اخبار الاردن – الغد – لم يكن جمال (27 عاماً) الذي اضطر للاستيقاظ من نومه، بعد إحساسه بنوبات ألمٍ بعموده الفقري، يعلم أن سبب ذلك الألم المفاجئ جاءه من ناحية كليته، التي كان باعها في مصر عبر سمسار أردني، وذلك ليتمكن من “تسديد دين” أخيه المسجون على قضية “شيكات بنكية بدون رصيد.
وجمال (اسم مستعار) لم يقف عند فكرة تخليص أخيه من السجن فقط، بل وجد ببيع كليته “فرصة للخلاص” من ظروفه المادية السيئة؛ وهي الظروف ذاتها التي حالت بينه وبين الزواج من ابنة عمه!
الحاجة للمال، وارتفاع نسبة الفقر والبطالة بين الشباب، دفعت جمال وعشرات الأردنيين للمخاطرة ببيع كلاهم، مقابل 5 آلاف دولار، بعيداً عن الأنظار وفي سوق سوداء يتورط بجرائمها خارج الاردن اطباء وكوادر صحية ومستشفيات، ليقع هؤلاء الضحايا/ الجناة فريسة سهلة لعمليات نصب واحتيال واتجار بالبشر، يجني من ورائها سماسرة مبالغ مالية ضخمة، بينما لا يجني بائع كليته سوى المرض والدمار وقليل من المال.
ويكشف تحقيق أجري لصالح “الغد”، عن أن العاطلين عن العمل، أو ممن يعملون بحرف بسيطة باجر يومي، وكذلك من يعانون من تفكك أسرى واجتماعي، هي الشرائح الأكثر تصديرا لبائعي الكلى، هرباً من ضائقة مالية طارئة!
فيما بين استقصاء حركة تجارة البشر غير الشرعية ان مصر، التي استحوذت على سوق التجارة الحرام ببيع الكلى من اردنيين وغيرهم، في العقد الماضي، تراجعت الى المرتبة الثانية، بعد “فتح” سماسرة هذه التجارة\ الجريمة سوق الصين، منذ سنوات قليلة، مستغلين توفر امكانيات وظروف مناسبة هناك لارتكاب هذه الجريمة.
معد التحقيق نجح بمقابلة واستجواب “سمسار” اردني امتهن تجارة الأعضاء البشرية بين الأردن ومصر (سابقا) والصين لاحقا وحاليا، وذلك بعد أن دفع تسجيل عشرات قضايا بيع الكلى بمصر لاردنيين امام القضاء الاردني، بالحكومة الأردنية، في العام 2009، الى إقرار قانون مكافحة الاتجار بالبشر، الذي نص على: “يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تزيد على عشر سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف دينار ولا تزيد على 20 ألف دينار لكل من ارتكب جرائم الاتجار بالبشر”.
قصور التشريعات السابقة، قانون العقوبات وغيره، كان ساعد، حسب قانونيين، على تهرب المتجرين بالبشر من العقوبات والادانة القضائية.
السمسار فراس (اسم مستعار)، والذي اشترط عدم نشر اسمه الصريح، تخطى عدد قضاياه القانونية، الخاصة بزراعة الكلى، زهاء 96 قضية، لكنه أفلت من عقوبات حقيقية ورادعة ما قبل العام 2010، لعدم وجود نصوص قانونية رادعة يومها!
أصل الحكاية
فراس تعرف خلال قضائه فترة سجن على خلفية مشاجرة العام 2006 على سجناء، يعملون بالمتاجرة ببيع وشراء الكلى بين الأردن ومصر.
صراع إقدام وإحجام، تنازع فراس للعمل بهذه التجارة “التي تكسب ذهبا”، وهو صراع داخلي رافقه حتى خروجه من السجن، غير مصدق ما أقنعه به رفاقه في الحبس، فضيق ذات اليد، والفرار من براثن الفقر للثراء بأسهل الطرق وأسرعها، جعلت قرار فراس يستقر بخوض “اللعب على أصوله”، حسبما يقول.
