تقرأ تصريحات السياسي الفلسطيني صائب عريقات، للقناة العاشرة الاسرائيلية، فتكتشف ان مفرداتها ملونة، ما بين التوسل لإسرائيل، لرحمة الفلسطينيين، وفي مرات التهديد للاحتلال، بحل السلطة، بما يعنيه ذلك من مسؤوليات على الاحتلال تجاه الضفة الغربية، وظاهر اللغة، يحمل تهديدا مباشرا، وباطنه مجرد توسلات لاحتلال لا يرحم، ولن يرحم ايضا.
يقول عريقات، انه اقترح على الرئيس الفلسطيني، حل السلطة، وتسليم المفاتيح لاسرائيل، اي مفاتيح الضفة الغربية، باعتبارها شقة، تديرها السلطة حاليا نيابة عن اسرائيل.
يروي لنا كيف يشعر بالحزن والاسى، بسبب خذلان الاسرائيليين، له في حاجته لاجراء عملية جراحية، تراجعوا عن اجرائها، ثم اضطراره للسفر الى الولايات المتحدة، متسائلا اذا ما كان السلوك الاسرائيلي، مناسبا بحق شخص، امضى حياته في الدفاع عن الفلسطينيين والاسرائيليين، وحياة الطرفين.!.
هذا هو صاحب» الحياة مفاوضات» فلا تعرف اذا ما كان مدركا بحق لحجم الكوارث التي نزلت بالقضية الفلسطينية، وهل لا يزال الوقت متاحا، للتأوه امام الاعلام الاسرائيلي، والتهديد بتسليم مفاتيح الضفة الغربية، لاغراق اسرائيل بمشاكل ادارتها، وكأن التعبير هنا يقول ضمنيا، انه حريص على ان لا يجد الاسرائيليون ذاتهم امام هكذا مهمة مرهقة، ولا حل لهم، سوى مفاوضة الفلسطينيين والوصول الى تسوية نهائية، معهم، بخصوص قيام الدولة الفلسطينية؟.
لا عريقات، ولا غيره، لهم وزن في الميزان الاسرائيلي، بعد ان خبرت اسرائيل جيدا كل تهديدات السلطة البائسة، من وقف التنسيق الامني، الى حل السلطة، وهي تهديدات قيلت مئات المرات.
لقد وصلنا اليوم، الى الاستحقاق الاخطر، الذي قد نسمعه عبر خطاب الرئيس الاميركي، في الامم المتحدة، في الاسبوع الاخير، من الشهر الجاري، ولا يزال هؤلاء يمتلكون ترف التهديد، بإجراءات سبق ان هددوا بها، ولم يجرؤ احد، على اتخاذها، ونحن نعرف ان الرئيس الفلسطيني ذاته، وعريقات، وغيرهم من جماعة اوسلو، يطلبون اذنا اسرائيليا لمغادرة رام الله، فأين هي عناصر قوة الذين يهددون، ما داموا هم ذاتهم، سكتوا كل هذه السنين، بل وخاضوا حرب تطهير في الضفة الغربية، لشطب كل من يقول كلمة «لا» في وجه الاحتلال الاسرائيلي.
سيقولون لك، ان الظرف العربي والاقليمي والدولي، معاند للفلسطينيين، واننا ننظر من بعيد، ونقدم الرسائل والنصائح، لنطالبهم بشطب اتفاقية اوسلو كلها، وهذا كله على صحة بعض ما فيه، من حيث تعقيدات الظرف المحيط بالفلسطينيين، الا ان الورقة الاهم لا تزال بيد الشعب الفلسطيني، اي الغاء اوسلو وحل السلطة الوطنية الفلسطينية، واجبار العرب والعالم، على مواجهة كلفة ذلك، ونتائج هكذا قرارات على كل المستويات.
بدون ذلك، سيكتفي الاسرائيليون بالتبسم وهم يقرأون تصريحات عريقات، وغيره، لانهم يعرفون عما يجري في الضفة الغربية، اكثر مما نعرف نحن، ويتفرجون اليوم، على ما يمكن اعتباره قرارا اميركيا بحل السلطة، وانهاء اوسلو، عبر تعريضها للانهيار التدريجي، بسبب قرارات التجفيف المالي، ولهذا يقال للرئيس الفلسطيني، وعريقات، وكل ثلة المفاوضين، ان السلطة في طريقها للانهيار اساسا، بقرار اميركي، فماذا تنتظرون، ولماذا تتجنبون حتى اليوم، شرف استباق الاميركان والاسرائيليين، بجعل قرار حل السلطة، وانهاء اوسلو قرارا فلسطينيا، بدلا من كونه مفروضا بشكل تدريجي؟.
تصريحات عريقات، تنم عن ضعف شديد، وتوسل، وتهديد لا يصدقه احد، وقد آن الاوان ان لا يتردد الفلسطينيون باتخاذ خطوات تعيد خلط الاوراق، حتى لو ادى ذلك الى فراغ سياسي وامني، وتداعيات تتنزل فاتورتها على اسرائيل اولا، بدلا مما نراه من عقوبات اميركية ستؤدي الى ذات النتيجة، مع بقاء السلطة، مجرد هيكل عظمي، يقول ان ها هنا سلطة تدير الضفة أمنيًا، في آخر أدوارها المتاحة.
ماهر ابو طير