كتّاب

شعبية الحكومة وتقدير المصلحة العامة

تحاول الحكومة بشتى الطرق استيعاب الرأي العام المتحفز لتغييرات ملموسة في نهج إدارة الشأن العام، وقد نجحت لغاية الآن في بناء جسور التواصل التي تعزز الثقة بقدرتها على تحقيق إنجازات ملموسة في المستقبل.
رئيس الوزراء عمر الرزاز بأسلوبه الخاص في التواصل، أضفى لمسة شخصية على نشاطاته، لها انعكاس مباشر على شعبيته.
لكن قريبا سيضطر الرزاز إلى استثمار هذا الرصيد لمعالجة ملفات صعبة. لقد ألمح بنفسه إلى هذه الاستحقاقات عندما التقى ممثلي القطاع الصناعي قبل أيام، وعليه أن يفعل الشيء ذاته مع النقابات المهنية والفعاليات الاقتصادية.
بالأمس كان فريق وزاري يجتمع مع قادة النقابات لمناقشة اقتراحاتهم لتعديل نظام الخدمة المدنية. من الواضح تماما أن ممثلي المهنيين لايودون السير بخطوات جذرية لإصلاح النظام، ويخشى أن الحكومة قد تستجيب لدعواتهم وتتراجع عن حزمة الإصلاحات المطلوبة لنظام الخدمة المدنية، في مسعى منها لكسب دعمهم.
لكن هناك اختبارا أكثر صعوبة لعلاقة حكومة الرزاز مع النقابات المهنية، وهو مشروع قانون ضريبة الدخل الذي تحركت ضده النقابات، وانتهى برحيل حكومة الملقي ومجيء الرزاز.
أفضل ما نتمناه أن يتوافق الطرفان على تصور مشترك للتعديلات على قانون ضريبة الدخل. لكن الوقت المتاح قصير أمام الحكومة، فحسب ما تقرر مؤخرا، ستعقد دورة استثنائية ثانية لمجلس الأمة بداية الشهر المقبل لمناقشة وإقرار التعديلات. وحتى ذلك التاريخ ليس أمام الحكومة سوى أسبوعين أو ثلاثة لإدارة حوار منتج حول القانون، يلبي مصالح الفئات الاجتماعية، خاصة الطبقة الوسطى، ويحقق في نفس الوقت متطلبات الإصلاح المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي.
وفي ضوء المقترحات والتصورات الأولية أظن أن شهر العسل لحكومة الرزاز مع النقابات يقترب من نهايته، فمع دخول مرحلة مواجهة الاستحقاقات، ستأخذ العلاقة منحى عمليا أكثر جدية.
هناك مصلحة لجميع الأطراف بالمحافظة على حالة التوافق الوطني التي سادت بعد تشكيل الحكومة الجديدة،لكن يتعين على النقابات أن تدرك أيضا الحاجة لتقديم تنازلات تضمن للحكومة المضي في برنامج الإصلاح المالي، لما لهذا الأمر من أهمية بالغة للاقتصاد الوطني.
بالتزامن مع ذلك يمكن للحكومة أن تطلق جهدا وطنيا لتأكيد صدقيتها في مجال مكافحة التهرب الضريبي والجمركي، ولعل قضية التبغ خير مثال على المردود المالي المتوقع لهكذا إجراءات. حسب توقعات خبراء سيرتفع عائد الخزينة من رسوم وضرائب قطاع التبغ بعد تجفيف سوق الدخان المهرب، وارتفاع مبيعات شركات الدخان المرخصة، خاصة وأن الأرقام تشير إلى ضياع مالايقل عن 400 مليون دينار سنويا على الخزينة بسبب التهريب والتزوير في هذا القطاع.وثمة قطاعات أخرى تعاني من نفس الوباء،يمكن أن يتغير حالها إذا ما عكفت الحكومة على معالجة هذا الداء بما يتوفرلديها من سلطة ودعم شعبي.
المهم أن لانستبدل المصالح بالمنافع الشعبية.

فهد الخيطان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *