب السوري يعتبر حاليا المنطقة الأكثر سخونة وتعقيدا في الاقليم، الامر الذي دعا الولايات المتحدة الأميركية مؤخراً الى الدعوة لعقد اجتماع عاجل في الأردن، بسبب قلقها من تقارير أفادت بوقوع هجمات في جنوب غرب سورية، داخل منطقة عدم التصعيد، التي جرى التفاوض عليها العام الماضي.
وبين مصاروه ان الاردن معني باستمرار وقف التصعيد ووقف إطلاق النار في المناطق القريبة من الحدود الشمالية، وكذلك أن تستعيد الدولة السورية قدرتها على ضبط حدودها.