الإقبال على الطاقة المتجددة يخلق مشاكل بإدارة الطلب
رهام زيدان
عمان- ذكرت وزارة الطاقة والثروة المعدنية أن ارتفاع نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء أدى إلى ظهور مجموعة من المشكلات الفنية المتعلقة بإدارة الطلب على الطاقة الكهربائية، وتقدر نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في خليط الكهرباء بما يزيد على 26 % في نهاية عام 2023 وباستطاعة وصلت إلى 2681 ميغاواط وتسعى الوزارة لرفع هذه النسبة الى ما يزيد على 31 % بحلول عام 2030.
وحسب البيانات المتوفرة ، فقد ازداد معدل تركيب أنظمة الطاقة الشمسية في المنازل في المملكة حيث بلغ عدد انظمة الطاقة المتجددة المركبة للقطاع المنزلي في العام 2017 ما مجموعه 4648 نظاما في حين بلغ عدد الأنظمة في العام 2022 نحو 50652 نظاما.
أما المسبب الثاني بحسب الدراسة، يتمثل في نظم الطاقة المتجددة من جانب الاستهلاك، حيث سمحت تعليمات الربط لأنظمة الطاقة المتجددة على شبكات الربط أو شبكات التوزيع ما قبل عام 2024 لمالكي أنظمة الطاقة المتجددة بتخزين كميات الطاقة المولدة خلال النهار في الشبكة الكهربائية (ترصيد) واستهلاكها خلال باقي الفترات، مما يؤدي إلى زيادة التحديات التشغيلية والمالية على قطاع الكهرباء.
ووفق دراسة أعدتها الوزارة مؤخرا بعنوان "اختلال في إدارة الطلب على الطاقة الكهربائية في الأردن"، تعرف إدارة الطلب على الطاقة على "أنها هي إدارة الأحمال المطلوبة وفقاً لاحتياجات وفقا للطاقة المنتجة، خصوصا في فترات الذروة المسائية حيث يرتفع الطلب على الكهرباء تزامنا مع انعدام توليد الكهرباء من مصادر الطاقة الشمسية".
بالإضافة إلى ذلك، قالت الوزارة إن النمو السكاني الناتج عن الزيادة الطبيعية وتغيير النمط الاستهلاكي للمواطنين مثل الاتجاه نحو استخدام الكهرباء للتدفئة والتكييف، وزيادة استخدام السيارات الكهربائية، أدى إلى زيادة كبيرة في الطلب على الكهرباء تركز في فترات محددة ما تسبب في تشوه كبير في شكل منحنى الحمل، وشكل عبئا على النظام الكهربائي من حيث الحاجة لزيادة الاستطاعة التوليدية لتغطية الأحمال القصوى للنظام والذي رفع من كلف توليد الكهرباء.
كان لذلك بحسب الوزارة جملة من الأثار منها المالي، إذ بلغت الاستطاعة التوليدية لأنظمة الطاقة المتجددة المركبة من قبل المستهلكين1183 ميغاواط في عام 2023، أدت إلى زيادة في إنتاج الطاقة المتجددة خلال النهار، وبالتالي انخفاض معامل التشغيل لمحطات توليد الطاقة التقليدية المتعاقد معها واللازمة لتغطية الحمل خاصة خلال الفترة المسائية، إذ يرتبط إنتاج أنظمة الطاقة المتجددة بالعوامل الجوية ويختلف باختلاف الأوقات.
وتواجه شركة الكهرباء الوطنية مشكلة في إدارة الطلب على الكهرباء، ما يدفعها أحيانا إلى فصل أنظمة الطاقة المتجددة لتقليل الفائض من الإنتاج، الذي يقدر بحوالي 100 جيجاواط ساعة سنويا، والإبقاء على تشغيل محطات توليد الطاقة التقليدية بكفاءة أقل لإبقائها في وضع الجاهزية لمواجهة النقص في توليد الطاقة وجاهزيتها لتغطية الأحمال المسائية، كما أدى توجه المشتركين إلى استخدام مصادر الطاقة المتجددة، خصوصا القطاعات الداعمة للتعرفة الكهربائية، إلى انخفاض إيرادات التعرفة الكهربائية التي تتحملها شركة الكهرباء الوطنية.
وبحسب الدراسة، إذا لم يتم معالجة اختلال إدارة الطلب على الطاقة ستضطر شركة الكهرباء الوطنية إلى التعاقد مع المزيد من مشاريع الطاقة التقليدية لتغطية أحمال الذروة المسائية مما سيرفع كلف إنتاج الكهرباء ويحمل الشركة المزيد من الخسائر أو عكس ذلك على تعرفة المشتركين، وبالتالي ارتفاع سعر الكهرباء على المستهلك النهائي.
أما الأثر الاجتماعي، حيث يؤدي استمرار الاختلال إلى التعاقد مع المزيد من مشاريع الطاقة التقليدية والذي سينعكس على ارتفاع كلف الاستثمار بالنظام الكهربائي، وبالتالي سينعكس ذلك إما من خلال رفع أسعار الكهرباء على المستهلك النهائي أو تحمل شركة الكهرباء الوطنية المزيد من الخسائر.
وفيما يتعلق بالشق البيئي، فإن انخفاض إنتاج الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة خلال الفترات المسائية يتطلب زيادة الاعتماد على محطات التوليد التقليدية ذات الكفاءة الأقل ويعد ذلك من أبرز الآثار البيئية السلبية الناجمة عن اختلال إدارة الطلب على الطاقة الكهربائية.
وحول أبرز مسببات تفاقم مشكلة اختلال إدارة الطلب على الطاقة في الأردن، قالت الدراسة إن أولها يتمثل في نمو الطاقة المتجددة والتحديات المرتبطة بها، حيث يشكل النمو السريع للطاقة المتجددة، وخاصة الطاقة الشمسية تحديا رئيسا لإدارة توازن العرض والطلب.
كما تلعب التغيرات الموسمية دورا في ذلك، حيث يرتفع استهلاك الكهرباء بشكل كبير خلال فصل الصيف نتيجة الاعتماد الكبير على أجهزة التكييف لتبريد المنازل والمباني التجارية، ما يزيد من الطلب على الكهرباء خاصة في فترة ما بعد الظهر ويستمر حتى الساعة 11 مساء، وتؤدي أيضا زيادة الاعتماد على الأجهزة الكهربائية لتدفئة المنازل إلى زيادة الحمل الكهربائي، وخصوصا في فترات الذروة المسائية، حيث يكون إنتاج أنظمة الطاقة المتجددة في أدنى مستوياته.
وقالت الدراسة، إن الإبقاء على الوضع الحالي في قطاع الطاقة بالأردن دون إجراء أي تغييرات جذرية والذي يتطلب إنشاء محطات توليد تقليدية جديدة، سيحمل النظام الكهربائي كلف استثمار في محطات التوليد بكلفة مرتفعة مما يؤدي إلى زيادة الكلف للنظام الكهربائي في جانبي التوليد والنقل والتوزيع.
حيث من المتوقع أن يصل الحمل الأقصى خلال فترات الذروة في عام 2030 إلى 5,630 ميغا واط، بالمقارنة مع 4220 ميغاواط لعام 2023، أي أن النظام الكهربائي سيكون بحاجة إلى إضافة محطات توليد طاقة تقليدية جديدة باستطاعة 1300 ميغاواط من الإنتاج الإضافي كحد أدنى وبالتالي المزيد من التكلفة المادية.
أما اللجوء إلى التعرفة المرتبطة بالزمن يعد من الحلول الواعدة لتحسين نمط استخدام الطاقة الكهربائية وتشجيع المستهلكين على ترشيد استهلاكهم، وتوجيهه نحو الفترات التي يزيد فيها الإنتاج من مصادر الطاقة المتجددة، ويتميز هذا النظام بتحديد أسعار مختلفة للكهرباء على مدار اليوم، حيث تكون الأسعار أعلى خلال ساعات الذروة وأقل خلال الساعات خارج الذروة والذروة الجزئية، بهدف توجيه المستهلكين نحو استهلاك الكهرباء خلال الفترات التي يكون فيها العرض أكبر والأسعار أقل.
وكان الحل الثالث بحسب الدراسة استخدام طرق تخزين الطاقة الكهربائية، خلال فترات الطلب المنخفض وارتفاع الإنتاج من مصادر الطاقة المتجددة وبالتالي تحسين منحنى الطلب، وتخفيض الكلف التشغيلية والقدرة على زيادة مشاريع الطاقة المتجددة.
إلا أن ذلك يواجه مجموعة من التحديات والعوائق منها ارتفاع كلف أنظمة تخزين الطاقة الكهربائية، مقارنة بتكاليف توليد الطاقة من مصادر تقليدية مثل الوقود الأحفوري والحاجة إلى بنية تحتية متطورة ومتكاملة مع الشبكة الكهربائية القائمة، وفاقد في الطاقة الكهربائية المخزنة.