تأثير قرار أفغانستان بقطع التجارة مع باكستان على الاقتصاد

قالت مصادر مطلعة إن العلاقة بين باكستان وأفغانستان تتسم بالتوتر المزمن وغياب الثقة، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على التجارة بين البلدين. وأوضحت أن التصعيد السياسي المتكرر كان له تأثيرات اقتصادية واضحة، حيث شهدت الحدود اشتباكات أدت إلى مقتل العشرات من الجانبين. وأكدت المصادر أن جهود الوساطة لم تفلح في تقليل حدة التوترات بين الطرفين.
وأضافت المصادر أنه بعد جولة ثالثة من المحادثات في إسطنبول، أعلنت الحكومة الأفغانية تغييرات جذرية في سياساتها التجارية. وأشارت إلى دعوة التجار الأفغان للاستغناء عن باكستان، وهو ما قد يؤدي إلى إغلاق المعابر أمام حركة التجارة. وأوضحت أن هذا القرار يأتي في ظل تدهور العلاقات بين البلدين، حيث تزايدت الاشتباكات على الحدود بشكل ملحوظ.
كشفت المصادر أن نائب رئيس الوزراء الأفغاني، الملا عبد الغني برادر، أعلن عن ضرورة البحث عن طرق بديلة للتجارة. وأكد أنه لن يتم التعاون مع أي تجار أفغان يستمرون في التعامل مع باكستان، مما قد يفتح المجال أمام تصعيد أكبر في العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
تأثيرات التجارة الأفغانية الجديدة
أوضحت المصادر أن التجارة الأفغانية التي تمر عبر الأراضي الباكستانية معرضة للخطر بسبب التصعيد العسكري. وأكدت أنه بعد فشل المحادثات، أعلنت كابل أنها ستبحث عن بدائل تجارية، مما يزيد من تعقيد الأمور. وذكرت المصادر أن الحكومة الأفغانية أعطت مهلة لمستوردي الأدوية من باكستان لإنهاء تعاملاتهم، حيث انتقد الملا برادر جودة الأدوية المستوردة.
وأضافت المصادر أن باكستان بحاجة لتقديم ضمانات بعدم إغلاق طرق التجارة مرة أخرى إذا أرادت إعادة فتح المعابر. وأعلنت وزارة الخارجية الباكستانية أن جميع المعابر مغلقة، وأن إعادة فتحها تعتمد على اعتبارات أمنية. وأكد السفير طاهر حسين أندرابي أن التجارة لن تُستأنف حتى تتخذ الحكومة الأفغانية إجراءات ضد الجماعات الإرهابية.
في هذا السياق، أكد الخبير سلمان جاويد أن ما تصدره باكستان لأفغانستان يمثل نسبة صغيرة من إجمالي صادراتها. وأوضح أن الخسائر التي قد تتراوح بين 400 و700 مليون دولار على مدى 6 أشهر قابلة للإدارة، حيث تتركز بشكل كبير في السلع الغذائية والأدوية. وأكد أنه رغم هذه الخسائر، لا يُتوقع أن تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الكلي لباكستان.
الشركات الصغيرة والمتوسطة تحت الضغط
قال جاويد إن الشركات الصغيرة والمتوسطة في المناطق الحدودية هي الأكثر تأثراً، حيث قد تواجه صعوبة في التعامل مع تداعيات الأزمة. وأكد أن القطاعات الأكثر تأثراً تشمل تصنيع الأغذية والأدوية، حيث ستكون هناك ضغوط إضافية على الخدمات اللوجستية. وأشار إلى أن هناك نحو 14 ألف وظيفة مهددة في القطاع الرسمي.
من جهته، أضاف الخبير شهاب يوسفزي أن باكستان تواجه خسائر فورية تزيد عن 900 مليون دولار. وأكد أن هناك احتمالية لتجميد التدفقات النقدية، مما يجعل السلع القابلة للتلف في خطر. وأوضح أن هذا الأمر قد يؤدي إلى تراجع الإنتاج الصناعي وضغط تنازلي على الناتج المحلي الإجمالي.
أوضح يوسفزي أن القطاعات الأكثر تأثراً ستكون في تصنيع الأغذية والحبوب، مما قد يؤدي إلى انخفاض النمو بنسبة 3-5% في القطاعات المتضررة. وأكد أن المناطق الأكثر تضرراً هي خيبر بختونخوا وبلوشستان والمناطق الحدودية في البنجاب.
إجراءات محتملة للتخفيف من الأضرار
يعتقد جاويد أن باكستان يمكنها اتخاذ إجراءات سياسية للتخفيف من آثار الأزمة. وأشار إلى إمكانية إعادة توجيه حوافز التصدير للصناعات المختلفة لدعم الأسواق الجديدة. وأكد أن الإعفاءات الضريبية يمكن أن تدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، بينما يمكن لتجمعات الخدمات اللوجستية في كراتشي التكيف مع الوضع الجديد.
وأضاف أن باكستان يجب أن تسارع في تنويع أسواقها، حيث تشهد صادرات الأدوية نمواً ملحوظاً. وأوضح أن التنسيق الفني بين سلطات الجمارك والغرف التجارية يمكن أن يساعد في إعادة بناء التدفقات التجارية دون تنازلات سياسية.
في ختام حديثه، قال جاويد إن باكستان يمكنها التكيف مع انخفاض التجارة مع أفغانستان، بينما تواجه الأخيرة صعوبة في استبدال قدراتها الإنتاجية ولوجستياتها.














