اخبار الاردن – تكتنف ترتيبات عقد جلسة المجلس الوطني الفلسطيني، المقررة نهاية الشهر الحالي برام الله، أجواء مشحونة بالتوتر، إزاء غلبة قرار “المقاطعة” عند قوى وفصائل وطنية وازنة، وتعثر خطوات المصالحة، وغياب الأفق السياسي القريب، وسط مساع إقليمية ودولية لا تخرج عن إطار ما يسمى “صفقة القرن”، الأميركية، بعد التعديل.
وتشهد رام الله عملا دؤوبا لتهيئة متطلبات التئام المجلس الوطني، بعد البدء، منذ مطلع الشهر، بتوجيه الدعوات الرسمية لأعضائه داخل الوطن المحتل وخارجه، للمشاركة في دورته القادمة، الممتدة خلال الفترة من 30 نيسان (إبريل) الحالي حتى 4 أيار (مايو) المقبل، تحت عنوان “القدس، وحماية الشرعية الفلسطينية”.
ومن المزمع أن يتم خلال جلسة “الوطني الفلسطيني”، الذي ينعقد بتشكيلته الحالية، وبنحو 700 عضو، إجراء انتخاب اللجنة التنفيذية الجديدة لمنظمة التحرير، والتي بدورها ستنتخب رئيسها، في ظل توجه المعطى الجازم نحو الرئيس محمود عباس، برئاسة جديدة.
وتعم أراضي الضفة الغربية المحتلة، منذ فترة، الأنشطة والفعاليات المحتفية “بتجديد العهد والشرعية للرئيس عباس”، طبقاً للمهرجانات الشعبية الخطابية التي تؤكد “حق العودة وتقرير المصير”، فيما انتظمت الحملة الوطنية الكبرى لمساندة “أبو مازن” تحت شعار “فوضناك”، عبر حراك جماهيري ميداني وحضور “افتراضي” قوي على مواقع التواصل الاجتماعي.
ودعا رئيس المجلس الوطني، سليم الزعنون، “الفصائل والقوى الفلسطينية للمشاركة في الدورة المصيرية القادمة، للحفاظ على الحقوق الوطنية، وفي مقدمتها تقرير المصير والعودة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها مدينة القدس المحتلة”.
وأكد أهمية “انعقاد هذه الدورة في ظل الظروف المعقدة التي تمر بها القضية الفلسطينية، والتحديات التي تواجه مصير القضية الفلسطينية والمشروع الوطني”.
وشدد على ضرورة “تعزيز الوحدة الوطنية في إطار منظمة التحرير، “الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني”، والحفاظ عليها وتعزيز دورها”.
بيد أن الخلافات الحادة قد اعتملت منذ إعلان توقيت جلسة المجلس، بسبب “انتهاء صلاحية شرعيته، وعقده تحت حراب الاحتلال، وتقاطع أهدافه مع التوافقات الفصائلية الوطنية، التي تمت في القاهرة وبيروت”، مما دفع بحركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” للمقاطعة، إلى جانب تحالف القوى الفلسطينية، وبعض الهيئات وأعضاء من “الوطني” السابقين والحاليين.
بينما تستضيف ساحة القاهرة، حالياً، لقاءات مكثفة بين حركة “فتح” و”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” لحثها على التراجع عن قرار مقاطعة اجتماع المجلس الوطني، عبر محاولة التوصل إلى تفاهمات مع هذا الفصيل الثقيل، الذي يعد الثاني في وزنه، بعد “فتح”، داخل منظمة التحرير.
وتعكف القوى المعارضة، وفق حديث أمين سر تحالف القوى الفلسطينية، خالد عبد المجيد، لـ”الغد” من دمشق، إلى “الترتيب لعقد اجتماعين، في كل من بيروت وغزة، بالتوازي مع جلسة المجلس، وذلك للتعبير عن رفض عقده بدون توافق وطني، إزاء عدم شرعية المجلس الحالية المنتهية ولايته، التنظيمية والقانونية والسياسية، منذ العام 1991″، بحسبه.
واعتبر أن عقده بصيغته الحالية “يعمق الانقسام ولا يمثل إرادة الشعب الفلسطيني، مثلما يعد خروجا صارخا عن الإجماع الوطني، وعن ما تم التوافق عليه في الحوارات الفلسطينية السابقة”، بما يجعل “أي نتائج وقرارات تصدر عنه ليست ملزمة لفصائل المقاومة”.
وقال عبد المجيد، وهو الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، أن عقد “الوطني” يهدف إلى “تجديد شرعية “غير قانونية” للقيادة الحالية لمنظمة التحرير، تحضيراً للمشاركة في المسار السياسي للمرحلة القادمة، والتعاطي مع تعديل ما يسمى “صفقة القرن”، وجهود استئناف المفاوضات للعملية السلمية”، وفق رأيه.
وأوضح بأن “عملية استبدال أعضاء “الوطني” لسد الشواغر، نتيجة وفاة أو مرض أو استقالة، والتي طالت 96 شخصاً، قد تمت بعيداً عن الانتخابات أو التوافق بين الفصائل”.
كما أن عقده تحت “حراب الاحتلال يمثل أمرا خطيرا وتحديا لرؤية الأكثرية من الفصائل والقوى والفعاليات الشعبية، داخل الوطن المحتل وخارجه، مما سيبقي قراراته أسيرة لمعادلة الاحتلال، الذي يسعى لفرض رؤيته وإرادته على الأطر الفلسطينية”.
ودعا عبد المجيد “القوى والهيئات والشخصيات الوطنية إلى تحمل المسؤولية، في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ نضال الشعب الفلسطيني، بالضغط على القيادة والسلطة و”فتح” لجهة التراجع عن الخطوة التي تعد، بحسبه، “انفرادية”، وسيتم استغلالها من قبل الاحتلال والقوى المعادية، للسير في مخطط استهداف القضية والحقوق الوطنية العادلة”.
ويُشار هنا إلى أن القوى المعارضة لعقد “الوطني الفلسطيني” نهاية الشهر الحالي تطالب بإجراء انتخابات لعضويته، داخل الوطن المحتل وخارجه، حيثما أمكن ذلك، أو يتم تسمية ممثلين بالتوافق، صوب تشكيلة جديدة لا تزيد عن 360 عضوا.
بينما تنعقد دورة المجلس الحالية في ظل خطوات المصالحة المتعثرة، التي ازدادت قتامة بعد حادث محاولة اغتيال رئيس الوزراء الفلسطيني، رامي الحمدلله، في قطاع غزة، باستهداف موكبه، وصولاً إلى عدم تحويل رواتب موظفي قطاع غزة، مؤخراً.
وتنشط حالياً جهود مصرية لترتيب لقاء بين حركتي “فتح” و”حماس”، في القاهرة، للبحث في سبل إنجاز المصالحة، وإنهاء الانقسام، الممتد منذ العام 2007، وذلك قبيل عقد المجلس الوطني، إلا أن المؤشرات غير ايجابية، إزاء ملفات خلافية تتجاوز قضية “موظفي غزة” نحو مسائل سياسية ذات أبعاد متباينة بين الجانبين.