مخاوف من فقاعة الذكاء الاصطناعي وتوقعات تصحيح السوق

في وقت تتدفق فيه مئات المليارات نحو صناعة الذكاء الاصطناعي بوتيرة غير مسبوقة، يجد المستثمرون أنفسهم أمام سؤال جوهري: هل نحن أمام ثورة رقمية تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي، أم على أعتاب فقاعة مالية جديدة تشبه الدوت كوم؟.
فالسباق العالمي لبناء مراكز البيانات وتطوير الرقائق وتوسيع البنية التحتية، تجاوز بالفعل حجم استثمارات تاريخية مثل "مشروع مانهاتن" و"برنامج أبولو". فيما تتنافس شركات التكنولوجيا العملاقة على اقتناص موقع قيادي في "سباق السلاح الرقمي" الجديد. لكن هذا الزخم الهائل ترافقه مؤشرات مقلقة: أسعار أسهم صعدت بوتيرة فلكية وتقييمات شركات ناشئة لا تعكس حجم إيراداتها الفعلي، وشهية استثمارية تغذيها توقعات النمو أكثر مما تغذيها النتائج الواقعية.
بينما يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة اقتصادية تمتد لعقود، يُحذر آخرون من أن الحماس المفرط قد يُخفي وراءه هشاشة يمكن أن تؤدي إلى تصحيح قاسٍ في الأسواق.
توقعات حول الفقاعة في صناعة الذكاء الاصطناعي
لا يعتقد مورتن ويرود، الرئيس التنفيذي لشركة "إيه بي بي"، أن هناك فقاعة، لكنه أشار إلى "قيود في سعة البناء التي لا تواكب جميع الاستثمارات الجديدة"، وفقاً لـ"رويترز". وأضاف: "نتحدث عن تريليونات من الاستثمارات، وستستغرق عدة سنوات لتنفيذها، لأن الموارد والبشر غير كافيين لبناء كل هذا".
أما دينيس ماشويل، الرئيس التنفيذي لشركة "أديكو"، فيرى أن "هناك بالفعل فجوة حالية بين هذا العرض الهائل من الذكاء الاصطناعي والطريقة التي تقوم بها الشركات بتضمينه فعلياً في عملياتها الأساسية". كما أضاف أن المشروع المشترك لمجموعته مع "سيلس فورس" قد يقلل من مخاطر فقاعة الذكاء الاصطناعي من خلال دفع الشركات لاستخدامات أكثر واقعية للتقنية.
ويقول سندر بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة "ألفابت": "لا أعتقد أن أي شركة ستكون بمنأى عن التأثر، بما في ذلك نحن". وذلك في مقابلة مع "بي بي سي" نُشرت في 18 نوفمبر، عند سؤاله عن كيفية تعامل "غوغل" مع احتمال انفجار فقاعة.
تحذيرات من تصحيح السوق في ظل الاستثمار المتزايد
أما جيف بيزوس، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة "أمازون"، فيقول: "عندما يتحمس الناس بشدة للذكاء الاصطناعي كما يحدث اليوم، يتم تمويل كل تجربة، ويصعب على المستثمرين التمييز بين الأفكار الجيدة والسيئة وسط هذا الحماس".
وأضاف: "الفقاعات الصناعية ليست بالخطورة نفسها كالفقاعات المصرفية، وقد تكون مفيدة لأن الفائزين النهائيين سيعودون بالنفع على المجتمع من خلال تلك الابتكارات".
وحذر بنك إنجلترا (البنك المركزي) من أن الأسواق العالمية قد تتراجع إذا تغير مزاج المستثمرين تجاه آفاق الذكاء الاصطناعي. وقالت لجنة السياسة المالية في البنك في 8 أكتوبر: "ارتفعت مخاطر حدوث تصحيح حاد في السوق"، مضيفةً أن احتمال تأثير ذلك على النظام المالي البريطاني "مهم".
آراء خبراء الاقتصاد حول مستقبل الذكاء الاصطناعي
وخلال حلقة نقاشية في قمة خاصة بالتكنولوجيا في آسيا في 3 أكتوبر الماضي، قال برايان يو، المدير الاستثماري في "جي آي سي": "هناك بعض الضجة المبالغ فيها في مجال الشركات الناشئة". وأضاف: "أي شركة ناشئة تحمل شعار (إيه آي) ستُقوَّم بمضاعفات ضخمة مهما كان حجم الإيرادات الصغيرة"، موضحاً أن ذلك قد يكون عادلاً لبعض الشركات وليس كذلك لأخرى.
فيما أكد جوزيف بريغز، الاقتصادي في "غولدمان ساكس" للأبحاث الاقتصادية العالمية، أن فيض الاستثمارات بمليارات الدولارات في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة مستدام. ورفض المخاوف المتزايدة من أن القطاع قد يكون في مرحلة فقاعة، لكنه حذر من أن "الفائزين النهائيين في الذكاء الاصطناعي لا يزالون غير واضحين".
وأشار بيير-أوليفييه غورينتشاس، كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، إلى أنه قد تتبع موجة استثمارات الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة انهياراً شبيهاً بفترة "الدوت كوم"، لكنها أقل احتمالاً أن تكون حدثاً نظامياً يضر بالاقتصاد الأميركي أو العالمي.














