+
أأ
-

الغرايبة يكتب.. الاقتصاد والتهميش وتهديد التنمية

{title}

ليس هذا المقال عن المهمشين كظاهرة اجتماعية واقتصادية وثقافية، على أهمية وضرورة الكتابة في هذه المسألة. ولكنه مقال عن التهديد الذي تواجهه التنمية في بلادنا بسبب التهميش الذي تتعرض له نسبة كبيرة من المواطنين، أو بسبب تهميش المواطنين لأنفسهم، أو تحول التهميش مع الزمن إلى وجود ونشوء فئات وجماعات ومجموعات من المهمشين الذين أنشأوا مجتمعاتهم وعوالمهم وثقافتهم وعلاقاتهم الخاصة بهم، والمختلفة عن المجتمع الكبير والمحيط.


هناك فئات واسعة في المجتمع غير قادرة على التمتع بالفرص والخدمات المفترض أنها متاحة للجميع. وهذا الحرمان لفئة من المواطنين من ثمار التنمية، يعرضهم لمزيد من الفقر والظلم وعدم المساواة، ويقلل مشاركتهم الاقتصادية والاجتماعية؛ ما يؤدي إلى سلسلة من النتائج "الشريرة"، بدءا بضعف الاقتصاد والإنتاج، وقصور المؤسسات العامة والمجتمعية المفترض أنها تقدم الخدمات الأساسية للمواطنين، ثم التشرد والجريمة والتفكك الأسري والتطرف والعنف والاكتئاب والانتحار والانسحاب من المجتمع.


يمكن القول إن المهمشين يشكلون اليوم نسبة كبيرة في المجتمع؛ بملاحظة التفاوت في الإنفاق العام بين الأغنياء والفقراء، وبين المحافظات والمناطق، وبين المجالات والأغراض العامة للإنفاق العام. كما بملاحظة ومعرفة أن ثمة فئات اجتماعية محددة تعيش، ومنذ فترة طويلة، في التهميش الاجتماعي والاقتصادي.

وكذلك بالنظر إلى ظواهر محددة في المدن، وبخاصة عمان، مثل المتسولين والمتشردين والبائعين على الإشارات؛ أو بتقدير مستوى المعيشة الممكن الحصول عليها لأصحاب حرف ودخول متدنية، وما يمكن أن يؤدي إليه ضعف القدرة الاستيعابية للمدارس والمستشفيات والمراكز الصحية العامة، ومقارنة النمو السكاني بنمو المدارس والمستشفيات في البلد، والهجرة الواسعة من الريف إلى عمان والمدن، ومن البلد إلى الخارج، وابتعاد أرباب الأسر عن أسرهم لفترات طويلة، والانتشار الواسع للمدارس والمستشفيات الخاصة، وما ينشر في الصحف ووسائل الإعلام عن الجرائم والانتحار والإصابات التي تقع على الطرق وفي العمل والمؤسسات.. واستقواء شركات وأصحاب عمل على المستهلكين والعاملين لديهم، وغياب التغطية لفئة واسعة من المواطنين في التأمين الصحي والضمان الاجتماعي، ووجود عدد كبير (60 في المائة) من المواطنين فوق الستين سنة بلا تقاعد.
ويمكن التقدير أيضا أن التهميش يطال فئات واسعة من السكان؛ مثل الفقراء والأيتام والمعوقين والمرضى وكبار السن واللاجئين والنازحين والمتسربين من المدارس والأسر المفككة، أو الأطفال من غير أسر، والمساجين وأسرهم.


الفكرة المقصودة، ببساطة، هي: إلى أي مدى يمكن ملاحظة استهداف المهمشين في برامج وخطط التنمية والمؤسسات العامة والمجتمعية.. وفي الموازنة السنوية؟