+
أأ
-

توقعات النمو الاقتصادي في لبنان تنخفض إلى 2.5 في المئة

{title}

خفضت وكالة التصنيف الدولية "موديز" في تقرير محدث سقف ترقبات النمو الحقيقي للاقتصاد اللبناني هذا العام من 5 في المئة المرتقبة محلياً إلى 2.5 في المئة، مع إدراجها ضمن مسار إيجابي يرتفع إلى نسبة 3.5 في المئة خلال العامين المقبلين. وأشارت الوكالة إلى أن هذه الأرقام "قابلة للتحسن في حال تنفيذ الإصلاحات بشكلٍ سريع".

وأضافت "موديز" أن مبررات الوكالة تتلاقى ضمنياً مع تقديرات صندوق النقد الدولي، الذي لاحظ أن التقدم المسجل في ملف إبرام اتفاق مشترك مع لبنان لا يزال "بطيئاً للغاية". وأكدت أن الأزمة لا تزال تتطلب توافقاً سياسياً جدياً لسن القوانين الإصلاحية الضرورية التي تمنح الصندوق الثقة الكافية للموافقة المكتملة على اتفاق يتضمن برنامج تمويل بمبالغ تتراوح بين 3 و4 مليارات دولار.

وبالرغم من التباين في تقديرات النمو المتوقعة لهذا العام، فإن التبدلات الطارئة على المناخات السياسية وانضمام مسؤول مدني إلى اللجنة العسكرية المعنية بوقف الأعمال العسكرية بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، قلصت نسبياً من مخاوف توسع الأعمال الحربية. وأعادت هذه الأحداث، بحسب مسؤول مالي معني، التطلعات الحكومية لتصحيح الأرقام، وربما فوق مستوى 5 في المئة، ربطاً بكثافة النشاط التجاري والسياحي المعتاد في فترة الأعياد والعطلات بنهاية العام.

التحديات الاقتصادية في لبنان

وتعدّ عودة الاقتصاد المحلي إلى مسار النمو الإيجابي، وبمعزل عن التفاوت في النسب المحققة أو المرتقبة، تحولاً نوعياً لتأثير عودة الانتظام إلى عمل المؤسسات الدستورية. فقد شهد لبنان 5 سنوات متتالية من الأزمات الحادة والتخبط في حال "عدم اليقين" سياسياً واقتصادياً، ثم تكلل ذلك باندلاع حرب تدميرية طاحنة أدت إلى اتساع فجوة الخسائر الإعمارية والقطاعية بما يزيد على 7 مليارات دولار.

وتكفلت تضافر هذه الوقائع السلبية المتتالية بانكماش حاد للناتج المحلي من أعلى المستويات البالغة نحو 53 مليار دولار عشية انفجار الأزمة إلى نحو 20 مليار دولار في ذروة الانهيارات المالية والنقدية. وقد استعاد الاقتصاد حيوية هشة دفعته أرقامه إلى حدود 31.6 مليار دولار بنهاية عام 2023، وفق رصد إدارة الإحصاء المركزي، ليصل بعدها إلى نحو 43 مليار دولار وفق تقرير مصرفي محلي.

وقد أرجعت الوكالة هذا التحسن إلى مؤشرات متنوعة تشمل السياحة وزيادة الاستيراد واستمرار التضخم واستدامة التحويلات الخارجية، خصوصاً من المغتربين والعاملين في الخارج.

إصلاحات مطلوبة لتحقيق الاستدامة

غير أن بلوغ مرحلة النمو المستدام للاقتصاد والاستفادة من التزام الدول المانحة بدعم لبنان، يظل مشروطاً بتطبيق برنامج الإصلاح المعدّ من قبل صندوق النقد الدولي. حيث تتمحور المطالب الرئيسية حول إعادة هيكلة القطاع المالي واعتماد استراتيجية متوسطة الأجل لتعبئة الإيرادات وترشيد النفقات.

وأشارت "موديز" إلى أن موازنة الحكومة للعام المقبل لم ترتقِ إلى مستوى التطلعات الإصلاحية المطلوبة. كما نبهت إلى ضرورة الشروع بإعادة هيكلة الديون الخارجية للبلاد، والتي تشمل سندات "اليوروبوندز" المقدرة بأكثر من 41 مليار دولار كجزء لا يتجزأ من استعادة القدرة على تحمل الديون.

وتبرز التباينات التي تقارب التناقضات في نقاط محددة بشأن منهجية معالجة الفجوة المالية كعائق محوري على مسار المفاوضات المستمرة بين الحكومة وصندوق النقد. خصوصاً في مقاربة مسألة الودائع التي تناهز 80 مليار دولار.

الآفاق المستقبلية للاقتصاد اللبناني

وقد حافظت "موديز" على تصنيف لبنان السيادي عند الدرجة "سي" وعلى النظرة المستقبلية "المستقرة" في تحديثها للتقييم الائتماني السيادي للحكومة اللبنانية. وأكدت أن هذا التصنيف يعكس احتمالية كبيرة بأن تتخطى خسائر حاملي سندات الدين الدولية (اليوروبوندز) نسبة 65 في المئة.

كما نبهت الوكالة إلى أن تصنيف لبنان سيبقى على حاله إلا إذا تم تطبيق إصلاحات جوهرية على مدى سنوات عدة. وذلك لضمان استدامة الدين في المستقبل.

الاقتصاد اللبناني، رغم التحديات، لا يزال يتطلع إلى استعادة عافيته من خلال إجراءات إصلاحية شاملة تعزز من استقراره المالي والاقتصادي.