اخبار الاردن – فيما انضمت ثماني بلدات على الأقل في شرق محافظة درعا في جنوب سورية إلى مناطق “المصالحة” مع دمشق، بموجب مفاوضات تولتها روسيا مع مخاتير هذه القرى وما تبقى فيها من مقاتلين، أصبحت مسألة فتح معبر نصيب من الجنوب السوري قريبة، في وقت فشل فيه اجتماع عقده وفد روسي من قاعدة حميميم أمس مع مفاوضين من المعارضة عقد في بلدة بصرى الشام في درعا، ما ينذر بتجدد كثافة القصف الجوي الروسي على بلدات درعا الأخرى.
وحسب ما قالت ذات المصادر فإن قاعدة حميميم الروسية في سورية أرسلت وفدا إلى بلدة بصرى الشام في درعا لتوقيع اتفاق مع المعارضة ينهي أزمة الجنوب، غير أن الاجتماع شهد انسحاب ممثلي المعارضة قبل التوقيع، احتجاجا على قساوة الشروط التي وصفوها بشروط “الاستسلام”، وهو ما ينذر بعودة كثافة القصف الجوي الروسي لمناطق الفصائل، ويهدد بتزايد حركة النزوح من قرى درعا التي لم تشهد اشتباكات بعد.
وكان الوفد الروسي حمل إلى الاجتماع بحسب ما قالت ذات المصادر شروطا “بتسليم الفصائل السلاح الثقيل والمتوسط، وتسليم معبر نصيب الحدودي، ودخول شرطة روسية وشرطة مدنية سورية فقط إلى الأراضي التي خارج سيطرة النظام، ويتم تسوية أوضاع للمطلوبين، ويسرح المنشقون أو من يرغب العودة، ويؤجل المطلوبون لخدمة العلم لمدة سنة، وكل من يثبت عليه جريمة على أن تكون موثقة بتصوير يتم اعتقاله من الشرطة الروسية ومحاسبته أصولا”.
كما تضمنت بنود الشروط أنه “بعد 15 يوما تقريبا يتم تسليم السلاح الخفيف حين رفع أسماء التسوية، فيما يعود جميع الناس المطلوبين وغير مطلوبين على قراهم، وتهجير كل من لا يرغب بالتسوية أو المصالحة”.
وقال المنسق العام لفريق الأزمة السورية التابعة للجيش السوري الحر المحامي عدنان المسالمة في بيان عقب انسحابه من الاجتماع واطلعت عليه “الغد”، أنه “ولمّا لمسنا من خلال الشروط كذبه ومحاولته كسب الوقت للانتقام من مهد الثورة وأهلها وإذلالهم، وبعد التشاور مع الفاعليات والأشخاص المختصين، متحصنين برغبة ماجدات حوران قبل رجالها التمسك بالكرامة والذود عن الشرف والعرض، فإننا نعلن رفضنا لهذه المفاوضات رفضا قاطعاً والانسحاب منها فوراً”.
وقال مسالمة حاول الروس عبر الطيران استهداف الوفد المفاوض خلال عملية تنقله باتجاه بصرى الشام ضارباً بذلك كل العهود وأعراف الشرف.
وأضاف أن الشروط التي يعرضها الروسي مُذّلة بامتياز ولا يمكن القبول بها، مشيرا إلى أن الوفد الروسي يصر على أن يقوم القادة بتقديم جداول كاملة بأسماء كل عناصر الجيش الحر ومن حمل السلاح بذريعة التسوية.
وأضاف أن الوفد الروسي يصر على دخول قوات النظام والأمن لكل البلدات ويشمل هذا معبر نصيب ودرعا المدينة وبصرى الشام كلها دون استثناء.
إلى ذلك علقت وزارة الخارجية الروسية، على تقارير تفيد بإمكانية حدوث صدام عسكري واشتباكات بين قواتها مع الولايات المتحدة في الجنوب السوري.
وقال سيرغي فيرشينين، نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين: “لا يمكن وقوع اشتباك ومواجهة مباشرة، إنه أمر غير وارد، بل العكس، نحن ندعو الجميع للتنسيق معًا ضد الإرهابيين”.
وعزا “فيرشينين” ذلك إلى أن روسيا والولايات المتحدة تملكان قناة جيدة وموثوقة في الاتصالات العسكرية، بحسب وكالة “سبوتنيك” الروسية.
وأضاف المسؤول الروسي: “نحن نتفاعل معهم وننسق معهم، بما في ذلك من خلال مركز عمان؛ حيث نتبادل المعلومات نحن والأميركيون والأردنيون، والحديث هنا يدور عن شمال غربي سورية”.
يأتي ذلك فيما ألمح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس السبت، إلى إمكانية اتخاذ خطوة اقتصادية لصالح روسيا لم تتوقعها، وذلك على وقع مباحثاتهم حول سورية.
وقال “ترامب” ردًّا على سؤال بشأن رفع العقوبات عن موسكو: “سنرى ما ستفعله روسيا، ونعتزم التحدث مع روسيا حول أشياء كثيرة، سنتحدث عن سورية”، بحسب وكالة “نوفوستي” الروسية.
وأوردت تقارير إعلامية عربية وغربية مؤخرًا العديد من المعلومات حول صفقات تجريها الولايات المتحدة مع روسيا بشأن سورية و”صفقة القرن”.
ويعقد “ترامب” قمة رسمية هي الأولى من نوعها مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، يوم 16 تموز (يوليو)، في ضواحي العاصمة الفنلندية هلسنكي؛ حيث يأتي على رأس أجندتها الوضع في سورية.
