المحلية شريط الأخبار

كيف استطاعت الملكة رانيا الاستعانة بالأرقام لإيصال رسالتها إلى العالم؟

أخبار الأردن – لوزان عبيدات

ساهمت مقابلات الملكة رانيا العبدالله في تسليط الضوء على المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وكانت كلماتها تجد صدا واسعًا لدى وسائل الإعلام العالمية، ولعل تصريحها الأخير عندما قالت: “في إسرائيل، يتم تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم بشكل منهجي، وهو متأصل وشائع… يعتقدون أنه “إذا لم نقتلهم، فسوف يقتلوننا”، لاقى انتشارا واسعا في وسائل الإعلام المختلفة.

وبينت الملكة خلال لقائها أن الحل الحقيقي للمشكلة هو إنهاء الاحتلال وذلك بالقول “فالفلسطينيون لا يكرهون الإسرائيليين بسبب هويتهم بل يكرهونهم بسبب ما يفعلونه بهم”.

ومن هذا المنطلق قام أخبار الأردن بمحاورة عدد من الشخصيات السياسية للحديث عن أهمية لقاءات الملكة وتأثيرها الكبير على المجتمع الدولي والعالم.

إسقاط الأقنعة الزائفة

قال العين فاضل الحمود إن الملكة خلال لقاءها الأخير وجهت للعالم أجمع رسائل قوية واخترقت جدار الصمت الذي يعيشه العالم ضد ما يمارسه الكيان الصهويني في غزة.

وأضاف الحمود أن المقابلة حملت العديد من الرسائل شرحت المعاناة التي يعيشها أهل غزة من قتل وتجويع ومحاولات تهجير قسري، مبينا أنها من خلال المقابلة الأخيرة قامت الملكة بإسقاط الكثير من الأقنعة الزائفة التي يمارسها العالم الغربي.

ولفت الحمود إلى أن الملكة أبدعت خلال حديثها في وصف الألم الذي يعيشة أبناء قطاع غزة، والذي تجلى في مخاطبة العالم أجمع بلغة خاصة قادر على فهمها.

وأكد أن الحديث عن موقف الإسلام والأردن تجاه غزة هو حديث قيم يبين رحمة الاسلام، لافتا إلى ما يمثله شهر رمضان من رحمة وتضامن وتكافل وهو ما يعتبر توقيت في غاية الأهمية للحديث عن ما يحدث للمدنيين في غزة.

الأم وليس الملكة

من جهته، قال النائب يزن شديفات إن تصريحات الملكة كانت شارحة ودقيقة الوصف لواقع الحال لما يحدث في غزة.

وأضاف شديفات أن الملكة وصفت الألم والمعاناة وماحدث مع الأطفال من جوع وقتل بصورة الأم وليس الملكة، مؤكدا أنها عبرت بوضوح عن الأردن هو الاقرب لفلسطين.

وأوضح شديفات أن موقفها لم يكن الأول منذ بداية العدوان على غزة، مبينا أنه الأكثر قوة ومصداقية والأكثر تاثيراً في الرأي العالمي.

ونوه إلى الحملة الشرسة التي قادها الكيان المحتل عليها بعد المقابلة التي أجرتها وذلك لتقديمها وصف دقيق والكشف عن الرواية الصهيونية الكاذبة.

رسم صورة معاناة نساء غزة

من ناحيته، لفت العين السابق الدكتور هايل عبيدات إلى أن مقابلة الملكة الأخيرة جاءت بمنتهى الصراحة والحزم والوضوح.

وقال عبيدات إن الملكة تحدثت بجرأة وخاطبت بصرخة ضمير المجتمع الدولي والمنظمات الدولية لأخذ دورها، كما أنها سلطت الضوء حول ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين، مطالبا أصحاب القرار في المجتمع الدولي بالإنصات لحديثها.

وأشار عبيدات إلى أهمية الصورة الواضحة والواقعية التي نقلتها الملكة للمعاناة لما تتعرض له أمهات وأبناء وأطفال غزة، مؤكدا أن نقلها مثل هذه الصور هو كشف عن آلة الحرب الإسرائيلية التي تستهدف الاطفال والأمهات وكبار السن من المدنيين.

