كتّاب

من يبادر؟!

شاهدت رئيس دولة يعزم رئيس دولة أخرى على وجبة برجر في مطعم، مع أن اقتصاد دولة كل منهما يكفي لأن تصل دماء الذبائح للركب.
نعم اكتفيا بصحن بطاطا وكاتش أب مع البرجر، وربما لم يحلف المعزب حتى بأن يدفع حساب الضيف، وكل منهما دفع حساب الوجبة من جيبه الخاص، وصديق لي عزم رئيس البلدية على الغداء وأظن أنه احتاج لأن يستهلك شلية غنم ولم ينفذ من مجزرته بحق الأغنام سوى الراعي!
منذ بداية شهر رمضان وحين تبدأ العزائم نحتار فيما سنقدم للضيوف، إذا كان المقترح مقلوبة نقول: بس، فيأتي مقترح بأن نضيف لها كفتة مع ورق دوالي وكوسا، وإذا اقترحنا (كبسة)، نقول: بدّك تفضحنا، فنقترح أن يكون الى جانبها صواني دجاج ولحوم، ولأن المنسف إذا حضر كان وحده عنوانا للفخامة والكرامة ومع ذلك يثار جدل عائلي حوله إن كنّا سنضع خمسة أو أربعة كيلوغرامات لحمة عليه من مبدأ العين اللي بتوكل.
الحكومة ترفع الأسعار وتراقب مدى انعكاسها على حياة الناس، إن استمرت سلوكياتهم كالمعتاد واصلت نهج الجباية من دون تردد، وإذا ما رصدت اختلافا قد تفكر في إعادة حساباتها. الكرم عند الأردنيين صفة حميدة، وهي من أنبل عاداتنا، ولكن، كان ذلك عندما كان كيلو اللحمة بدينارين، وليتر البنزين بربع دينار، وكيلو الكوسا بشلن، واليوم بعدما أصبحنا نصرف على حكومة لو قدمنا المنسف على لحمة مفرومة لا أعتقد أن أحدا سيعتب علينا.
نعم، مطلوب أن نتغير في ثقافاتنا الاستهلاكية وأن نجد أعذارا لبعضنا بعضا، وقد أعجبتني مبادرة لأحد أصدقائي واسمه محمد عزيز جاسر (أبوصدام)، أتمنى أن تلقى صدى وتجاوبا وأن يكون هناك مبادرات أخرى تعكس أنه آن الأوان لأن نتغير تمشيا مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي نعيشها، والاقتراح يقول: في شهر رمضان المبارك، سوف يضطر أهل المتوفى مرغمين لعمل وليمة الإفطار لثلاثة أيام متتالية، مما يترتب عليه تكاليف مادية، وكثير من الناس بل الغالبية العظمى تعاني من ضائقة اليد، بالنسبة للوقت كون التوقيت صيفيا والنهار طويلا ولا يوجد مدة كافية بعد أذان المغرب كونه يوجد صلاة تراويح وطقوس عبادة بحيث تنتهي الصلاة في وقت متأخر ليلا، مما يترتب على الحضور للعزاء إرهاق ومجهود على أهل المتوفى. وبناء على ما تقدم أقترح أن يكون وقت تقبل العزاء من الساعة الحادية عشرة ظهرا وحتى الساعة السادسة مساء فقط بحيث يتم التخفيف على ذوي المتوفى من تكاليف الطعام وتفرغهم للعبادة والدعاء لميتهم من خلال إقامتهم التراويح وأخذ راحتهم ليلا، وحتى المعزي يستطيع الحضور في أي وقت من النهار كونه لا يوجد وقت حرج لا غداء ولا غيره بحيث يعزي ويذهب ويتفرغ هو أيضا بعد الإفطار براحته المطلقة.
الحكومة ليس لديها أرقام اقتصادية تتفاخر بها، لذلك ستبدأ من هذا الأسبوع بنشر أرقام كم استهلك الأردنيون من اللحوم والدجاج، وكم حبة قطائف أكلوا، وكم لتر عرق سوس شربوا.
دعونا نشعرهم أننا أصبحنا نعاني، وأن سياساتها المالية أنهكت جيوبنا، وأنهم حتى سدوا شهيتنا عن الطعام، مع بداية الشهر الكريم، أصبح كيلو الكوسا بدينار وثلاثين قرشا، وهو للعلم أغلى من سعر سهم نصف الشركات المساهمة في سوق عمان المالي!
فمن يبادر ويعلق الجرس ويتقشف قبل أن يصبح الخروف بحاجة لقرض ميسر مع كفيليْن اثنين؟

صالح عربيات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *