ثلث الأردنيين فقط يثقون بقدرة الحكومة على تحمل مسؤولياتها، وبأن الأمور تسير بالاتجاه الصحيح. هذه هي خلاصة استطلاع رأي بعد 18 شهرا على تشكيل حكومة الدكتور هاني الملقي، أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، وأعلنت نتائجه الخميس الماضي.
بالنظر إلى الظروف الاقتصادية الصعبة وحزمة القرارات التي اتخذتها الحكومة بداية العام الحالي، تبدو نتائج الاستطلاع منطقية إلى حد كبير. وإذا كانت هناك مفاجأة في النتائج، فهي بقدرة الحكومة على الاحتفاظ بثقة ثلث الأردنيين، وخسارتها عشر نقاط فقط مقارنة مع استطلاع مرور عام على تشكيلها.
يلعب الاقتصاد دورا حاسما في تحديد موقف الرأي العام ودرجة ثقته بالحكومات. ورغم اهتمام الأردنيين التقليدي بالتطورات السياسية ودور الأردن الخارجي، إلا أنه بالكاد يترك أثرا حتى عندما تلقى مثل هذه المواقف الرسمية تقديرا عاما.
هل تستطيع الحكومة تحسين نتائجها في الأشهر المقبلة؟
باستثناء حالات نادرة، لم يسبق لحكومة أن استعادت عافيتها الشعبية بعد انخفاضها. صيف هذا العام سيشهد مناقشة وإقرار قانون جديد لضريبة الدخل، وفي ظل المزاج السلبي المهيمن على الأغلبية، سيقتنع المتشائمون تجاه المستقبل بصوابية موقفهم.
لكن التحدي الأكبر أمام الحكومة هو تغيير الانطباعات السائدة حيال قدرة الاقتصاد على الانتعاش والنمو. رهان الفريق الاقتصادي هو على خطة تحفيز النمو لتحريك الوضع القائم وتجاوز حالة الجمود الاقتصادي.
مزيد من المنح والمساعدات المتوقعة، إضافة إلى حزمة المشاريع المنوي تنفيذها وتطوير التجارة مع بعض دول الجوار خاصة العراق، قد تؤدي مجتمعة إلى تحريك عجلة الاقتصاد، لكن تلمس الأثر الإيجابي لمثل هذه الخطوات يستغرق بعض الوقت. وقد يكون التقدير السابق للمسؤولين ببداية انفراج للأوضاع منتصف العام المقبل في محله.
بمعنى آخر، النصف الثاني من هذا العام لن يشهد تحولا ملموسا في توقعات الرأي العام، وستبقى حالة السلبية مسيطرة على الأغلبية.
ينبغي على الحكومة أن تتكيف مع هذا الوضع من دون أن تستسلم له، فما كان لأحد يجلس مكانها أن يحقق شعبية أفضل في ظل حزمة القرارات التي اتخذتها في السنة الأخيرة.
إن أفضل ما يمكن أن تقوم به الحكومة بما تبقى لها من عمر، هو وقف تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين، والنهوض بالاقتصاد، بعد حزمة الإجراءات التي اتخذتها لتصويب الاختلالات المالية والتشوهات المزمنة في الموازنة العامة.
على سبيل المثال، هل يمكن أن تلتزم الحكومة بعدم رفع ضريبة المبيعات العام المقبل؟ وهل لها أن تفكر بتأجيل تطبيق قانون ضريبة الدخل المتوقع إقراره إلى العام 2020 كما يتسرب من أوساطها؟ لماذا نجحت قطاعات كالسياحة بتسجيل نسب نمو مرتفعة بينما لم تتحرك قطاعات أخرى؟ هل تقدم الحكومة على مراجعة صارمة لأداء بعض قطاعاتها الراكدة لضمان تحسين مخرجاتها؟
من الصعب على أي حكومة أن تواصل عملها وهي تدرك حقيقة شعبيتها المتدهورة، لكن مثلما يدفع الناس كلفة باهظة لتصحيح اختلالات متراكمة، على كل من يتولى المسؤولية أن يشاطرهم التضحيات من شعبيته وسمعته.
فهد الخيطان