“أتذكر ذلك اليوم الذي كنت فيه أعبر منطقة العقبة إلى نويبع ثم المرج في مصر، حيث وجدت نفسي أخيرا بمنطقة المهندسين بالقاهرة – ارض اللوا- ، بين مجموعة شبان أكبرهم لا يتجاوز 30 عاماً، ويتخذون من مسكنهم مقراً لإخفاء أعمالهم غير القانونية”، يقول فراس.
ويضيف: “من داخل غرفة صغيرة لا تصلها الشمس، وتتوسط عمارة سكنية مؤلفة من 20 طابقا، دارت أعمالنا ببيع وتجارة الكلى في مصر”.
كيف بدأ عمله بهذا السوق غير الشرعي؟ يشرح: “في البداية، كنت أذهب مع الأقدمين بهذا العمل، وأراقب تصرفاتهم وحركاتهم.. كنت أجهد نفسي للسير بدرب جديدة، حتى وصلت لمرحلة الاعتماد على الذات.. والتمكن من التواصل مع المسؤول المباشر بهذه التجارة، هناك في مصر”.
“مقابل 5 آلاف دولار، كنا نشتري كلية الشاب الأردني.. نعطيه 500 دولار، وما تبقى بروح عليه.. عملية النصب والاحتيال تحدث بعد إجراء العملية، حيث لا نعطيه باقي حقه.. والمقابل أن يعود (البائع) للأردن ويبعث من يريد من معارفه لبيع كليته.. وعلى كل شخص يبعثه ألف دولار.. طبعا حتى تبقى العملية مستمرة ودائمة والشغل ماشي”، وفقا لفراس.
الخروج من عنق المحاسبة القانونية!
أين كانت تجري عمليات نزع وزرع الكلى في مصر؟ يجيب السمسار، والحديث هنا عن فترة ما قبل العام 2010: “في مستشفى حكومي، أرقى من فندق 5 نجوم في منطقة (حدائق القبة)، كان يتم إجراء عمليات نزع وزرع الكلى.. كان هناك طابق خاص لإجراء عمليات زراعة الكلى، العيون، والكبد”.
ويلفت إلى أن المستشفى كان يستقطب أفرادا من دول متعددة، وهي: اليمن، السعودية، تركيا، الكويت، البحرين، الأردن، ولبنان، ويوضح: “كنا نقوم بتأمين حاجة ثلاث عمليات يوميا، لا نقبل بأقل من 40 ألف دولار باليوم.. مثل الرز الفلوس كانت”.
وردا على سؤال، عن كيفية جعل عملية بيع الأعضاء قانونية، في مصر؟ يجيب:” كنا نأتي بالبائع “المتبرع” الأردني، نقدم له عدة أوراق للتوقيع عليها، ونطلب منه كفيلا ليقر بالتالي: (أنا فلان أقر واعترف من الجنسية (…) وأحمل جواز سفر (…) رقم (…) بأني سأتبرع بكليتي (اليمنى أو اليسرى) لصالح المريض (…) وذلك على سبيل الهبة، ولا أقبل مكافأة مادية أو معنوية وعليها أوقع.. ويدخل العملية بعدها!”.
وبالعودة لملفات المحاكم، يوضح قرار لمحكمة التمييز تفاصيل إحدى جرائم السمسار المذكور، والتي أدين فيها بالسجن، حيث ورد بالقرار الذي حصلت عليه “الغد” أن هذا السمسار (…) “ومعه 4 أشخاص، قاموا بالتوسط بالاتجار بالأعضاء البشرية، في العامين 2008 – 2009 عن طريق اقناع بعض الشباب من ذوي الحاجة المادية (في الأردن) بالسفر لمصر، من اجل العمل هناك، ثم يقومون بإقناعهم ببيع كلاهم”.
