عدم اليقين الاقتصادي يكبل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي ويعرقل قراراته

يجد الاحتياطي الفيدرالي الأميركي نفسه عالقًا في حالة ترقب، حيث تعصف بالاقتصاد موجات من عدم اليقين المرتبطة بالسياسات التجارية والتنظيمية، وسط تحذيرات من مخاطر مالية متزايدة.
وعلى الرغم من السرد الشائع بين صانعي السياسة هذه الأيام بأن السياسة النقدية "مهيأة جيدًا" للتكيف مع أي مخاطر صعودية أو هبوطية محتملة، تعكس تصريحاتهم الأخيرة حذرًا متزايدًا بشأن تأثير الرسوم الجمركية، التضخم، وأوضاع سوق السندات، بحسب ما ذكرته شبكة "CNBC".
أصبح مصطلح "عدم اليقين" أكثر تكرارًا في تصريحات مسؤولي الفيدرالي. نشرت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة محضر اجتماعها المنعقد في 28-29 كانون الثاني، حيث وردت الإشارة إلى "عدم اليقين" 12 مرة، مع التركيز على عدم اليقين المتزايد بشأن نطاق وتوقيت والتأثيرات الاقتصادية المحتملة للتغيرات في السياسات التجارية والهجرة والسياسات المالية والتنظيمية.
يؤثر عدم اليقين على قرارات الفيدرالي من خلال تأثيره على سوق العمل، التي لا تزال مستقرة نسبيًا، والتضخم، الذي كان يتراجع لكنه قد يعاود الارتفاع مع تزايد قلق المستهلكين وقادة الأعمال من تأثير الرسوم الجمركية على الأسعار.
يستهدف الفيدرالي معدل تضخم عند 2%، وهو مستهدف ظل بعيد المنال منذ ما يقرب من أربع سنوات.
وقال رئيس الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، ألبرتو موسالم، للصحافيين يوم الخميس: "في الوقت الحالي، أرى أن مخاطر بقاء التضخم فوق المستهدف تميل إلى الجانب الصعودي"، مشيراً إلى أن السيناريو الأساسي لديه هو استمرار اقتراب التضخم إلى 2% بشرط أن تظل السياسة النقدية مقيدة بشكل معتدل.
وعندما كان رئيس الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، أوستان جولسبي، أكثر تحفظًا في تقييمه لتأثير الرسوم الجمركية حيث قال: “عند التفكير في الرسوم الجمركية، فإن الأمر يعتمد على عدد الدول التي ستُطبق عليها ومدى حجمها، فكلما زادت، كلما بدت أقرب إلى صدمة بحجم أزمة كوفيد، ما يثير المزيد من القلق.”
بين محضر اجتماع كانون الثاني أن الفيدرالي يراقب عن كثب أي صدمات محتملة، وليس في عجلة من أمره لإجراء أي تغييرات جديدة على أسعار الفائدة. وأكد المحضر أن أعضاء اللجنة يريدون تحقيق مزيد من التقدم في خفض التضخم قبل إجراء أي تعديلات إضافية على النطاق المستهدف لسعر الفائدة الفيدرالي.
وهناك عوامل أخرى مقلقة تتجاوز الرسوم الجمركية والتضخم. وصف محضر الاجتماع المخاطر التي تواجه الاستقرار المالي بأنها "جديرة بالملاحظة"، لا سيما فيما يتعلق بمستوى السندات طويلة الأجل التي تحتفظ بها البنوك.
أعرب كبير الاقتصاديين في Moody’s Analytics مارك زاندي، عن مخاوفة إزاء التحديات التي تواجه سوق السندات الأميركية، والتي تبلغ قيمتها 46.2 تريليون دولار.
وقال زاندي إن الخطر الأكبر هو حدوث انهيار كبير في سوق السندات، فالسوق تبدو هشة للغاية، والنظام المالي به اختلالات كبيرة، والمتعاملون الرئيسيون لا يواكبون حجم الديون المتزايدة، متوقعاً حدوث انهيار في سوق السندات خلال الـ 12 شهرًا المقبلة.
في ظل هذا المناخ، يرى زاندي أن احتمالات قيام الفيدرالي بخفض الفائدة ضئيلة، رغم أن الأسواق لا تزال تتوقع خفضًا بنصف نقطة مئوية بنهاية العام.
وختم بالقول: “الاقتصاد بدأ عام 2025 في وضع جيد نسبيًا، ويبدو أنه يعمل بشكل جيد ويستطيع تحمل العديد من الصدمات، لكن يبدو أن هناك العديد من العواصف قادمة.”














