المعادن الاستراتيجية.. سلاح بكين في الحرب التجارية مع واشنطن

وسط تصاعد المنافسة الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة، تتجه بكين لتعزيز استراتيجيتها في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الموارد المعدنية.
تكثيف الدعم الحكومي لاستكشاف المعادن محلياً يعكس سعيها لحماية سلاسل التوريد وتعزيز النفوذ في الصناعات المتقدمة، مثل أشباه الموصلات والطاقة النظيفة.
في المقابل، تسعى واشنطن للحد من الهيمنة الصينية عبر استثمارات بديلة وتحالفات استراتيجية، ما يجعل السيطرة على المعادن الاستراتيجية نقطة اشتعال جديدة في المشهد الجيوسياسي العالمي.
- مع تزايد جهود صناع السياسات لتحقيق طموح الرئيس شي جين بينغ في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الموارد وسط تصاعد المنافسة مع الولايات المتحدة، تعمل الصين على تعزيز الدعم الحكومي لاستكشاف المعادن محلياً.
- على مدى العام الماضي، أعلنت ما لا يقل عن نصف حكومات المقاطعات الـ 34 في الصين ، بما في ذلك حكومات المناطق الأكثر إنتاجا للموارد مثل شينغيانغ، عن زيادة الدعم أو توسيع الوصول إلى استكشاف المعادن، وفقا لتحليل صحيفة فاينانشال تايمز للإعلانات الرسمية.
- تأتي هذه الزيادة في التمويل في الوقت الذي برزت فيه السيطرة على المعادن الاستراتيجية في العالم كنقطة اشتعال بين الولايات المتحدة والصين، حيث تتنافس القوى العظمى على الموارد اللازمة للتكنولوجيات المتقدمة مثل أشباه الموصلات والمركبات الكهربائية والروبوتات والصواريخ.
نقل تقرير الصحيفة عن مدير إدارة الاستكشاف الجيولوجي والإدارة بوزارة الموارد الطبيعية، شيونغ تسيل، قوله للصحافيين هذا العام:
- "تم تحقيق سلسلة من الإنجازات الكبرى في مجال استكشاف المعادن، مما عزز بشكل كبير القدرة على ضمان سلامة السلاسل الصناعية المهمة وسلاسل التوريد والاستجابة لعدم اليقين البيئي الخارجي".
- "خطة التنقيب عن المعادن الجديدة تركز بشكل وثيق على تعزيز موارد الطاقة المحلية والمعادن "الاستراتيجية".
وتعد الصين أكبر منتج في العالم لـ30 من أصل 44 معدناً أساسياً تتبعها هيئة المسح الجيولوجي الأميركية.
وفي مسعى لتخفيف هيمنة بكين على القطاع، أعطى الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأولوية للتعدين المحلي منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير، فضلاً عن الوصول إلى المعادن الحيوية في الخارج، بما في ذلك في غرينلاند وأوكرانيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
كما ركز الرئيس الصيني شي على اعتماد الصين على نفسها في مجال العلوم والتكنولوجيا منذ أن أصبح زعيما للحزب الشيوعي الصيني الحاكم في عام 2012.
وقد أصبح هذا الدافع أكثر إلحاحاً في ظل التوترات المتصاعدة مع الولايات المتحدة، ولجأ شي إلى دعم سلاسل التوريد وإعطاء الأولوية للتصنيع المتقدم والتكنولوجيا العالية الناشئة.
- تُعدّ سلاسل توريد المعادن في بكين نقطة ضغط جيوسياسية حاسمة في حربها التجارية والتكنولوجية مع الولايات المتحدة.
- خصصت الحكومة الصينية أكثر من 100 مليار يوان صيني (13.8 مليار دولار أميركي) للاستثمار في الاستكشاف الجيولوجي سنوياً منذ عام 2022، وهي أعلى نسبة استثمار في ثلاث سنوات خلال عقد من الزمن.
- كما شددت الصين خلال العام الماضي الرقابة على صادرات المعادن الاستراتيجية، والتي يعتبر الكثير منها ضروريا لتصنيع الرقائق، بما في ذلك الجاليوم والجرمانيوم والأنتيمون والجرافيت والتنجستن، ردا على القيود التي فرضتها الولايات المتحدة على صادرات التكنولوجيا إلى الصين.
إعانات
وبحسب المدير المساعد لشركة تريفيوم تشاينا الاستشارية ومقرها بكين، كوري كومبس، فإن:
- الصين قدمت إعانات وحوافز ضريبية وأنواع أخرى من الدعم لقطاع التعدين المحلي "بغض النظر" عن دورات سوق السلع الأساسية.
- "من منظور السوق الصرف، يُعدّ هذا الأمر تبذيراً.. أما من منظور الأمن السياسي والاقتصادي، فهو ليس تبذيراً على الإطلاق، بل يستحق التكلفة".
- "من وجهة نظر بكين، المال ليس الهدف الوحيد".
وقد زادت شينفيانغ من دعمها للاستكشاف الجيولوجي إلى 650 مليون يوان صيني في العام 2025، من 150 مليون يوان صيني في العام 2023. كما عززت بشكل حاد إصدار حقوق استكشاف التعدين إلى مستويات قياسية.