أخبار الأردن – على وقع الخسائر، ونزيف الكلف التشغيلية، يودع القطاع السياحي في مدينة العقبة موسمه السياحي، وسط غياب رؤية واضحة لما تحمله الأيام القادمة، والتي تبقي القطاع بكل مكوناته، رهنا للتوقعات والاجتهادات، من دون وجود خطة إنقاذ فاعلة، كان من الممكن أن تخفف من آثار الأزمة التي يعيشها منذ 7 أشهر.
ويعاني القطاع السياحي في مدينة العقبة من حالة تردٍ غير مسبوقة، وخذل ذلك قطاعات أخرى تعتمد عليه بشكل مباشر وغير مباشر، ومنها التجارة والنقل، منذ بدء العدوان الصهيوني على غزة، والذي تزامن مع انطلاق الموسم السياحي، الذي تبدأ ذروته في تشرين الأول (أكتوبر) وحتى شهر آذار (مارس).
ولا يظهر بالأفق أي مؤشرات على التحسن، والشاهد أن ما يتعرض له القطاع من انتكاسة على مدار 7 أشهر، من المتوقع أن تستمر- وفق معنيين-، رأوا “أن استمرار السياسات التقليدية التي تعتمد عليها سياحة العقبة، والمبنية على الحجوزات الخارجية والأسواق التقليدية، ستبقي العقبة رهينة الأزمات التي تتكرر في كل فترة”. وفق جريدة الغد.
عند هذه النقطة، تبدو الأمور غير مبشرة، فمنذ أن ألغيت قرابة 95 % من الحجوزات السياحية متأثرة بالأحداث الدائرة بالمنطقة، والقطاع يحاول الخروج من عنق الزجاجة، ورغم كل محاولات كسر الركود، إلا أنها بقيت متواضعة ودون الطموح.
ومع استمرار الأوضاع الحالية، أصبحت منشآت سياحية غير قادر على تغطية مصاريفها التشغيلية، فيما اضطر بعضها إلى تسريح العديد من العمالة لديها، بينما قطاعات أخرى تفكر بالإغلاق. يقول ممثلو القطاع السياحي إن القطاع يواجه تحديات كبيرة، تتمثل بإلغاء جميع الحجوزات الخارجية من السياح الأجانب، والتي تعتمد عليها العقبة والقطاع السياحي في المواسم السياحية، وخاصة “البواخر السياحية” التي كان من المتوقع أن تنعش قطاعي النقل والسياحة.
وأكد أصحاب منشآت سياحية، رغم أن نسبة الحجوزات في الأعياد الماضية، وصلت إلى أكثر من 90 %، من السياح العرب والمحليين، إلا أنها تبقى انتعاشة استثنائية، لا يعول عليها لبقية أشهر السنة، مشيرين إلى أن البرامج التي أعدتها سلطة العقبة الخاصة ووزارة السياحية أنعشت الموسم والقطاعات السياحية لكنها ليست كما يتوقع القطاع ومشغلوه الذين استعدوا جيدا للموسم الماضي والحالي، ما زاد عليهم المصاريف التشغيلية.
وبينوا أن العقبة تفتقر لخطة إنقاذ وطوارئ في الأزمات التي يتعرضون لها، مشددين على ضرورة تدخل حكومي، وإنقاذ القطاع الذي ضربت كامل أركانه، مشيرين إلى أن الوضع لا يحتمل على الإطلاق، مطالبين بتأجيل الأقساط والتراخيص والالتزامات التي ترتبت عليهم خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى إيجاد حلول وأسواق بديلة غير تقليدية من دول أخرى، إلى جانب تفعيل واستقطاب خطوط طيران جديدة لمطار الملك الحسين بن طلال، الذي يعمل بسياسة الأجواء المفتوحة، لإنقاذ الموسم السياحي المقبل.
وبلغ حجم الاستثمارات الكلية في منطقة العقبة الاقتصادية 26 مليار دينار تقريبا، وهي مشاريع متفق عليها وموجودة على أرض الواقع ومعظمها استثمارات سياحية وتشكل أكثر من 50 % من معظم الاستثمارات ومشاريع البنية التحتية.
