كتّاب

مَن هم الذين ينتهكون هيبةَ الدولة؟ (2-2)

الخروجُ إلى الشارع يحصل عندما تتوفر الأسبابُ التي تضطر الناسَ الى الخروج للشارع؛ وهذا الخروج هو فعلٌ قانوني وحقٌ من حقوق الدفاع عن المصالح الشعبية التي تضررت ولم يجد المواطنُ من يحميها أو يذود عنها.
والخروجُ إلى الشارع خطير.
خطيرٌ في الأردن كما في أميركا وفي روسيا وفي إيران وفي تركيا وفي كل مكان.
حالتُنا الاردنية، كما برهنت الوقائع، هي حالةٌ خاصة؛ فلا خوف ابدا من انفعالِ او بطش أو قسوة أجهزتها الأمنية، التي مرت بتجربة «الحراك الكبير» وطلعت منها، أجهزةً وطنيةً عاقلةً حكيمةً راشدةً، استحقت عليها بكل جدارة، الميداليةَ الذهبية والتقديرَ والاحترام.
كما أننا لا نخشى من وقوع اية تجاوزاتٍ وتعدياتٍ وتطاولاتٍ من أبناء شعبنا على الممتلكات الخاصة والعامة، فعلاوة على انها ممتلكات ابنائنا، فقد تعمّد شبابُنا في ذلك الحراك، وظلوا على قناعتهم الراسخة، منادين بإصلاح النظام السياسي الاقتصادي وليس تغييره.
الخوفُ والرهبةُ هي على أمن ابنائنا المتظاهرين في الشارع والاعتصام والمسيرة والمظاهرة. وهو الأمنُ الذي يظل عرضةً للإنتهاك والعبث به من جانب المنظمات الإرهابية التي اطلق اعضاؤها النارَ في جريمة قلعة الكرك الارهابية يوم 18 كانون الأول سنة 2016 بعشوائيةٍ واضحة على المارةِ الأبرياء، فاستشهد عشرةُ أشخاص، بينهم سبعة رجال أمن وسائحة كندية وأصيب 34 شخصا. اطلقوا النار على الناس؛ لأن كل من يخالفون نهجهم، هم من المرتدين الذين يحل ذبحِهم.
كشفت الحراكاتُ في كل المناطق عن أننا نتوفر على رشدين بارزين راسخين متجذرين، هما رشدُ النظام ورشدُ الشعب، ولذلك عبَرنا برزخَ الربيع العربي الدامي برشدٍ ويسر وحكمةٍ وتحقق لنا كلُّ ما طالبنا به، وهي جملةٌ كثيرة وفيرة عظيمة من الإصلاحات الدستورية، التي جوّدت وحسّنت شروطَ العيش والحياة السياسية والاقتصادية واثمرت ابتهاجا من اسلوب ووسائل إدارة الربيع العربي الأردني واطمئنانا إلى أن اسلوبنا كان هو الأسلوب الإنساني الأخلاقي القانوني الصحيح للتعامل مع ازماتنا ومعالجة مشكلاتنا و سد ثغراتنا.
فقد كشفت المعالجاتُ العربية، التي تميزت بالعنف والوحشية والغطرسة واحتقار المواطنين وحيواتهم، عن عجزها وارتدادها بمقدارٍ مضاعفٍ، فاق ما جاء في قانون نيوتن الثالث الخاص بالحركة: «لكلِّ فعلٍ ردُّ فعل، مساوٍ له في القوة، مضادٌ له في الإتجاه.
لقد اندلعت النيران الهائلة التي لم تخمد بعد منذ سنة 2011، بسبب القصور والعجز عن إدراك أن كرامة الشعوب، كل الشعوب، وحقوقها وحرياتها ليست بأيدي الحكام الطغاة، الذين سرعان ما سيلقون مصائرهم الدامية المحتومة: «فمن يعش بالسيف بالسيف يمت».
المتظاهرون الذين في شوارع السلط والكرك وغيرهما، هم ابناؤنا وإخواننا، لهم علينا واجب الإستماع ولهم حق أن نحاورهم وان نلبي ما هو ممكن من طلباتهم، ما دامت طلبات متصلة بالإصلاح وبالفساد وبالغلاء وبالأسعار.
وشبابنا الراشدُ قادرٌ على ان ينقي صفوفَه ممن يتفاخرون بخزقِ الدفوفِ وخرقِ السقوفِ وانتهاك القانون والدستور. وقادرٌ وحريص على ان لا يسمح لأحدٍ، ان يندسَّ في صفوفه ليمارس ايَّ شكلٍ من اشكال التطاول والإساءة. وقادرٌ وحريص على ان تظل هتافاته وشعاراته ويافطاته، موجهة الى الجهات التي له كل الحق في انتقادها وفق دستورنا العظيم، كالحكومة ومجلس الأمة وما ماثلها.
ان التظاهرَ السلمي القانوني، هو فقط، العمل السياسي الراشد الآمن المثمر.
محمد داودية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *