الهزايمة يكتب: الملك والمتقاعدون العسكريون: رسالة وطنية واضحة في لحظة مصيرية
جاء لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني بالمتقاعدين العسكريين ليحمل دلالات سياسية ووطنية عميقة، خصوصًا في ظل التحديات الجسيمة التي تواجه الأردن والمنطقة. حديث الملك لم يكن مجرد خطاب احتفالي بمناسبة «يوم الوفاء للمتقاعدين العسكريين والمحاربين القدامى»، بل كان إعلانًا صريحًا عن صلابة الموقف الأردني تجاه القضية الفلسطينية، ورسالة واضحة لمن يحاولون التشكيك في ثوابت المملكة، سواء في الداخل أو الخارج.
الملك أعاد التأكيد على لاءاته الثلاث: «لا للتهجير، لا للتوطين، لا للوطن البديل»، في تأكيد على موقف لم يتغير منذ 25 عامًا. هذه الرسالة لم تأتِ من فراغ، بل تعكس القلق المتزايد من محاولات فرض حلول على حساب الأردن والفلسطينيين، خاصة مع تصاعد الحديث عن سيناريوهات التهجير من الضفة الغربية وقطاع غزة في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر. استنكار جلالة الملك لمحاولات التشكيك في موقف الأردن يعكس استياءً واضحًا من بعض الجهات التي تسعى إلى زعزعة الثقة بين القيادة والشعب، بل وذهب أبعد من ذلك عندما أشار إلى أن هناك «من يأخذ أوامره من خارج البلد»، وهي إشارة تحمل في طياتها الكثير من المعاني حول محاولات التأثير الخارجي على القرار الأردني.
وفي ظل هذه التحديات، لم يكن حديث الملك عن الجاهزية العسكرية للمتقاعدين مجرد مجاملة، بل كان تأكيدًا على أن الأردن، قيادة وشعبًا وجيشًا، يقف صفًا واحدًا في مواجهة أي تهديد. عندما قال جلالته إنه يعلم أن المتقاعدين العسكريين «جاهزون لارتداء الزي العسكري (الفوتيك)»، فإنه كان يرسل رسالة واضحة مفادها أن أمن الأردن واستقراره خط أحمر، وأن الأردنيين، سواء في الخدمة العسكرية أو التقاعد، مستعدون للدفاع عن وطنهم بكل قوة. زيارة الملك الأخيرة إلى واشنطن لم تكن غائبة عن حديثه، حيث شدد على ضرورة إعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين، وعلى أهمية خفض التصعيد في الضفة الغربية، مع تأكيده أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
هذا الموقف يأتي في سياق الجهود الأردنية المستمرة لمنع فرض واقع جديد في فلسطين، ورفض كل المحاولات التي تستهدف تهجير أهل غزة وإفراغ القطاع من سكانه. اللقاء لم يكن مجرد اجتماع رمزي، بل كان رسالة داخلية وخارجية بأن الأردن ثابت على مواقفه، وأنه مستعد لكل السيناريوهات، وأنه لن يسمح بأن يكون ضحية لمشاريع تصفية القضية الفلسطينية. في الوقت الذي يحاول البعض التشكيك، جاء حديث الملك ليعيد الأمور إلى نصابها: الأردن لم ولن يغيّر موقفه، ومصلحة الأردن واستقراره فوق كل الاعتبارات.