ولفت إلى أن حديثها عن الدور الأردني الذي أكد عليه أيضا الملك بأن الإنزالات الغذائية ليست كافية وهي خطوة أولى في مجال الحفاظ على أدنى مقومات الحياة وليست بديلا للحل الجذري كان في منتهى القوة، موضحا أنها طالبت بإيجاد حلول لمعاناة أهل غزة ليس فقط بالمساعدات بل بوقف الحرب التي دمرت القطاع والشعب الفلسطيني أيضا.

تصريح ركز عليه الإعلام العبري

إلى ذلك، كشف الصحفي والمحلل السياسي أيمن دهاج الحنيطي عن التصريح الذي ركز عليه الإعلام العبري واذاعة جيش الاحتلال الذي تحدثت فيه عن تجربة اسرائيل لـ 7 اكتوبر.

واستشهد الحنيطي بتصريح الملكة والذي تلخص بـ” إسرائيل جربت ٧ اكتوبر مرة واحدة، في حين الفلسطينيين في غزة جرّبوه ومروا فيه ١٥٦ مرة”، مبينا إلى أنها قامت بالإشارة بطرق ذكية لعدد أيام العدوان الإسرائيلي حتى تاريخ إجراء المقابلة.

وأكد الحنيطي على إبداع الملكة في توصيفها للحالة الإنسانية المأساوية التي يعيشها الغزيون جراء العدوان، مبينا أن مقابلات الملكة مع وسائل الإعلام الأجنبية نموذج مثالي يجب أن يدرس في كليات الإعلام والسياسة والعلاقات الدولية .

وشدد الحنيطي على أن حديث الملكة جريئا جدا وغير مسبوق، إذ أنه أثار حفيظة أكثر الوزراء المتطرفين في حكومة نتنياهو السادسة، الوزير ايتمار بن غفير الذي حاول الرد على تصريحات جلالتها بأسلوب غير لائق.

وختم بالقول” تأتي هذه التصريحات الجريئة من الملكة بالتزامن مع شهر رمضان فإن في ذلك رسالة قوية جداً تضاف للتحذيرات والرسائل الملكية التي يطلقها دوما الملك وكان آخرها خلال لقائه الأخير مع مسؤول الفاتيكان”.

جرأة سياسية

وأكد عضو غرفة صناعة عمان ،المهندس موسى الساكت، أن حديث الملكة تمتع بالجرأة السياسية والقدرة على الإقناع، إذ حمل العديد من المعاني والرسائل الهامة المباشرة وغير المباشرة.

وقال الساكت لـ”أخبار الأردن” إن حديث الملكة خلال مقابلتها الأخيرة ترك انطباعا ايجابيا لدى الشعوب العربية بشكل عام والشعب الأردني بشكل خاص كون الملكة تُعتبر من الشخصيات المؤثرة وبالبارزة في العالم.

وبين الساكت أن حديث الملكة سيكون له تأثير على الساحة الدولية والعالمية كما كانت مقابلاتها سابقا، مشيرا إلى أنها استعانت في هذا اللقاء بالأرقام والحقائق والتي لا مجال بالشك فيها.

واستشهد الساكت بقولها “مايجري هو قتل جماعي بطيء للاطفال منذ خمسة أشهر وأكثر من ٥٥٠ مواطن على بعد خطوة واحدة للمجاعة” ، لافتا إلى أن حديثها سيحرك المشاعر الإنسانية لدى العالم وسيعري الكيان الصهيوني أكثر وأكثر جراء مايقوم به من إجرام وإبادة جماعية لشعب أعزل أمام العالم .

وفي وقت سابق، قالت جلالة الملكة رانيا إن ما يحدث في غزة اليوم هو أمر مشين وفظيع للغاية، ومتوقع حدوثه لأنه كان متعمداً، والمجاعة التي يعيشها السكان هناك ليست كارثة طبيعية، لكنها كارثة من صنع إسرائيل.

جاء ذلك خلال مقابلة لها مساء الإثنين الماضي، مع شبكة سي أن أن الامريكية أجرتها الإعلامية كريستيان أمانبور عبر الستلايت من قاعدة الملك عبدالله الثاني الجوية، حيث كانت جلالتها قد اطلعت قبل المقابلة على كيفية تجهيز المساعدات الغذائية والإغاثية لإرسالها مباشرة إلى سكان غزة عبر الإنزالات الجوية.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات الآلاف من الشهداء المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية.