كيف يبني رواد الاعمال ثرواتهم بكفاءة دون جهد مفرط

قالت جودي كوك في مقالة نشرت في مجلة فوربس الاقتصادية، إن قياس نجاح رائد الأعمال لم يعد مرتبطاً بالساعات الطويلة التي يقضيها أمام شاشة الحاسوب. وأضافت أن الكثير من رواد الأعمال يشعرون بأن جهودهم تذهب أدراج الرياح، مشيرة إلى أن المشكلة تكمن في اتجاهاتهم الخاطئة وليس في ضعف جهدهم.
وأضافت كوك أن دراسة مستقلة نشرتها مجلة هارفارد بزنس ريفيو تؤكد أن بين 60% و70% من ساعات عمل المؤسسين تُستنزف في مهام منخفضة القيمة. وأوضحت أن تجاوز 55 ساعة أسبوعياً لا يؤدي إلى زيادة الإنتاج بل يقلل من القدرة المعرفية ويؤدي إلى اتخاذ قرارات أقل جودة.
وأشارت جامعة ستانفورد الأميركية من خلال مركز أبحاث السلوك المعرفي، إلى أن الإرهاق يقلل من كفاءة اتخاذ القرار، حيث يضعف الوظائف التنفيذية للدماغ بنسبة تتجاوز 60%. وهذا يعني أن ساعات العمل الطويلة قد تعطي انطباعاً بالإنجاز بينما هي تضعف جوهره.
دراسات تؤكد تأثير ساعات العمل على الإنتاجية
وأوضحت كوك أن تقريراً استشارياً أصدرته شركة ماكينزي العالمية في عام 2024، يشير إلى أن قادة الشركات الذين خفضوا ساعات العمل الفعالة إلى 4 أو 5 ساعات يومياً أصبحوا أكثر قدرة على تحديد المهام ذات القيمة العالية. كما أنهم أصبحوا أكثر حسماً في إسقاط الأنشطة التي لا قيمة لها.
في سياق متصل، قالت مجلة العمل التنظيمي التابعة لجامعة مينيسوتا الأميركية إن فترات العمل القصيرة المكثفة تتفوق على العمل الطويل الموزع. وبينت أن الدماغ يصل إلى قمّة إنتاجه خلال نوافذ تركيز لا تتجاوز 90 دقيقة، وبعدها تتراجع القدرة التحليلية تدريجياً.
وأوضحت كوك أيضاً أن دراسة من مؤسسة غالوب أكدت أن توزيع المهام بناء على تأثيرها النفسي، وليس حجمها، يرفع الإنتاجية بنسبة قد تصل إلى 40%. وأشارت إلى أن المهام الثقيلة تستنزف طاقة الإنسان، بينما تمنحه المهام الخفيفة دفعة داخلية وتحرّك قدرته الإبداعية.
حماية الوقت كاستراتيجية أساسية
وذكرت كوك أن معهد الإدارة الدولي في لندن حذر من خطورة المقاطعات على جودة العمل، حيث يتعرض المدير يومياً لعشرات المقاطعات التي تعيق التفكير. وأضافت أن أبحاث معهد ماساتشوستس للتقنية أظهرت أن استعادة التركيز بعد أي مقاطعة تحتاج في المتوسط إلى 23 دقيقة، مما يجعل العمل المتواصل شبه مستحيل دون حماية صارمة للوقت.
وأشارت كوك إلى أن فوربس تتعامل مع الوقت كهوية وليس مجرد جدول، موضحة أن السماح للآخرين بقطع اليوم قد يعيد تشكيل مستقبل الشركة. لذا، ينصح الخبراء بخلق ساعات سيادية تكون خلالها جميع الأبواب مغلقة.
كما أكدت كوك أن الراحة ليست ثغرة في البناء العملي بل جزء جوهري منه، حيث أظهرت دراسة من مركز علوم الأعصاب في جامعة ستانفورد أن الدماغ يبتكر حلولاً معقدة أثناء فترات الشرود أكثر مما يبتكر أثناء العمل المركز.
الذكاء الاصطناعي كأداة لتعزيز الكفاءة
وفي سياق الحديث عن تعزيز الكفاءة، أكدت كوك أن الذكاء الاصطناعي يلعب دوراً مهماً في خفض زمن تنفيذ المهام المتكررة بنحو 40%. وأوضحت أن الأدوات الذكية قادرة على تحويل العمل اليومي إلى عمليات شبه مؤتمتة، مما يفتح وقت المؤسس للأفكار الاستراتيجية.
كما أكدت أن الشركات التي تبنت الذكاء الاصطناعي شهدت ارتفاعاً في إنتاجية الفرق بنسبة تجاوزت 55% خلال 6 أشهر. هذه الشواهد تؤكد أن رائد الأعمال الناجح ليس من يعمل أطول، بل من يفهم أين يضع جهوده وكيف يحمي ذهنه.
واختتمت كوك بأن العمل القليل ليس كسلاً، بل هو أسلوب عمل جديد ينقل رائد الأعمال من إدارة المهام إلى صناعة الأثر، حيث تتحقق القرارات الكبرى دون أن تُستهلك الحياة.