وكانت الولايات المتحدة أطلقت الأسبوع الماضي تحذيرًا لـ”قوات الأسد” من القيام بعملية عسكرية في درعا والجنوب السوري، محملة روسيا مسؤولية ذلك وأنها ستتخذ الإجراءات اللازمة.
من جانبه أكد الخبير العسكري والاستراتيجي السوري الدكتور علاء الأصفري، أمس من أن المعارك في مدينة درعا مستمرة بالتوازي مع جهود كبيرة للمصالحة في هذه المنطقة.
وأضاف الأصفري: “كل 48 ساعة يعطي الجيش السوري مهلة 8 ساعات، لتسوية الأوضاع وإتمام المصالحات”.
وأشار الأصفري إلى أن الجيش العربي السوري سيصل خلال بضع ساعات قادمة إلى معبر “نصيب”.
وكشف أنه في حالة سيطرة الجيش السوري على معبر “نصيب” سيتم فتح خط دمشق/الأردن، بعد ساعات، وسيعاد تفعيله بعد أيام قليلة لتنشيط الحركة التجارية بين سورية والأردن.
ومنذ بدء حملتها العسكرية قبل نحو أسبوعين، باتت قوات النظام بدعم روسي تسيطر على أكثر من نصف مساحة محافظة درعا، الحدودية مع الأردن، وفق المرصد.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن “وافقت ثماني بلدات على الأقل في ريفي درعا الشمالي والشرقي على اتفاقات مصالحة إثر مفاوضات تولاها ضباط روس مع وجهاء محليين ومن تبقى من مقاتلين معارضين داخل كل بلدة”.
ومن أبرز تلك البلدات داعل وابطع والغارية الغربية والغارية الشرقية والكرك الشرقي، بحسب المرصد، الذي أفاد عن انتشار شرطة عسكرية روسية في عدد منها.
وأشارت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا” الى “انضمام قرى وبلدات داعل والغارية الشرقية وتلول خليف وتل الشيخ حسين إلى المصالحات بعد تسليم المسلحين أسلحتهم للجيش تمهيداً لتسوية أوضاعهم وفق القوانين والأنظمة النافذة”.
وبث التلفزيون الرسمي مشاهد مباشرة من داعل، حيث تجمع عشرات المواطنين رافعين الأعلام السورية وصوراً للرئيس بشار الأسد، مرددين الهتافات المؤيدة له وللجيش.
وتطلق دمشق وحليفتها موسكو على اتفاقات يتم إبرامها مع الفصائل المعارضة بعد مهاجمة معاقلها جواً وبراً تسمية اتفاقات “مصالحة”، وغالباً ما تكون مرادفة لاستسلام مقاتلي الفصائل وتخليهم عن سلاحهم الثقيل، وإجلاء من يرفض ذلك من المقاتلين والمدنيين إلى شمال البلاد على غرار ما حصل في الغوطة الشرقية قرب دمشق، مقابل دخول قوات النظام.
وتشن قوات النظام منذ 19 حزيران (يونيو) بدعم روسي عملية عسكرية واسعة النطاق في محافظة درعا بهدف استعادتها بالكامل.
وتمكنت بموجبها من توسيع نطاق سيطرتها من ثلاثين إلى أكثر من خمسين في المائة من مساحة المحافظة.
ويأتي هذا التقدم وفق عبد الرحمن بعدما “تمكنت منذ بدء التصعيد من السيطرة، عبر الحسم العسكري والمصالحات والتسويات، على نحو خمسين قرية وبلدة غالبيتها في ريف درعا الشرقي”.
وفي الكرك الشرقي، قتل مختار البلدة الجمعة داخل منزله مع خمسة من أفراد عائلته وسط ظروف غامضة، في حادثة يرجح عبد الرحمن ارتباطها بكونه من “عرابي اتفاق المصالحة” في البلدة، في حادثة تكررت منذ مطلع الشهر الحالي.
وتتزامن المفاوضات التي تجري وفق عبد الرحمن على مستويين، في الأردن المجاور ومع وجهاء البلدات، مع استمرار الغارات السورية والروسية على مناطق سيطرة الفصائل.
وقال عضو في لجنة المصالحة في مدينة درعا لفرانس برس السبت “يريد النظام أن نسلمه كل شيء، مدينة درعا ومعبر نصيب وأنفسنا والسلاح الثقيل، وهذا أمر مرفوض”.
وتعد السيطرة على معبر نصيب الحدودي مع الأردن مسألة حيوية بالنسبة الى دمشق، ومن شأن إعادة فتحه انعاش حركة التجارة البرية بين البلدين.
وقتل خمسة مدنيين على الأقل السبت في بلدة غضم جنوب شرق درعا جراء القصف ليرتفع عدد القتلى المدنيين منذ بدء التصعيد إلى 105 مدنيين بينهم 19 طفلا، وفق المرصد.
كما تدور اشتباكات مستمرة داخل مدينة درعا، تسببت منذ ليل الجمعة بمقتل 17 عنصراً على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها. كما قتل 12 من قوات النظام ليل الجمعة جراء معارك في الريف الشرقي.
وبذلك، يرتفع إلى 96 عدد عناصر قوات النظام والمسلحين الموالين لها الذين قتلوا منذ بدء التصعيد مقابل 59 على الأقل من الفصائل المعارضة، بحسب المرصد. – (وكالات)