وقالت مديرة شركة سياحية إسلام القطاونة إن القطاع السياحي في العقبة تأذى كثيرا خلال الفترة الحالية، نتيجة العدوان الإسرائيلي الغاشم على الأهل في غزة، والعقبة هي أكثر المناطق التي تأثرت بهذا التوتر، مشيرة إلى أن شركتها السياحية ألغت أكثر من 95 % من الحجوزات السياحية من دول أوروبية، قائلة “العقبة تعمل على موسمية السياحة وخسرنا موسمين سياحيين”.
وطالبت من الجهات المعنية بضرورة الوقوف مع القطاع السياحي بتأجيل الأقساط المالية والتراخيص التي ترتبت خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى إيجاد حلول بديلة للسياحة العالمية كتسويق الأردن في دول أخرى وإيجاد أسواق رديفة للأسواق الرئيسة التقليدية.
وبين المستثمر في القطاع السياحي طلال أبو محفوظ أن على الحكومة الوقوف بجانب القطاع السياحي من خلال منحه تسهيلات مختلفة لا سيما إعفاؤه من رسوم التراخيص وغيرها، مطالبا بإيجاد خطوط طيران من مختلف أنحاء العالم توصل السائح إلى العقبة وأن تكون شركة طيران خاصة ودائمة، حيث تعاني كافة القطاعات السياحية من صعوبة وصول السائح إلى العقبة، إضافة إلى تحديات كثيرة، لا سيما عدم تنظيم القطاع السياحي ومشاكل غياب العلاقة المباشرة مع القطاع الحكومي لتحسس المشاكل وطرق حلها.
ويبلغ عدد المشتغلين في جميع المنشآت والأنشطة السياحية المختلفة في العقبة ما يقارب 4000 عامل، من بينهم 2525 عاملا في القطاع الفندقي، حسب إحصائية العام الماضي 2023 الصادرة عن وزارة السياحة وسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة.
وبينت المستثمرة في القطاع السياحي دارا عودة صاحبة مخيم سياحي في منطقة رم أن هناك قرارا صدر في أزمة وجائحة كورونا من الجهات السياحية والحكومية وهي قوانين جديدة لم تطبق في حينها تخص تراخيص المخيمات السياحية، مشيرة إلى أنه وفي خضم هذه الأزمة، تم تفعيل هذه القوانين بمطالبة أصحاب المخيمات السياحية بمبالغ مالية كبيرة ولا تتناسب مع الكلف التشغيلية والظروف التي تمر فيها المملكة والقطاع السياحي بشكل خاص، مطالبة بإعادة النظر بهذا القرار لا سيما في هذا الوقت الحساس.
وتشير البيانات الصادرة عن البنك المركزي إلى تحقيق الدخل السياحي خلال العام الماضي 2023، ارتفاعا بنسبة 27.4 % لتبلغ قيمته 7.4 مليار دولار، مدفوعا بارتفاع عدد السياح الذي وصل إلى 6.353 مليون وبنسبة نمو بلغت 25.8 %.
وقال صاحب فندق أسامة أبو طالب، إن إلغاء نسب الحجوزات في منشآت العقبة الفندقية أثر بشكل كبير على القطاع السياحي والتجاري في المدينة التي تعتمد على السياحة الخارجية، مؤكدا أن القطاع السياحي تداعى في غرفة تجارة العقبة واتفق على عمل خطة طوارئ تكون جاهزة للأزمات وليس على نظام الفزعة والبحث على الحلول الآنية، مشيرا إلى أن الخطة سيشارك فيها ممثلون من أصحاب الخبرة بالقطاع الخاص وبالتعاون والتشاركية من القطاع العام تكون مسؤولة عن وضع حلول مستدامة للوضع السياحي المتردي.
وبين أبو طالب أن الكلفة التشغيلية عالية جدا على القطاع السياحي في ظل عدم وجود إيرادات تغطي هذه الكلف، متأملا من الحكومة الوقوف بجانبهم ومساعدتهم على تخطي هذه الأزمة.
من جهته، قال نائب رئيس غرفة تجارة العقبة أحمد سالم الكسواني إن القطاع السياحي في مدينة العقبة يواجه جملة معيقات وتحديات وقضايا تحتاج إلى متابعة وتنسيق مع جهات معينة للنهوض به وتعزيز دوره كرافد اقتصادي مهم يمس شريحة كبيرة من المجتمع، مشددا على ضرورة أن يعمل الجميع كفريق واحد لخدمة الاقتصاد الوطني، وتعزيز الحركة التجارية والسياحية في العقبة، واختيار لجنة سياحة دائمة تمثل الفنادق والقرى السياحية والنقل والمطاعم وكل ما يتعلق بالشأن السياحي وصولا الى قطاع قادر على المنافسة.
