المحلية عربي ودولي

لماذا يضطر المقدسيين لإجراء عقدي زواج.. أردني و”إسرائيلي”؟

اخبار الاردن – تُعرّف “إسرائيل” المقدسيين على أنهم مقيمون وليسوا مواطنين، ويترتب على هذا الوضع القانوني تعقيدات عدة في حياة الفلسطينيين بالمدينة المحتلة، ولا سيما في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

ومن التعقيدات الناتجة عن هذا التعريف اضطرار المقدسيين لإجراء عقدي زواج، أردني وإسرائيلي.

ويلجأ المقدسيون للعقد الأردني لعدة أسباب، أبرزها حاجتهم له في المعاملات الرسمية خاصة الذين يعملون في مناطق السلطة الفلسطينية، والمغتربين في الدول العربية المختلفة التي تعترف بعقد الزواج الأردني في معاملاتها.

ومما يدفع المقدسيين للإقبال على عقد الزواج الأردني أيضا، هو سماح المحكمة الشرعية الأردنية بتزويج من يبلغون سن الخامسة عشرة فما فوق، وهو ما لا يسمح به القانون الإسرائيلي الذي يمنع زواج من هم دون الثامنة عشرة.

سن الزواج
وعن هذه الجزئية، تحدث للجزيرة نت قاضي القدس الشرعي في محكمة القدس الشرعية محمد سرندح، قائلا إنهم يلتزمون بالتعليمات المنصوص عليها في قانون الأحوال الشخصية الأردني، والتي تفرض بعض الشروط على المقبلين على الزواج ممن لم يبلغوا الثامنة عشرة.

أبرز هذه الشروط أخذ إذن من القاضي الشرعي مباشرة في مقر المحكمة، بالإضافة لإلزام الفتاة بإنهاء تعليمها الثانوي دون مضايقة من أحد، كما تطلع المحكمة على أهلية الزوج من ناحية قدرته على الإنفاق وتوفر مسكن مناسب للزوجين، وضرورة التعرف على قيمة المهر لضمان ألا تكون هذه الفتاة أقل من مثيلاتها من المقبلات على الزواج.

ويرى سرندح أن هذه الضوابط مناسبة لإنشاء أسرة على أسس صحيحة، رغم المحاولات الإسرائيلية الرامية لتجريم هذه العقود والتضييق على عمل ثلاثين مأذونا شرعيا يعملون في المحكمة الأردنية بالقدس.

مغريات إسرائيلية
“إسرائيل فتحت سوق العمل أمام الشباب في سن مبكرة، وتتجاوز رواتبهم الشهرية 1500 دولار أميركي، وأتاحت أمام الذكور والإناث كل وسائل الانحلال الأخلاقي في ظل انخفاض المستوى التعليمي والثقافي واكتظاظ سكاني كبير شرقي القدس، وفي المقابل تفرض قانونا يمنع زواج من هم أقل من 18 عاما.. هذه المعطيات تقدم طريقين: إما الزواج بعقد أردني أو الانحلال الأخلاقي، ونحن نفضل الخيار الأول خوفا من ضياع شبابنا المقدسي”، بحسب سرندح.

ويضطر الأزواج بعد حدوث الحمل الأول لتثبيت عقود الزواج في المحكمة الإسرائيلية بهدف المضي في المعاملات في الدوائر الرسمية، بدءا من فتح ملف في مؤسسة التأمين الوطني وتسجيل الأطفال وغيرها.

وبتوجههم إلى المحكمة الإسرائيلية، تبدأ التضييقات بإعداد قوائم تدرج عليها أسماء هؤلاء الأزواج وأولياء أمورهم والمأذون الشرعي الذي أجرى عقد القران الأردني، وتم استدعاء عدد منهم للتحقيق.

وظهرت الملاحقات الإسرائيلية -بحسب سرندح- قبل 12 عاما، ووصفها بالعابرة، لكنها تكثفت خلال السنوات الثلاث الأخيرة باستمرار استدعاء الشرطة للمأذونين الشرعيين والتحقيق معهم، وفي بعض الحالات استدعاء الأزواج وأولياء أمورهم.

استدعاء وترهيب
إمام وخطيب المسجد الأقصى يوسف أبو سنينة يعد من أقدم المأذونين الشرعيين في القدس، وهو يجري عقد القران الأردني منذ ثلاثين عاما، قال للجزيرة نت إن الاستدعاء الأول له كان قبل ثلاثة أعوام.

يقول أبو سنينة “لم يصلني يوما استدعاء مكتوب، بل يتصل أحد المحققين بي هاتفيا لأتوجه للتحقيق في أحد مراكز الشرطة، وتهمتي أنني أجري عقود زواج لقاصرات، فأجيب أن المحكمة الأردنية تجيز ذلك والدين الإسلامي يبيح الزواج لكل فتاة وشاب وصلا سن البلوغ.. تم تهديدي قبل عام بأن استدعى أمام المستشار القانوني للحكومة وأن أُغرم على كل عقد زواج من هذا النوع بمبلغ 3000 شيكل (800 دولار أميركي)”.

المحامي المختص في شؤون القدس خالد زبارقة قال إن الاحتلال لا يعمل على تجريم عقود الزواج لمن هم دون الثامنة عشرة، حرصا منه على حقوق المرأة الفلسطينية، بل لضرب البنية الاجتماعية وتفكيك المجتمع المقدسي، بالإضافة لتقليل معدل إنجاب المقدسيات عبر تأخير سن الزواج.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن الحرب الأساسية في القدس هي الحرب الديمغرافية، وأن كل سياسات الاحتلال تسعى لتفريغ المدينة من الفلسطينيين وإحلال اليهود مكانهم، “سحب إقامات المقدسيين وهدم منازلهم وتشريدهم إجراءات تهدف لهدم الأسر وإعدام إمكانية زواج الشباب وتكوين أسر جديدة”.

تعديلات مجحفة
وتطرق زبارقة إلى أن القانون الإسرائيلي يتيح في حالات استثنائية زواج من هم دون الثامنة عشرة، لكن مع التعديلات الجديدة والسياسة القانونية الإسرائيلية التي تحاول السلطات فرضها على المقدسيين خاصة، ضيقت مساحة الزواج لهذه الفئة لأقصى حدودها.

وشدد على ضرورة عدم السماح للمحكمة المدنية الإسرائيلية بتحديد مصير الأسرة المقدسية المرتبطة بقانون أحوال شخصية أردني، يستند إلى أحكام الشريعة الإسلامية.

يذكر أن محكمة القدس الشرعية ثبتت 2800 عقد زواج للمقدسيين عام 2017، بينهم ستمئة عقد زواج لمن هم دون 18 عاما.

ولا مفر من إجراء عقد زواج إسرائيلي أيضا لتسيير معاملاتهم في المدينة التي تسيطر فيها إسرائيل على كافة مناحي الحياة بها، وتبلغ تكلفة عقدي الزواج 1200 شيكل (330 دولارا أميركيا).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *