اجتماع الاحتياطي الفيدرالي 2025 وتوقعات خفض الفائدة

يدخل مجلس الاحتياطي الفيدرالي اجتماعه الأخير لعام 2025 وسط حالة من عدم اليقين الاقتصادي والسياسي. قال الخبراء إن هذا الاجتماع لا يقتصر على تحديد مصير أسعار الفائدة في ظل انقسام حاد بين صانعي السياسة النقدية. وأوضحوا أنه يأتي قبل أشهر معدودة من تغيير رئاسة البنك المركزي الأميركي المقرر في مايو المقبل، مما يضع مصير السياسة النقدية الأميركية لعام 2026 وما بعده على المحك.
أضاف المحللون أن الاجتماع، الذي يستمر يومي الثلاثاء والأربعاء، يضع الاحتياطي الفيدرالي أمام خيارين متناقضين: إما خفض الفائدة للمرة الثالثة هذا العام لدعم سوق العمل المتباطئة، أو الإبقاء عليها مرتفعة لمواجهة التضخم المتصلب الذي لا يزال فوق المستهدف، البالغ 2 في المائة. وأشاروا إلى أن هذا الأمر يتسبب بانقسام حاد بين صانعي السياسة النقدية.
كما جاء في التصريحات أن هذا الاجتماع يأتي قبل كشف الرئيس الأميركي عن مرشحه لخلافة الرئيس الحالي للاحتياطي الفيدرالي جيروم باول. كشفت التقارير أن ترمب أعلن هذا الأسبوع أنه سيكشف عن مرشحه لمنصب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي القادم في أوائل عام 2026، ولمَّح إلى أنه يريد ترشيح كبير مستشاريه الاقتصاديين كيفن هاسيت ليحل مكان باول الذي تنتهي ولايته في مايو.
توقعات السوق
في الأسابيع الأخيرة، شهدت التوقعات حول قرار الفائدة في اجتماع اللجنة يومي 9 و10 ديسمبر تقلبات حادة. بينما استقرت حالياً، تشير أسواق السندات الآجلة، وتحديداً أداة فيدووتش من مجموعة سي إم إيه، إلى أن احتمالات خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية تبلغ نحو 87 في المائة. وأوضح المحللون أنه في حال إقرار هذا الخفض، سيكون الثالث على التوالي، ليصل نطاق سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية إلى 3.50 في المائة - 3.75 في المائة.
أظهر الخبراء أن قرار اللجنة الفيدرالية يزداد تعقيداً بسبب المهمة المزدوجة التي منحها الكونغرس للفيدرالي: تحقيق استقرار الأسعار ومنع ارتفاع البطالة. وأشارت البيانات الأخيرة إلى ارتفاع معدل البطالة إلى 4.4 في المائة، مما يُرجح كفة المطالبين بخفض الفائدة، ولكن التضخم لا يزال أعلى من الهدف البالغ 2 في المائة.
بينما تواصل الصورة الاقتصادية التشويش، حيث تشير بعض المؤشرات إلى نمو قوي ومخاطر تضخمية، توحي أخرى ببداية تباطؤ اقتصادي. وزاد الإغلاق الحكومي في أكتوبر التشويش على البيانات الرسمية في الوقت الذي أثرت فيه السياسات التجارية والقيود على الهجرة سلباً على التوظيف.
صراع الحمائم والصقور
انعكس التضارب بين المؤشرات والضغوط المتنامية انقساماً حاداً داخل الاحتياطي الفيدرالي. حيث انقسم مسؤولو الفيدرالي إلى معسكرين رئيسيين: فريق يرى أن التضخم هو الخطر الأكبر، ويجب الإبقاء على الأسعار مرتفعة. وفريق لديه ثقة أكبر بأن التعريفات الجمركية تمثل زيادة في الأسعار لمرة واحدة، وليست مصدراً للتضخم المستدام.
قال الخبراء إن هذا الانقسام يعني أن السوق قد تبالغ في توقعات الخفض. وأشاروا إلى أن تقرير التضخم الأخير، الذي أظهر ارتفاعاً أقل من المتوقع في سبتمبر، عزَّز احتمالات الخفض. وأوضحوا أن باول يلقي كلمة خلال سلسلة محاضرات جورج بي. شولتز التذكارية في جامعة ستانفورد.
رغم أن باول كان واضحاً في أن خفض ديسمبر ليس أمراً مسلماً به، فإن كثيراً من المحللين يتوقعون أن تسود كفة الحمائم وأن يتم إقرار الخفض، مدعومين بارتفاع معدل البطالة وضعف مقاييس نمو الوظائف الخاصة.
ترجيح كفة الحمائم
يتوقع الخبراء أن يتمكن باول من إقناع الأعضاء المترددين بالتصويت لصالح الخفض، مقابل الإشارة القوية إلى أن التخفيضات المستقبلية ستكون محدودة، مما يعني فترة توقف طويلة بعد خفض ديسمبر. ومن المقرر أن يصدر الفيدرالي مخطط النقاط لتوقعات أسعار الفائدة والاقتصاد، لكن لا يُتوقع تغييرات مادية عن توقعات سبتمبر.
يذكر أنه رغم أنه من المقرر أن يرأس باول ثلاث اجتماعات للجنة الفيدرالية في يناير ومارس وأبريل قبل انتهاء ولايته، فإن ولايته محافظاً لبنك الاحتياطي الفيدرالي لن تنتهي حتى يناير 2028. وأشار الخبراء إلى أنه قد يكسر التقاليد ويبقى في بنك الاحتياطي الفيدرالي لسنوات أخرى عدة.
كذلك قد يستفيد ترمب من مقاعد في اللجنة ليسمي موالين له، حيث من المقرر أن يتقاعد رئيس بنك أتلانتا الفيدرالي في فبراير 2026، مما يمثل فراغاً إضافياً في اللجنة، في حين لا تزال هناك قضية المحافظة ليزا كوك، التي حاول ترمب عزلها.
آفاق عام 2026
رغم التوقعات الحالية التي تشير إلى فترة توقف طويلة بعد خفض ديسمبر، فإن المشهد قد يتغير جذرياً في منتصف العام المقبل إذا تولى كيفن هاسيت رئاسة الاحتياطي الفيدرالي خلفاً لجيروم باول. فهاسيت معروف بمواقفه الداعمة لخفض أسعار الفائدة بشكل أسرع، وهو ما يتماشى مع توجهات ترمب.
وبالتالي، في حال فوزه، فمن المرجح أن يدفع الاحتياطي الفيدرالي نحو مزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة، حتى مع وجود مؤشرات على تحسن سوق العمل أو استمرار التضخم فوق المستهدف. وأوضح الخبراء أنه إذا تحقق هذا السيناريو، فإن التوقعات التي تشير حالياً إلى تخفيضين فقط في صيف 2026 قد تصبح متحفظة للغاية.
إذ قد نشهد دورة جديدة من التيسير النقدي أكثر جرأة، ما سيؤثر على عوائد السندات وأسواق الأسهم وحتى الدولار الأميركي.














