كتّاب

الزعرنة

قبل عدة سنوات ومع بدء الربيع العربي سمعنا وزيرا” محترما” للداخلية يتحدث عن “الأمن الناعم” وكان لهذا الأمن مظاهره الحضارية حيث يقدم رجال الأمن الماء والعصائر للمتظاهرين مما ولد روحا” أخوية بين المتظاهر ورجل الأمن.

وتناقلت وسائل الإعلام ووسائل التواصل تلك الصورة الغريبة النشاز التي لم تدخل في منافسة مع قمع الأطفال في درعا ولا هجوم الهِجن على المتظاهرين في مصر . نعم تفرد المشهد الأردني حيث كان موقفا” منسجما” مع المنطق فالتعبير حق دستوري وقانوني ، وهو موقف يراعي علم النفس وعلم السياسة . وهو اسلوب نؤيده في التعامل مع المعتصمين والمتظاهرين الملتزمين بالقانون لان سياسة القناوي وإسالة الدماء سياسة هوجاء تولد الأعداء وتأخذ من رصيد الدولة نفسها .
أما التعامل مع ” الزعران ” فلا علاقة له بما نقول لأن هؤلاء يعبثون بعيشنا وطرقنا وشوارعنا وأمننا ويسخرون من هيبة الدولة لصالح البلطجة والمخدرات واستعراض العضلات في تحد واضح لأمن المجتمع . حين نسمع أصوات سيارات الزعران ( يُخَمِسُون ) في شوارعنا في الليل والنهار فإننا أمام حركة زعرنة !! وحين يُغلق الطريق موكب فرح فإننا أمام حركة زعرنة !! وحين يرفض سائق سيارة الوقوف لرجل الأمن فإننا أمام زعرنة !! وحين يُطلق الرصاص في شوارعنا فنحن أمام زعرنة !! وحين يمد نائب يده تحت القبة أو في حلقة تلفزيونية الى مسدسه فهي زعرنة وعليها شهود !! وحين يتحكم فصيل سياسي بمؤسسة يعاقب من لا ينتمي الى فصيله فهي زعرنة !! وشتم الذات الإلهية زعرنة وكفر بواح !!للزعرنة صور لا تنتهي نراها صباح مساء والدولة تعرفها ومن غير المقبول السكوت عليها بحال من الأحوال لان ما نفاخر به في بلدنا هو الأمن فهو الحصن الأخير بعد سقوط الحصن الاقتصادي والحصن الاجتماعي ولا بد من أن نشد على يد من يحفظ الأمن ويحافظ عليه ويحترم حق المواطن في التعبير الحضاري .

د. بسام العموش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *