بثت وكالة الانباء الفرنسية يوم امس، الاربعاء، تقريرا مهما جدا، حول استعدادات فصائل المعارضة السورية، لمعركة درعا، وهي المعركة التي ترى هذه الفصائل انها تقترب يوما بعد يوم.
اهم الاستخلاصات المتعلقة بالتقرير، قد لا تكون سرا، فقد اثيرت مرارا، اي ما يتعلق بمصير المدنيين في مناطق درعا الجنوبية، وعموم درعا، واحتمالات تعرضهم لاضرار دموية، في حال انهارت الهدنة الحالية، وبدأت عملية درعا، والامر الثاني يتعلق ضمنيا بمصير المقاتلين، والى اين سيهربون، في حال اضطروا الى ذلك، تحت وطأة عمليات القصف؟.
الاردن، القريب من درعا ـ تحّمل من الازمة السورية، كلفة كبيرة جدا، وكل ما يريده هو صمود مناطق خفض التصعيد، التي تم التوافق عليها، مع واشنطن وموسكو، لاعتبارات كثيرة، وهي مناطق تمتد الى السويداء والقنيطرة.
المعركة التي يتم تأجيلها في درعا، لن تتأجل الى ما لانهاية، برغم سعي الاردن، لجدولة الازمة السورية على حدوده، ولربما نحن امام احتمالات كثيرة، خلال الفترة المقبلة، وقد اشير سابقا الى ان دمشق الرسمية، ستبدأ معركة درعا ايضا، لاعتبارات مختلفة، اولها انتصارات الغوطة الشرقية، وثانيها الرغبة بالرد على الاسرائيليين، حصرا، عبر الاقتراب من مناطق شمال الاردن وفلسطين المحتلة، وترحيل قوات النظام الى جنوب سوريا، بوجود قوات ايرانية، وقوات حزب الله، بما ينقل كل التوترات الى مناطق حساسة جدا، على مستوى امن الاقليم، وثالث الاسباب يتعلق بتوتر دمشق الرسمية من اعلان المعارضة نيتها اقامة حكم ذاتي في جنوب سوريا.
في كل الاحوال، فأن ملف جنوب سوريا، محرج للاردن ايضا، لأن الاردن اغلق حدوده فعليا في وجه اي موجات لاجئين، بعد ان دخل الاردن اكثر من مليون شقيق سوري، وهذا يعني ان هناك مشكلة ستحدث عند نزوح عشرات الاف السوريين مجددا الى الاردن، في حال بدأت المعركة، ولن يغامر السوريون بحياتهم، اذا بدأت المعركة، ولا حل لهم سوى الاردن في هذه الحالة، وقد يكون الاردن امام اكثر من حل، من بينها فتح الحدود مجددا، او اقامة مخيم جديد بتوافق دولي، لنازحي درعا في هذه الحالة، قرب الحدود الاردنية السورية.
الامر الثاني يتعلق بالمقاتلين السوريين، ومعروف هنا، ان الاردن لن يسمح بدخول مقاتلين من جماعات متشددة، وهذا الباب مغلق، وعناصر الجماعات ذاتها، تدرك هذا الواقع، لكن قد يرتبط الامر، بمحاولة عودة اردنيين، حصرا، من المنتمين الى هذه الجماعات، وهذا الملف الاخطر، كون عودة هؤلاء حساسة امنيا، ولاعتبارات كثيرة، اذا تم السماح لهم بذلك اساسا، وهو امر مستبعد، والكل يدرك ان عدد مقاتلي السلفية الجهادية من الاردن، في سوريا والعراق، بلغ الثلاثة الاف في بعض التواقيت، وبعض هؤلاء انتقل الى ساحات بديلة، مثل ليبيا، او قتل، او يتواجد كامنا في سوريا، بلا اي نشاطات، وبرغم انهم اردنيون، الا ان عمان الرسمية، لا ترغب بعودتهم، في كل الاحوال، يضاف الى ما سبق، مصير المقاتلين من خارج الجماعات المتشددة، اي الجيش الحر.
ثالث الازمات المحتملة عند الحدود، ما يتعلق بتدفق مقاتلين ايرانيين، ومن حزب الله، وميلشيات افغانية وباكستانية وعراقية ولبنانية، ذات سمة شيعية، الى هذه المناطق، وهو سبق ان حذر الاردن منه مرارا، ووظف قناته مع الروس، لضمان عدم اقتراب هكذا قوات من الحدود، لكن هناك مؤشرات على ان التوافق الروسي الايراني في سوريا، انخفض، مقارنة بفترات سابقة، وهناك ادلة على ذلك قد لا يكون ممكنا كشفها، الآن، وهذا يعني ان المراهنة على الروس في هذا الملف حصرا، قد لا تكون واقعية، بشكل كلي، مع التغييرات المستجدة.
ثلاث ازمات اذن، قرب الحدود الاردنية السورية، وهي ازمات مختلفة، كونها تعد ازمات قابلة للتمدد في كل الاقليم، بما يعنيه ذلك على مستويات مختلفة.
ماهر ابو طير