ذهب رجل كبير في السن إلى طبيب عيون يشكو له من نظره، أدخله الطبيب إلى غرفة الفحص وحين بدأ يقول له: حجي هاي لفوق ولا لتحت.. قال له: لتحت.. طيب هاي يمين ولا يسار، قال له: يمين.. اكتفى الطبيب بتلك الأسئلة ليقول له: نظرك على الله، وأنت بحاجة ماسة إلى عملية تصحيح نظر.. فقال له الحجي: وكم تكلف تلك العملية؟! فقال له الطبيب: من الفين إلى ثلاثة.. فقال له الحجي: وّل.. هو أنا بدّي عيون أصلّح فيهن ساعات!
الحجي ربما كان يبحث على أن يصف له الطبيب قطرة بعشرة دنانير، تساعده على إزالة الغباش عن عيونه ليستطيع أن يطلب من زوجته كأس الماء بدل أن يطلبها من مذيعة النشرة الجوية، وحين يذهب الى العزاء يريد أن يميز أقارب المتوفى فهو في كل مرّة يعانق ويعزي عمال الضيافة على أنهم أشقاء المتوفى.. وكله أمل أن تساعده القطرة على مشاهدة مجد شويكة بوضوح فكلما شاهدها على التلفاز كان يعتقد أنها بنت خالته صبحية التي تعمل في المركز الصحي وليست وزيرة التطوير المؤسسي!
نعم تعجبني عقلانية الحجي.. فهو بعد هذا العمر لا يريد أن يذهب للصيد، ولا يريد أن يعمل في مركز لرصد الفلك، حتى يجري عملية بهذه التكلفة العالية.. كل ما هو بحاجة اليه قطرة تحسن من نظره قليلا فقد ملّ من إحضار الكاكا على انها بندورة صحراوية!
كنت أتمنى أن يكون دولة الرئيس بعقلانية هذا الحجي بخطابه الأخير، فالرئيس ورغم ضعف الامكانات المادية يريد أن يجري عملية تصحيح بتكلفة عالية حتى يرى الأردن أفضل من فرنسا، بالمقابل كل ما يتمناه الأردنيون اليوم أن تضع الحكومة ولو قطرة لترى فقط المناهل المفتوحة وتغلقها قبل أن يصبح عدد ضحاياها أكثر من ضحايا اعصار تسونامي!
الرئيس يريد أن يشمل 80 % من الأردنيين بالتأمين الصحي.. وللعلم لو شمل التأمين كل الأردنيين ومعهم سكان أفريقيا لما زادت التكلفة قرشا واحدا، لأن أحدا لن يحضر للعلاج في المستشفيات الحكومية.. وسيأتي وقت تعلن فيه الحكومة عن عروض لزيارة المستشفيات الحكومية مثل أجر عملية المرارة وأحصل على مولينكس مجانا حتى تقنع الأردنيين بالعلاج فيها!
الرئيس يعد بتوفير 30 ألف فرصة عمل دون أن نكتشف النفط ولا الغاز ولا حتى العكوب.. من يتابع سلسلة إغلاق المصانع والمشاريع الاستثمارية وحتى المحلات التجارية يجد أنه سيتم الاستغناء قريبا عن 30 ألف عامل الآن، وليس توفير 30 ألف فرصة عمل جديدة!
لا أدري كيف سيضبط الرئيس توقيت وصول حافلات النقل العام بمواعيد محددة، ووصول الطائرة من عمان إلى تونس أصبحت أسرع من وصول السرفيس من الدوار الرابع إلى الدوار الثامن بسسب الأزمات المرورية!
قبل أن تطلق الحكومة برنامج خدمة الوطن لتأهيل الشباب والذي يحاكي خدمة العلم.. كم أتمنى أن تقنع الحكومة مسؤوليها أولا بخدمة الوطن قبل أن تقنع الشباب!
حين يتم الحديث عن مشاريع ريادية بـ 70 مليون دينار، وزيادة حجم الاستثمار والصادرات، وبناء المدارس، وتأسيس شركات قابضة، فإن كان الرئيس جادا فيما يقول ولا يمزح، فما يحقق كل ذلك في ظل العجز والمديونية والترهل والرشوة والفساد هو رئيسا يمضي الليل في الشوارع والحارات والقرى والمخيمات، وليس رئيس يعقد الاجتماعات في الدوار الرابع!
صالح عربيات