دية: هكذا تعيد أميركا وروسيا تشكيل المشهد العالمي
- منار حداد
استضافت العاصمة السعودية الرياض، قمة رفيعة المستوى جمعت بين الولايات المتحدة وروسيا، بحضور وزيري خارجية البلدين، لمناقشة عدد من القضايا الدولية، كان أبرزها الحرب الروسية الأوكرانية.
وأثارت هذه المباحثات صدمة لدى الأوساط الأوروبية والأوكرانية، إذ جرت دون مشاركتهم، مما يعزز احتمال أن اميركيا وروسيا تعتزمان إنهاء الصراع وفق مصالحهما الخاصة.
وبحسب الخبير الاقتصادي منير دية، فإن استبعاد الأوروبيين والأوكرانيين من هذه المحادثات يحمل دلالات واضحة حول توجه الطرفين لرسم ملامح الحل دون تدخلات خارجية، بما يخدم مصالحهما الاقتصادية والسياسية.
وقال دية في تصريح خاص ل (الأردن الاقتصادي): "يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يسعى جدياً لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، بعد أن استزفت هذه الحرب الولايات المتحدة أكثر من 70 مليار دولار من المساعدات لأوكرانيا على مدار السنوات الثلاث الماضية. كما أن هناك مصالح أميركية واضحة في استثمار الثروات الطبيعية الهائلة في أوكرانيا، التي تُقدر قيمتها بعشرات التريليونات من الدولارات، بما في ذلك المعادن والثروات الأخرى، عدا عن تعزيز العلاقات مع روسيا والذي من جهته يسعى لتقليص تحالفها مع الصين."
وأضاف دية أن اختيار الرياض لاستضافة القمة، بدلاً من أي دولة أوروبية، يعطي دلالة على المرحلة السياسة القادمة التي سيمر فيها الشرق الاوسط والتسوية الشاملة التي ستدخل فيها معظم دول المنطقة، وقد يكون من بينها إنهاء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، خاصًة بعد إعلان مشروع الممر الاقتصادي الذي يربط الهند بموانئ أميركا مروراً بالخليج والأردن، كما يعكس تراجع دور أوروبا في أجندة إدارة ترامب التي قد تجد نفسها الخاسرالأكبر في هذه المعادلة.
من جانب آخر، تتلاقى المصالح الروسية والأميركية في إعادة صياغة المنظومة الأمنية في أوروبا الشرقية، في ظل توسع حلف "الناتو" في القارة الأوروبية. ويشير دية إلى أن التحركات الروسية الأخيرة، بما في ذلك ما شهدناه من انسحابهم السريع من سوريا، والذي قد يكون جزءًا من ترتيبات مسبقة لإعادة صياغة العلاقات مع الولايات المتحدة على المستوى العالمي، ما يفتح الباب أمام مزيد من التطورات خلال الفترة المقبلة.
في وسط هذه التغييرات المتسارعة، يبقى السؤال: هل سنشهد قريبًا إعادة توزيع لمراكز القوى العالمية، مع إعادة تشكيل العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، وما تأثير ذلك على الصين والاتحاد الأوروبي؟ الأيام القادمة وحدها ستكشف عن ملامح النظام العالمي الجديد.. ويبدو أن ما يحمله المستقبل شيء كبير.