على الصعيد الرسمي، كان وزير السياحة والآثار مكرم القيسي، قد أكد خلال لقاء إعلامي استضافه منتدى التواصل الحكومي، بتنظيم وزارة الاتصال الحكومي أن الأزمة التي يمر بها الأردن والتداعيات السلبية على الاقتصاد الكلي وعلى قطاعات كثيرة منها قطاع السياحة، جراء العدوان الإسرائيلي الغاشم على أهلنا في غزة وفلسطين المحتلة، ليست الأولى التي يتعرض لها الأردن خلال العقود الماضية.
وكانت سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة قد أطلقت موسم التخفيضات في العقبة والذي تزامن مع عطلة الأعياد وبدء العطلة المدرسية، حيث انعكس الموسم على ارتفاع الحجوزات الفندقية بشكل ملحوظ بنسبة 50 %، خلال الأربعة أشهر الماضية لكنه ليس بالمأمول حسب العاملين في القطاع السياحي.
يذكر أن موسم التخفيضات في العقبة انطلق في 21 كانون الأول (سبتمبر) من العام الماضي واستمر لغاية نهاية آذار (مارس)، بهدف تحريك النشاط التجاري والسياحي بعد التوقف القسري الذي فرضه عدوان الاحتلال الغاشم على الأهل في قطاع غزة.
وشاركت في موسم التخفيضات أكثر من 300 منشأة سياحية وتجارية بتقديم خصومات تزيد على 50 %، مدعومة بالشراكة ما بين سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة وغرفة تجارة العقبة بعد تحليل واقعي وملموس لما يمر به القطاعان السياحي والتجاري خلال هذه الفترة من حالة ركود، لا سيما بعد توقف شبه كلي لمعظم القطاعات السياحية عن العمل في العقبة، تراجعت على إثر ذلك نسب إشغال الفنادق بتصنيفاتها كافة، تزامنا مع تراجع وفود السياح بنسبة قدرت بنحو 90 %.
وكانت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي قد أعلنت عن اتخاذها خطوة غير مسبوقة تهدف إلى التخفيف على منشآت القطاع الخاص بما فيها منشآت القطاع السياحي، بسبب الظروف الاقتصادية الضاغطة التي تتعرض لها هذه المنشآت جراء العدوان على غزة. وقامت المؤسسة بتعديل نظام الشمول الصادر بموجب قانونها بما يسمح بإلغاء فائدة التقسيط على المبالغ المترتبة على المنشآت المدينة، وتضمن ذلك إلغاء فائدة التقسيط على المنشآت المدينة الراغبة بتقسيط مديونيتها كخطوة غير مسبوقة، وذلك شريطة أن تتقدم بطلب تقسيط أو جدولة خلال الفترة من 1/ 5/ 2024 ولغاية 31 /8/ 2024.
ووجهت المؤسسة في بيانها دعوة لكافة المنشآت المدينة إلى الاستفادة من هذا القرار قبل انتهاء المدة المحددة والتي تنتهي بتاريخ 31/ 8/ 2024 كونه بعد هذا التاريخ ستصبح نسبة فائدة التقسيط (2 %) للمنشآت التي تقوم بتنفيذ عمليات التقسيط وتستكمل إجراءاتها خلال الفترة من 1 /9/ 2024 ولغاية 31/ 12/ 2024، فيما سترتفع نسبة فائدة التقسيط إلى (4 %) للمنشآت التي تقوم بتنفيذ عمليات التقسيط وتستكمل إجراءاتها خلال الفترة من 1 /1/ 2025 ولغاية 30/ 4/ 2025، أما المنشآت التي لديها اتفاقيات تقسيط فعّالة، بيّنت المؤسسة أنه بإمكان المنشآت الاستفادة من هذا القرار من خلال التقدم بطلب إعادة الجدولة، مشيرةً إلى أن نسبة فائدة التقسيط ستعود إلى ما كانت عليه سابقاً وهي (9 %) بعد تاريخ 1/ 5/ 2025.