كتّاب

الحكومة أمام امتحان الفساد

فرصة على طبق من ذهب جاءت للحكومة لتحقيق إنجاز يرضي الأردنيين وإعلان محاربة الفساد والافساد بكل اصنافه وتفرعاته وذيوله، ورغم ان الفرصة مكلفة ومؤلمة، إلا أن الحكومة أمام استحقاق جدي غير مسبوق، وعليها ان تثبت ان كلامها ليس حبرا على ورق، وأن تحوله لافعال ان وقعت الواقعة.
فما يعرف بـ”قضية الدخان” باتت قضية رأي عام، وبرزت أسئلة لا متناهية تدور في ذهن كل مواطن، فالمواطن يسأل ومعه كل الحق، من أولئك؟، كيف أدخلوا ماكينات التصنيع؟، من تورط معهم في الموضوع؟، هل ستقدر الحكومة على تقديم الجميع للقضاء أم أن هناك رؤوسا كبيرة سيتم لفلفة امرها؟!، هل اولئك واجهة لأشخاص آخرين؟!، هل سيجري محاسبة كل اطراف المعادلة حتى نثبت ان محاربة  الفساد جدية؟.
نعم، الحقيقة الثابتة أن هناك آلات تصنيع دخلت وتراخيص منحت، وناس وزعت، واشخاص تغاضت، فهناك من دخل، وهناك من تغاضى وهناك من سهل، وهناك من ارتشى، وهناك من وزع، وهناك وهناك، وكل أولئك على الحكومة تقديمهم للقضاء مهما كانت اسماؤهم ومهما وصلت مواقعهم، سواء كان المعني مسؤولا كبيرا أو وزيرا فلا احد فوق الدستور وفق ما قاله رئيس الحكومة، واليوم تاتي ساعة اثبات حقيقة ذلك.
في القياس؛ ربما تكون “قضية الدخان” قنبلة تدحرجت في حضن الحكومة بعد ساعات من حصولها على  ثقة مجلس النواب، والرهان ان تستطيع الحكومة التعامل مع تلك القنبلة بشكل محترف، وتثبت قولا وفعلا انها صاحبة ولاية عامة في كل المفاصل ولديها قدرة ومكنة على فتح ملفات الجميع والكشف عن اسماء متورطين دون اعتبار لضغط هذا وتوسط ذاك.
وفي القياس ايضا؛ فان نجاح الحكومة في “نكش” ملفات الفساد – الباب فتح عبر قضية الدخان المزور- سيعيد ثقة المواطن بسلطته التنفيذية، وسيشعر المواطن وقت ذاك ان حكومته لديها القدرة على فرض ولايتها العامة على مفاصل الدولة ولديها الشجاعة لنكش كل الملفات سواء الجديدة منها او القديمة التي عجزت حكومات سابقة عن نكشها.
الأردنيون لا يريدون ان تخرج عليهم الحكومة لاحقا بتقديم موظفين يقبعون في  سلم الوظيفة المتوسطة او المتدني للقضاء باعتبارهم متورطين في ملف الفساد هذا او ذاك، فالأردنيون لديهم قناعة راسخة ان كل ملف فساد كبير خلفه متنفذ، او خلفه كما يحلو للاردنيين وصفه “هامور كبير”، وبالتالي فان الاكتفاء بكشف ملفات فساد صغيرة لن تقنع الناس بجدية محاربة الفساد، ووجود قضية كبرى حاليا كقضية الدخان ستكون بوابة للحكومة لفتح جميع الملفات، وستكون فرصة للراي العام والناس ايضا لمراقبة اداء الحكومة وقياس قدرتها.
الأمر الذي يتوجب التنبه له أن قضية الدخان باتت قضية رأي عام، وعلى الحكومة ان لا تفعل كما كانت حكومات سابقة تفعل بالتوجيه لوقف النشر بالقضية، فالقضية تهم كل الأردنيين ووقف النشر لحيثياتها سيرفع من منسوب علامات سؤال غير متناهية ويزيد نسبة المشككين بالحكومة، كما سيجعل الحكومة تبدو بمظهر من يريد ان “يطبطب” على الموضوع.
شخصيا، انا ضد وقف النشر بأي قضية سواء كانت صغيرة أو كبيرة، فوقف النشر بحد ذاته وسيلة للحد من تدفق الاخبار، والحصول على المعلومة وهو حق للمواطن، وهو يحد من حرية الاعلام والصحافة بتسليط الضوء على كل ما يدور.

جهاد المنسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *