الكلام في التعديل الوزاري الأخير لن يكون مختلفا عن امثاله من التعديلات الوزارية السابقة، ولن يكون الحديث ذا معنى مفيد إذا كان مبتوراً عن جوهر المشكلة الحقيقية التي تشغل بال السياسيين وأصحاب الهم الوطني ورجال الأحزاب ومختلف الشخصيات الوطنية على الصعيد الفكري والثقافي والأكاديمي، وجوهر المشكلة برأي فريق واسع يتمثل بمنهجية تشكيل الحكومات و طريقة اختيار الفريق الوزاري، التي ربما شعر البعض بالملل نتيجه تكرارها، و لكنها في الحقيقة تلامس العصب الحقيقي، وتجعل الحديث يدور في اللباب والجوهر.
قضيتنا أننا نقترب من تشكيل الحكومة المائة ونيف؛ عبر ما يقارب مئة عام، ولم يحدث تقدم جوهري حتى هذه اللحظة يقارب جوهر المشكلة.
الحديث عن هذا التعديل يشبه الحديث عن التعديلات السابقة، من حيث المنهج والأسلوب ولا يخلو الأمر من العثور أحياناً على رئيس جيد أو وزير جيد ولكن آن الأوان للقول انه يجب ان يكون التشكيل والتعديل من خلال الأطر السياسية الشعبية التي تمثل التوجهات السياسية الحقيقية للشعب الأردني، وهذه الأطر ينبغي أن تكون أطراً برامجية معروفة ومعلنة، وتملك فريقاً متكاملاً لأدارة الدولة كما هو الحال في جميع الدول المتقدمة أو اغلبها، وليس هناك طريق آخر حتى هذه اللحظة.
هناك من يقول ليس لدينا أحزاب سياسية قوية تقوم بهذه المهمة، فالجواب أن الأحزاب السياسية لا تولد في الفراغ ولا تنزل من السماء، فوظيفة إيجادها هي وظيفة المجتمع و الدولة كلها، ونستطيع إيجادها لو اردنا بطريقة انتقالية متدرجة.
لم يعد لدينا مزيد من الوقت ونحن نرى أننا أمام مزيد من تفاقم الأزمة وتعقد المشهد السياسي فالديون تزداد والفقر يزداد، والبطالة تزداد، ومعدلات النمو في تناقص والانتاج الاجمالي في تراجع في ظل زيادة النمو السكاني، ولذلك لابد من إيجاد حكومة برلمانية حقيقية تنبثق من رحم برلمان حزبي برامجي، مشكل من كتل برامجية حزبية.
الحل ليس بالتسويق الجيد للحكومة والوزراء، لان الإعلام الجيد لا يكون جيداً الاّ إذا سبقه منهجية صحيحة بالتشكيل والتعديل وإعادة النظر بفلسفة إدارة الدولة بشكل جذري وشامل عبر توافق جميع الأطراف السياسية المؤثرة على منهجية جديدة مختلفة.
د. رحيل غرايبة