وثبت القرار أن المتهمين الخمسة “اتفقوا على المتاجرة بالأعضاء البشرية وذلك من خلال اقناع بعض الأشخاص من مختلف الجنسيات بالسفر لمصر حيث تمكنوا نتيجة ذلك من اقناع المشتكين ببيع كلاهم، بعد ان تم تسفيرهم الى مصر لقاء مبالغ مالية”.
كما سجل القرار، لجوء السماسرة للضغط على مجموعة أردنيين من اجل البحث عن اشخاص واقناعهم ببيع كلاهم مقابل (500) دولار عن كل شخص يتم احضاره، حيث كانوا يقومون بإعطاء هؤلاء ارقام هواتف اشخاص يبتغون بيع كلاهم بمصر، والاتصال بهم ومقابلتهم وتجهيز جوازات سفرهم وتأمينهم لغاية المطار من اجل السفر.
تعزيز مكافحة جريمة الاتجار بالبشر، خاصة في جرائم بيع الاعضاء البشرية، تم في العام 2009 عندما وقع الاردن على اتفاقية دولية لمحاربة تجارة الاعضاء البشرية، وتم اقرار قانون مكافحة الاتجار بالبشر، الذي تم من خلاله تلافي بعض القصور والنقص التشريعي للإحاطة بكل اشكال الاتجار بالبشر والنص على عقوبات واضحة بحق مرتكب الجريمة والمتدخل فيها. فيما بادرت مديرية الامن العام لاحقا لإنشاء وحدة لمكافحة الاتجار بالبشر.
” نعرف الجنب الذي يوجعك”
“تتداخل أفكار البائع لكليته، بعد أن يفيق من نوبات العملية، ويبدأ بطرح تساؤلاته المتشعبة.. هل يمكن أن يضحكوا عليَ، وما يعطوني فلوس؟ وين المشكلة عندهم.. لا ذمة ولا ضمير!”.. بهذه الكلمات يصف التاجر ما يفكر به بائعو كلاهم بعد الانتهاء من العملية.
ما طرح سابقا؛ يؤكده جمال، الذي ذهب عن طريق معارف التاجر فراس لمصر، ليبيع كليته، لكنه لم يوفق بتحصيل باقي مستحقاته المالية بعد الانتهاء من العملية، وعاد للأردن بألف دينار فقط، و”رموني لحم بلا عظم”، حسبما يقول.
“وقعت مع ناس لا يخافون الله.. كان اتفاقي معهم على 4 آلاف دينار، مع تأمين المسكن والمأكل حتى عودتي.. بعد خروجي من العملية بقيت لمدة أسبوع نائما بأحد البيوت القديمة بأرض اللوا – على ما أذكر- حتى جاءني أحدهم وسلمني ظرفا فيه ألف دينار وتذكرة سفر للأردن”، وفقاً لجمال.
قصة جمال لم تتوقف عند هذا الحد، ويستذكر ما جرى معه في مصر: ” هددوني بعد أن استلمت الفلوس إني أجيب سيرة ما حدث معي في مصر.. طلبوا مني بعد ذلك أن أرسل لهم أحد معارفي أو إخواني حتى أحصل باقي المبلغ.. فوافقت رغما عنيّ لأهرب بجلدي”.
لكن جمال، بعد 4 أعوام، على هذه الحادثة الأليمة، كما يصفها، لم يزل يعاني من ضيق ذات اليد، ولم “تنفك” خيوط الأزمة المالية التي وقع فيها وقتما فكر ببيع كليته، عدا عن أنه يعاني اليوم من آلام كثيرة نتيجة انسداد بالمسالك البولية، وهي ما تجعله يستيقظ من نومه مرغماً.
الناطق الإعلامي لمديرية الأمن العام المقدم عامر السرطاوي، لم ينف، وجود حالات كثيرة، ذهبت إلى دول مجاورة للأردن في سنوات سابقة، بقصد بيع الكلى.
وبين السرطاوي لـ “الغد”، أنه لم ترد خلال الربع الأول من العام 2018 لمديرية الأمن العام أي حالات متعلقة بالاتجار بالكلى البشرية.
وحول آلية تعامل “الأمن العام” مع من يتم ضبطه متلبسا بالمتاجرة بالكلى، قال السرطاوي “لدينا ما يسمى بوحدة الاتجار بالبشر، حيث يتم التحقيق من خلالها مع من يثبت عليه جرم التجارة بالأعضاء البشرية، وإحالته أخيراً إلى القضاء”.
وتشير احصائيات وحدة مكافحة الاتجار بالبشر الى انه تم العام 2014 التحقيق في 311 حالة حول منها 53 حالة للقضاء، شملت 91 رجلا و24 امرأة متهمين بالاتجار بالبشر، مقارنة بالعام 2013 حيث حققت الوحدة مع 24 حالة، حولت 17 للقضاء، وفق ما أورده التقرير الدوري السادس لحقوق الانسان.
وبين التقرير انه تم خلال النصف الأول من العام 2016 التحقيق بـ 197 حالة حول منها 14 للقضاء على أساس أنها جرائم اتجار بالبشر.
حسب التقرير الاول للجنة الوطنية لمنع الاتجار بالبشر، فإن اعداد القضايا التحقيقية للاتجار بالبشر من العام 2009 الى العام 2013 وصل إلى (26) قضية في العام 2010 و(28) قضية في العام 2011 و(12) العام 2012 و(17) العام 2013، فيما سجل التقرير نحو 29 قضية بيع كلى خلال هذه الأعوام.
التكييف القانوني لبيع الكلى امام القضاء بقي حتى صدور قانون مكافحة الاتجار بالبشر يتم وفق قانون التبرع بالأعضاء، وسجلت المحاكم قضايا لبيع الأعضاء “الكلى” بدءاً من العام 2004، وهو العام الذي بدء فيه أرشفة القضايا إلكترونياً. حيث سجلت العام 2005 نحو 11 قضية، بينما رصدت ثلاث قضايا بين عامي 2006/2007 وحتى الثالث من آب (أغسطس) 2008
اطلبوا الكلى ولو بالصين!
يبدو أن أبواب السجن لم تردع السمسار فراس، فقرر هذه المرة بعد انطلاقه لحياته الطبيعية، العودة لتجارته المربحة، بل والعمل من جديد على إحياء العلاقة مع رفقائه المصريين، لكن هذه المرة في الصين، بكين تحديداً!
يقول فراس: “الآن الأمور تبدلت، مصر أغلقت أبوابها أمام الأردنيين الذين يبتغون بيع كلاهم، وتم تشديد الاجراءات والشروط كثيرا، وبالتعاون مع الاردن، فسفارة المملكة باتت تشدد اجراءاتها بمنح أي تواقيع وتصديقات لمواطنين يطلبون التبرع بكلاهم بمصر بعد العام 2009”.
كم تبلغ كلفة عملية نزع الكلى في الصين؟ يقول “طبعا العملية في الصين تكلف 100 ألف دولار، منها 35 ألفا لجيبتيّ، و5 آلاف للمتبرع.. العربي تعرفه من بيع الكلية بالصين.. الصين تطلب بكثرة متبرعين”.
لماذا فكر فراس في تغيير مسار تجارته من مصر إلى الصين؟ يجيب “النظام المعمول به منذ سنتين في مصر، ينص على أن أي عربي يريد الحصول على كلية عليه الذهاب لسفارة بلده وأن يرافقه متبرع، حتى يحصل على الموافقة القانونية من السفارة”.
مع ذلك، فان فراس يزعم بأن هذه النقطة يحصل فيها بعض التلاعب، ويشرح: “يأتينا عربي (أردني، سعودي، كويتي، إماراتي) يريد الحصول على كلية.. نرتب له متبرعا (بائعا) مصريا أو حتى أردني، ونعطيه جواز سفر (مضروب) يحمل جنسية المريض نفسه”.
وينوه الى أنه في بعض الأحيان تكتشف بعض السفارات العربية بالقاهرة التلاعب، لكن لأجل الحفاظ على رعاياها وخدمتهم، يغضون النظر ويسهلون مهمة المريض.
هذا الحال، لم يعجب فراس والعديد من ممتهني تجارة الاعضاء وبيع الكلى، فتم الانتقال للسوق الصيني، الذي يقول انه “سوق واعد وهناك ترحيب من قبل صينيين بفكرة التجارة بالكلى البشرية”، على حد زعمه.
يشار في هذا السياق الى ان تقريرا صدر قبل أشهر لصحيفة “الديلي ميل” البريطانية، تحدث عن أن نحو 10 آلاف عضو تتم زراعته في الصين سنوياً، يتم الحصول على جزء كبير منها من السوق غير الشرعية.
استغلال الفراغ القانوني
هل لجوء مافيات بيع الكلى في الأردن والبلدان العربية يمكن اعتباره استغلالا للفراغ القانوني؟ يجيب المستشار القانوني في منظمة محامون بلا حدود/ الأردن المحامي معاذ المومني، بأن القانون الأردني “يعتبر قضايا الاتجار بالكلى كنوع من أنواع الاتجار بالبشر”، لكنه يشير إلى أن قانون الانتفاع بأعضاء جسم الإنسان وتعديلاته للعام 1977 “يجرم فعل البيع في الفقرة “ج” من مادته الرابعة: (لا يجوز أن يتم التبرع بالعضو مقابل بدل مادي او بقصد الربح)”.
ويلفت هنا، إلى أن ثمة فراغا قانونيا يتجلى؛ بأن المشرع لم يشدد عقوبة أحد الأطراف الأساسيين بهذا الفعل، ألا وهو السمسار، إذ يكتفي بتكييف فعله الجرمي بالمحرض أو المتدخل بالاستناد لنصوص قانون العقوبات، معتبرا أن هذا الوضع يثير انتقادات المحامين ورجال القانون.
ويقول المومني “وفقاً لدليل الإجراءات العامة للتبرع ونقل وزراعة الأعضاء والانسجة والخلايا البشرية في الأردن للعام 2015، تتم عملية نزع الأعضاء من المتبرع الحي والمتوفين من قبل فريق طبي مختص، بالتنسيق مع مديرية المركز الأردني لزراعة الأعضاء، وذلك حسب قانون الانتفاع بالأعضاء”.
وتؤيد رئيسة مركز تمكين للدعم والمساعدة القانونية ليندا كلش بأن هناك “تناقضا” بين قانوني منع الاتجار بالبشر والانتفاع بالأعضاء البشرية، فالأخير يجرم البائع والمشتري، اما الأول فيكون المشتري فيه ضحية، ولا يجرم.
وتجد كلش أن الضرورة تقتضي تعاونا بين جميع الجهات للحد من الاتجار البشري، مشيرة إلى أن بنود الاستراتيجية الوطنية المتضمنة “الوقاية، الحماية، الملاحقة، والتعاون الدولي والإقليمي، تغيب عن واقعنا الذي لم تزل رقعة تجارة الأعضاء فيه تتسع”.
بين تحديين!
مدير المركز الأردني لزراعة الأعضاء، التابع لوزارة الصحة الدكتور عبد الهادي بريزات، يكشف لـ “الغد” أن المجموع الكلي لعمليات زراعة الأعضاء بالأردن خلال العام الماضي 2017 وحتى الربع الأول من العام الحالي 2018، بلغ نحو 262 عملية، منها 248 عملية كلى (149 أردنيا، و99 غير أردني).
وردا على سؤال، حول مدى تغطية المتبرعين الأردنيين نسبة المحتاجين للأعضاء، بين بريزات أن نسبة التغطية الفعلية من الأعضاء 10%، تتوزع بين 9% من المتبرعين الأحياء و1% من المتوفين دماغياً.
