+
أأ
-

السعودية تطلق نظام تملك جديد للأجانب لتعزيز القطاع العقاري

{title}

تستعد السعودية لدخول مرحلة جديدة من الانفتاح الاقتصادي في قطاع العقارات. حيث من المقرر أن يبدأ سريان النظام المحدث لتملك غير السعوديين للعقار في يناير المقبل. يأتي هذا النظام، الذي أقره مجلس الوزراء السعودي في يوليو الماضي، كخطوة استراتيجية لتنظيم تملك العقارات لغير السعوديين، أفراداً وكيانات، بهدف رئيسي هو تعزيز مساهمة القطاع العقاري في الناتج المحلي الإجمالي وتنويع مصادر الدخل الوطني بعيداً عن النفط. بما ينسجم كلياً مع مستهدفات رؤية 2030.

قالت الهيئة العامة للعقار إنها تعمل حالياً على إعداد اللائحة التنفيذية للنظام. وأوضحت أن تحديد النطاق الجغرافي للمواقع المسموح التملك والاستثمار فيها للأجانب سيتم الإعلان عنه قبل موعد بدء سريان النظام. كما يهدف التشريع الجديد إلى استبقاء الكفاءات والمواهب العالمية عبر تمكينهم من الاستقرار، وتحسين جودة الحياة الحضرية والعمرانية.

أكد وزير البلديات والإسكان السعودي، ماجد الحقيل، في مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي، أن الشهر المقبل سيشهد تنفيذ نظام تملك العقار للأجانب على المستوى السكني في جميع مدن السعودية باستثناء 4 مدن تشمل مكة والمدينة المنورة وجدة والرياض. وأشار إلى أن هناك مناطق محددة داخل هذه المدن مسموح فيها بالتملك. وبالنسبة للمقيمين داخل المملكة، فيحق لهم تملك وحدة سكنية واحدة.

نطاق التملك

في المقابل، يتميز النظام بمرونة كبيرة تجاه القطاعات الاقتصادية الأخرى. حيث سيكون التملك مفتوحاً للأجانب في كل مدن المملكة دون استثناء في القطاعات التجاري والصناعي والزراعي. وقد أشار فهد بن سليمان، المدير التنفيذي لملكية العقار لغير السعوديين في الهيئة، خلال تصريحات صحافية في نوفمبر الماضي، إلى أن المناطق المخصصة لملكية الأجانب في الرياض وجدة والمدن المقدسة (مكة والمدينة) لا تزال قيد المراجعة. وسيتم الإعلان عنها قريباً جداً مع اللوائح المنظمة للقواعد الجديدة لملكية العقارات.

وأضاف أن تلك المناطق ستكون واسعة جداً وتشمل ما يُعرف بالمشاريع الضخمة. ومن المتوقع أن تُحدّد نسبة ملكية غير السعوديين في هذه المناطق بما يتراوح بين 70 في المائة و90 في المائة. وأكد أن المشترين يجب أن يكونوا مسلمين للشراء في المدينتين المقدستين، لكنهم لن يواجهوا قيوداً كبيرة بخلاف ذلك. وأوضح أن "لا توجد شروط كبيرة، ولا نرغب في فرض قيود. وعند المقارنة بين القانون الحالي ونظيره المحدث، سنجد أن هناك فرقاً ملحوظاً".

وفي تعليق على قرب البدء بسريان النظام المحدث، أشار عدد من الخبراء والمختصين العقاريين خلال حديثهم لـ الشرق الأوسط، إلى أن النظام سيخلق طلباً إضافياً على الوحدات العقارية الجاهزة. كما سيؤدي إلى رفع مستوى السيولة داخل السوق العقارية. وتوقعوا أن يكون التأثير الإيجابي للنظام على السوق العقارية في مدن الرياض وجدة، ومكة، والطائف، والمدينة المنورة، بالإضافة إلى المدن القريبة من المناطق السياحية.

توقعات السوق

ويرى الخبير والمسوّق العقاري صقر الزهراني في تصريح لـ الشرق الأوسط، أن بدء تنفيذ النظام سيشكل مرحلة مفصلية في حركة السوق العقارية السعودية. ويعتبر أن هذا سيؤدي إلى توسّع قاعدة المتعاملين وانتقال شريحة واسعة من المقيمين من خانة الإيجار إلى التملك، خصوصاً في المدن المسموح بها. وأشار إلى أن هذا التحول سيخلق طلباً إضافياً موجهاً نحو الوحدات العقارية الجاهزة والمجتمعات السكنية المنظمة.

كما يتوقع أن يمنح فتح التملك للقطاعات التجارية والصناعية والزراعية أمام الأجانب في جميع المدن الشركات الدولية حافزاً أكبر لإنشاء مقراتها ومشاريعها داخل المملكة، مما ينعكس على النشاط الاقتصادي ويؤسس لمرحلة أكثر استقراراً ونمواً في القطاع العقاري. وأكد الزهراني أن أول التغيرات المتوقعة في السوق العقارية ستكون رفع جودة المنتجات العقارية.

وأشار إلى أن النظام المحدث سيسهم في تعزيز الاستقرار السعري، لأن تملك المقيمين والأجانب عادة ما يكون طويل الأمد، مما يحد من المضاربات قصيرة المدى. كما ستزداد الشفافية والحوكمة داخل السوق بفضل الضوابط القانونية والرقابية المصاحبة للنظام. ولفت الزهراني إلى أن الإعلان عن بدء تنفيذ النظام سيُحدث حركة مباشرة في الاستفسارات والاهتمام.

رفع جودة العقار

وأضاف أن المؤشرات الواضحة مثل ارتفاع حجم التداول وتسارع تسليم المشروعات ودخول المستثمرين الأجانب من المرجح أن تتبلور خلال الربعين الثالث والرابع. حيث تكون السوق قد استوعبت اللوائح التنفيذية وبدأت تتفاعل معها بصورة عملية ومستقرة. واعتبر أن العام الأول من تطبيق النظام سيشكل فترة انتقالية بينما سيظهر الأثر الأكبر بصورة ملموسة خلال النصف الثاني من 2026 وما يليه.

بدوره، توقع الخبير والمقيّم العقاري المهندس أحمد الفقيه، خلال تصريحه لـ الشرق الأوسط، أن يكون تأثير النظام متبايناً على السوق العقارية بحسب الموقع الجغرافي. مع ترجيحه أن يكون التأثير الإيجابي الأكبر في منطقة مكة المكرمة ومدنها مثل جدة والطائف، بالإضافة إلى المدينة المنورة. وأشار إلى أن السوق العقارية في مدينة الرياض سيكون لها نصيب بارز في استقطاب وجذب رؤوس الأموال غير السعودية سواءً للتملك أو الاستثمار العقاري.

ويرى الفقيه أن رؤوس المال التي تستهدف الاستثمار في القطاع السياحي ستتجه بوصلتها باتجاه المدن القريبة من المناطق السياحية، مثل الطائف لقربها من مكة، وكذلك أبها وجيزان، بالإضافة إلى مدينة تبوك لقربها من مشروع نيوم.

حوافز النظام

يشار إلى أن النظام المحدث لتملك غير السعوديين العقار يهدف إلى تنظيم تملك العقارات لغير السعوديين، أفراداً وكيانات، بما ينسجم مع مستهدفات رؤية 2030. كما يسعى لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر إلى السوق العقارية السعودية وتعزيز مساهمة القطاع العقاري في الناتج المحلي. ويهدف أيضاً إلى استبقاء الكفاءات والمواهب العالمية عبر تمكينهم من الاستقرار، ورفع مساهمة القطاعات غير النفطية في دعم الاقتصاد الوطني.

كما يتيح النظام للمقيم غير السعودي ذي الصفة الطبيعية تملُّك عقار واحد مخصص للسكن خارج النطاق الجغرافي المحدد، باستثناء مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة. ويُشترط أن يكون الشخص مسلماً إذا كان التملك داخل هاتين المدينتين. ووفقاً للنظام، تُمنح الشركات غير المدرجة في السوق المالية السعودية والتي يشارك في ملكيتها غير سعوديين حق التملك ضمن النطاق الجغرافي المشار إليه.

وأكد النظام على أن تطبيقه لا يمس الحقوق الممنوحة في أنظمة أخرى مثل نظام الإقامة المميزة أو اتفاقيات دول مجلس التعاون الخليجي. كما لا يترتب على تملك غير السعودي أية امتيازات إضافية بخلاف الحقوق النظامية. كما أقر النظام فرض رسم لا يتجاوز 5 في المائة من قيمة التصرف العقاري لغير السعوديين، على أن تحدد تفاصيله في اللائحة التنفيذية.