كتّاب

العقل والعلم

نشر أحد المواقع الجزء الاول من مقالة لي بعنوان (حبيب الزيودي … سنديانة العالوك) كتبتها حينما توفي الصديق الشاعر حبيب الزيودي وهي من ثلاثة أجزاء نشرتها في جريدة الدستور بعد وفاته مباشرة … ما لفت نظري التعليق على وصف حالة الفقير في قبيلة الزيود وقد اخترت منه التالي :
معلّق يكتب ( الشافي و المعافي هو الله وحده لا شريك له بيده الخير كله وليس الانسان والتبرك بالانسان من العادات الشركية الله يحفظنا و اياكم من الوقوع بها اذا استعنت استعن بالله فقط وليس بأي شخص كان وكلنا فقراء الى الله.الله يرحمه ويرحم جميع اموات المسلمين . )
وآخر كتب :
( اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئاً نعلمه ونستغفرك لما لانعلم )
وغيره كتب :
( رحم الله الشاعر المبدع حبيب الزيودي رحمه واسعه.. واسألك ياصاحب المنشور شو رأي الدين بالفجير ع قولتك والتبرك بالناس من دون الله)
وعلق آخر :
( ادعو له بالرحمة فالقبلية والعشائرية لاتفيد الان وانما عمله الصالح في الدنيا فقط )
وانا اقول ان مقالاتي الثلاث عن حبيب هي بحث تاريخي في سيرته الشخصية … لا علاقة لها بالكفر والايمان والمعتقد … واوجه عناية البعض … الى اهم مرجع في تاريخ الاسلام وهو العالم المؤرخ ابن كثير صاحب كتاب البداية والنهاية … وكتاب السيرة النبوية لأبي محمد عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري … فقد اغرقا في تفاصيل الشخصيات التي عاصرت الدعوة النبوية الشريفة من باب التوثيق التاريخي الذي انتهجته في مقالتي عن حبيب … ويمكنني رصف الاف الاسطر عن الطرائف والمواقف التي حدثت في حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يستنكرها او ينهى عنها … واكتفي باستماعه للغزل في مذهبة كعب ابن زهير في مسجده الشريف بوجود جمع كبير من المهاجرين والانصار بعد صلاة الفجر :
بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ
مُتَيَّمٌ إِثرَها لَم يُفدَ مَكبولُ
وَما سُعادُ غَداةَ البَينِ إِذ رَحَلوا
إِلّا أَغَنُّ غَضيضُ الطَرفِ مَكحولُ
هَيفاءُ مُقبِلَةً عَجزاءُ مُدبِرَةً
لا يُشتَكى قِصَرٌ مِنها وَلا طولُ
… الذين خلفوه اجتهدوا اجتهاد الانسان الذي يخطئ ويصيب … روى السلف ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى ابلا تفشى فيها الجرب … سأل راعيها عن اهماله لعلاجها … قال له الراعي والله عندنا عجوز تدعو الله لها كل يوم بالشفاء … قال له الخليفة العادل … اجعل مع الدعاء شيئا من القطران … وعمر نفسه الذي اجتهد لتبرئة المغيرة بن شعبة وجلد ابي بكرة ..
وهو الذي طلب معاقبة خالد بن الوليد في حرب الردّة التي قتل فيها مالك ابن نويرة … ففي الاولى والثانية كان الاسلام وليدا يحتاج السيوف والعقول … وليس مثل عمر وابي بكر حافظا للشريعة وراعيا لها … دافعت عن الزوايا والطرق الصوفية لانها حافظت على القرآن الكريم واللغة العربية التي انزل بها في زمن اضطر فيه العرب المسلمين للحديث بالمغولية والتركية والفارسية ( لغات المحتلين )… كما هو حال الأسرة الرفاعية والأسرة الزعبية والأسرة الكيلانية … ومثلها مريدو وأتباع الطريقة البكتاشية والجيلانية … هل يعرف كثيرون ان الفرنسيين سنوا قانونا يعتبر اللغة العربية في الجزائر لغة اجنبية ؟؟؟ وان أسر المرابطين في المغرب العربي لعبت بفروعها المتعددة دورا ً كبيرا ً في المحافظة على عروبة المغرب لغة ودينا ً ؟؟؟ . وانهاء الحروب الداخلية ومقاومة الاستعمار الفرنسي والايطالي ؟؟؟ … الذين امنوا بالله واليوم الاخر . تركوا العابدين في صوامعهم خلال الفتوحات … وتركوا التماثيل الاغريقية والفارسية والمعابد الوثنية على حالها كأرث انساني … وترجموا الاداب والعلوم اليونانية للعربية حتى يزدادوا علما استفادوا منه باختراع نار المنجنيق التي حررت القدس زمن صلاح الدين … العقل المسيحي والبوذي اخذ من علماء العرب والمسلمين . ثم اخترع وطوّر كل ما ننعم به من رفاهية الحياة وشرور الاسلحة . دون ان يتخلى عن ايمانه.

محمود الزيودي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *