+
أأ
-

إصلاحات شاملة للجمارك في الاتحاد الأوروبي لمواجهة تحديات التجارة

{title}

قالت المفوضية الأوروبية إن أكثر من 12 مليون طرد يدخل الاتحاد الأوروبي يومياً، مما يجعل مهمة فحصها بحثاً عن البضائع غير القانونية أو التي لم تُعلن، مهمة شاقة على رجال الجمارك. وأضافت أن الكثير من هذه الطرود صغير الحجم وقليل القيمة، حيث دخل إلى التكتل في عام 2024 نحو 4.6 مليار طرد بقيمة فردية أقل من 22 يورو (25.6 دولار). وأوضحت المفوضية أن نسبة ما فحصته سلطات الجمارك من إجمالي المنتجات المستوردة بلغت فقط 0.0082 في المائة.

كشفت تقارير ديوان المحاسبة الأوروبي (محكمة المدققين الأوروبيين) عن أن عمليات الفحص الجمركي في بعض الدول الأعضاء تفتقر إلى الصرامة الكافية، كما أن عدم توحيد تطبيق القواعد في جميع دول الاتحاد يجعل الاحتيال أمراً سهلاً. وأكدت المفوضية الأوروبية في أغسطس (آب) الماضي أنها تسعى إلى إجراء إصلاح شامل للحد من البيروقراطية والتعامل مع تحديات مثل الارتفاع الحاد في حجم التجارة الإلكترونية.

بينت المفوضية أن كيفية إدارة التدفق الهائل من الطرود والشحنات الواردة من دول غير أعضاء في الاتحاد الأوروبي، خصوصاً الصين، تعد نقطة محورية في خطة الإصلاح. وأعلنت دول الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي عن قرار بإلغاء الحد الحالي للإعفاء الجمركي البالغ 150 يورو على الطرود، وهو ما يتوقع أن يتم بحلول عام 2028.

إصلاح الجمارك: ما الخطة؟

أوضحت المفوضية الأوروبية أن الإصلاح يهدف إلى تحديث إجراءات الجمارك وتعزيز التعاون بين سلطات الجمارك في الدول الأعضاء. كما يعد بتحسين تحصيل الرسوم والضرائب وتوفير حماية أفضل للسوق الداخلية في الاتحاد الأوروبي. وفي إطار ذلك، سيتم إنشاء "منصة بيانات الجمارك الأوروبية" تحت إشراف هيئة الجمارك الأوروبية التي لم تُنشأ بعد.

أضافت المفوضية أن الهيئة الأوروبية ستعمل كمركز رئيسي لدعم هيئات الجمارك في الدول الأعضاء، حيث ستسعى إلى تبسيط الإجراءات وتحسين سلامة المشتريات الإلكترونية. وأشارت التوقعات إلى أن الإصلاح سيوفر مليارَي يورو سنوياً عبر إحلال المنصة محل بنية تكنولوجيا المعلومات المتاحة في الدول الأعضاء.

أفادت المفوضية بأن الشركات ستحصل على أول فرصة للوصول إلى منصة البيانات بحلول عام 2028، بينما سيبدأ الاستخدام الطوعي في 2032، والإلزامي في 2038. وأكدت أن القرار الأول الحاسم سيكون تحديد مقر الهيئة، حيث تقدمت تسع دول أعضاء بملفات لاستضافة المقر.

مقر هيئة الجمارك الأوروبية

قالت المفوضية إن الدول التي تقدمت لاستضافة المقر تشمل بلجيكا (لييغ) وكرواتيا (زغرب) وفرنسا (ليل) وإيطاليا (روما) وهولندا (لاهاي) وبولندا (وارسو) والبرتغال (بورتو) ورومانيا (بوخارست) وإسبانيا (مالقا). وأكدت أن المفوضية ستقوم الآن بدراسة الطلبات التسعة لضمان أن الموقع المختار يمكن الهيئة من أداء مهامها.

أشارت المفوضية إلى أنه من المتوقع صدور قرار في هذا الشأن خلال شهر فبراير (شباط) بالتعاون بين الدول الأعضاء والبرلمان الأوروبي. وشددت على ضرورة أن توفر الدولة المضيفة مبانٍ جاهزة على الفور وبنية تحتية متقدمة لتكنولوجيا المعلومات والأمن.

أوضحت أن المقر يجب أن يتسع لما لا يقل عن 250 موظفًا، بالإضافة إلى غرف اجتماعات ذات تقنية عالية و"منطقة آمنة" لإدارة المعلومات السرية. كما تم تحديد العديد من الشروط الأخرى اللازمة لتحقيق ذلك.

حماية الأسواق الأوروبية

قال وزير المالية البولندي، أندجي دومانسكي، إن "تجارة أكثر أماناً تعني أوروبا أكثر أماناً"، موضحاً أن اتحاداً جمركياً "قوياً ومرناً" يضمن حماية السوق الداخلية وسلامة المستهلك والتنمية الاقتصادية المستقرة. ومع ذلك، ما تزال كيفية إدارة سياسات التجارة والجمارك المشتركة محل خلاف.

يأتي الإصلاح في وقت تسعى فيه العواصم الأوروبية إلى حماية القطاعات الاستراتيجية الرئيسية لديها في ظل تصاعد حدة التوتر في التجارة الدولية. وارتفعت الدعوات في بعض الأوساط لإطلاق برنامج "صنع في أوروبا"، الذي يعطي أفضلية للمنتجات المحلية، وهو موقف تتبناه فرنسا.

وأفادت التقارير بأن المفوضية الأوروبية كانت تعتزم نشر مبادرة أوروبية مرتبطة بهذا الأمر، لكنها واجهت معارضة من جمهورية التشيك وسلوفاكيا وآيرلندا والسويد ولاتفيا. وحسب ما ذكرته صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، فقد أُجّل المقترح حتى مطلع العام المقبل.