وتواجه عمليات زراعة الأعضاء بالأردن تحديات عديدة، تتمثل بانخفاض نسبة المتبرعين الأحياء، والتي تقل عن الحاجة الفعلية في ظل تزايد أعداد من يعانون فشلا عضويا (كلى وكبد وقلب ورئة)، وفق بريزات الذي دعا لتفعيل برنامج وطني للتبرع بالأعضاء من الأشخاص المتوفين دماغيا، للتخفيف من معاناة المرضى والعبء المالي للمرض على الدولة.
رئيس الجمعية الأردنية لأمراض وزراعة الكلى، في نقابة الأطباء د. محمد غنيمات، كان أكد في تصريح سابق أن الزيادة السنوية بعدد مرضى الفشل الكلوي محليا هو بمعدل 500 مريض سنويا.
ويؤكد ان التبرع بالأعضاء يجب أن يكون من الأقارب بحسب القوانين والأنظمة، لوقف عمليات تجارة الأعضاء التي لا تجوز شرعاً، ولا تصح حتى من الناحية الأخلاقية الصحية.
ويجمع أطباء على أن حل مشكلة بيع الكلى وشرائها، يتم من خلال تشجيع وتنظيم عملية نقل الأعضاء من المتوفين دماغيا سواء كانت كلى أو قرنيات أو غيره من الأجزاء التي تساهم في إنقاذ حياة إنسان بحاجة لها.
رحلة البحث عن ألفي دينار!
فقد سامر (30 عاماً) الأمل تدريجياً، وهو يبحث عمن يسلفه مبلغ ألفي دينار، ليقوم بترميم أجزاء من بيت العائلة، بعد أن أدى السقوط المتكرر بأسقف البيت دخول والدته المسنة إلى المستشفى؛ نتيجة تعرضها لكدمات وإصابات خطيرة في دماغها.
واستغرقت سامر (اسم مستعار) رحلة البحث عن المبلغ المذكور 5 أشهر، بالتزامن مع قراره بترك العمل كـ”كنترول” باص على أحد الخطوط القريبة من حيه الشعبي الفقير بعمان، ليقف بعد ذلك “ايد من ورا وايد من قدام”، كما يقول.
ويصف سامر حالته، بعد أن ضاقت به السبل، ولم يجد المال لإصلاح البيت، بالقول: “البيت وقع علينا.. ووالدي توفي من عشرين سنة.. أخوان ما عندي، أمي كل حياتي.. صرت أخاف اخسرها لأجل هالبيت المهرهر.. احكيلي شو العمل .. لا قرايب، ولا معارف، رضوا يعطوني فلوس”.
ولكن سامر قرر أخيرا، بعد أن أقنعه زميله (هو الآخر كنترول)، أن بيديه “الحل السحري” لمعاناته، كذلك سيجعله هذا الحل، وفقا لزميله، “يستمتع لبعض الوقت، بفسحة جميلة إلى بلاد التنين”، هناك بالصين، وفقاً لسامر.
هكذا إذن، وجد سامر نفسه، يذهب بقدميه للسمسار فراس، ليعرض عليه موافقته ببيع كليته، مقابل 4 آلاف دينار، مع تأمينه بكافة مستلزمات السفر للصين.. وسافر سامر!
أسبوعان كاملان قضاهما بالصين، ليعود بعدها لحيه، معدما، فقيرا، لا يملك من حطام الدنيا قشة واحدة، والأهم بكلية واحدة!
ماذا حصل مع سامر في الصين؟ “ليت الأرض بلعتني قبل أن أرد على أولاد الحرام.. اخذوني من المطار لبيت واسع كله عرب مثلنا.. وحكولي جهز حالك بعد بكرا للعملية.. ما رحت على مستشفى.. العملية كانت بنفس البيت.. وما شفت ولا واحد صيني”، يقول سامر بحسرة.
ويختم سامر حديثه لـ “الغد”، بالقول “ما عادت تنفع الحسرة.. كل شيء راح.. صفيت بكلية واحدة.. والبيت لسا سقوفه واقعة.. واميّ تمرض باليوم ألف مرة.. وحالي بقي على ما كان عليه بالسابق.. “.