كتّاب

بعض الخطوات الصحيحة

إما أننا نقرأ  بتطير زائد بعض مظاهر التعبير الساخطة فنرى فيها دمدمة بركان ينذر بانفجار أو أن اصحاب القرار يحتفظون برؤوسهم بين الغيوم فلا يستشعرون الحاجة للخروج على الناس بمشروع كبير للتغيير مشروع “نهوض وطني شامل” وفق التعبير المتداول. وإحساسي على كل حال أننا حتى الساعة نقدم إجابات ضعيفة على تحديات كبيرة ومقلقة. وبانتظار برنامج الحكومة الموعود أريد العودة لبعض الأفكار التي طرحتها في مقالات سابقة.
الفكرة الأولى هي المجالس الاستشارية للوزارات وقد تشجعت إذ قرأت قبل أيام عن إنشاء مجلس استشاري لقطاع الاتصالات برئاسة الوزير مكون من 16 عضوا هم قادة مؤسسات وخبراء ورواد في القطاع. وكنت كتبت مقالا من وحي اقتراح لرئيس جامعة العقبة للتكنولوجيا د. صبحي الشحاتيت بأن يجمع وزير التعليم العالي حوله للاستشارة والتداول الدوري أفضل العقول الأكاديمية فطورت الاقتراح أن يحدث ذلك في كل الوزارات أو في عدد منها وخصوصا الوزارات الخدمية، ثم وأن أكثر من وزير الآن يجمع وزارتين فالحاجة تصبح مضاعفة لهذا المشروع أي وجود مجلس استشاري من أبرز العاملين في القطاع المعني للاستفادة من الخبرات والآراء وكذلك الملاحظات النقدية على الأداء من مختصين ومنغمسين بالشأن نفسه.
وليس من الخطأ بالتزامن مع ذلك – وهذه الفكرة الثانية – أن ننظر بإعادة الهيئات المستقلة للوزارات والاحتفاظ لها بنظام خاص داخل الوزارة مثل إعادة هيئة تنظيم قطاع النقل الى وزارة النقل وهيئة تنظيم قطاع الاتصالات إلى وزارة الاتصالات وهيئة تنظيم قطاع الطاقة وهيئة الطاقة النووية الى وزارة الطاقة وهكذا. فلم يثبت أبدا ان هذه الهيئات المستقلة حققت أو اضافت شيئا أو صنعت الحاكمية الرشيدة أو منعت الفساد بل هي أنشأت وضعا ملتبسا وازدواجية غير مجدية ناهيك عن الكلف الزائدة.
والاقتراح الثالث يتعلق بالمشاريع الكبرى. وكنت قد كتبت وتحدثت عن ذلك غير مرة واستمعت الى د. جواد العناني يقترحه في ندوة مؤخرا وثمة تلميحات حكومية له لكني لست متأكدا ان الحكومة تنوي بجد وضع عدة مشاريع كبرى على أجندة التنفيذ وبالمقابل قرأت أن الرئيس ليس متحمسا لمشروع ” العاصمة الجديدة”  بينما أراه أحد المشاريع الكبرى الضرورية ولكن لنترك قضية ” المدينة الجديدة” لمزيد من التقصي ومقارنة وجهات النظر فربما لدى الرئيس حجج وجيهة بشأنها، لكن هناك مشاريع لا خلاف على ضرورتها وأهميتها قد تمر سنوات ولا نبدأ بها بسبب قضية التمويل ما دمنا لا ننوي المغامرة بتفكير غير تقليدي يقتحم آفاقا جديدة للشروع بمشروعات بمليارات الدنانير مثل سكك الحديد وقناة البحرين  وخط النفط وقد سمعت افكارا ريادية وغير تقليدية لمشاريع أخرى في بعض المحافظات إضافة إلى مشاريع الطاقة المتجددة.
يمكن التوسع بالافكار غير التقليدية التي نحتاجها ويجب أن نفهم أن الاقتصاد سوف يتجرجر بالوضع الحالي وسيتعمق الركود ما دمنا ملتصقين بحدود الرؤية الضيقة لموظفي صندوق النقد التي تقتصر على زيادة الجباية وضبط النفقات وحفظ الاستقرار النقدي برفع الفوائد بينما هناك وجهة نظر جريئة تقول بفك ارتباط الدولار بالدينار وتحرير سعره وهذا موضوع حديث آخر قد نعود له في وقت لاحق.

جميل النمري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *