بقلم : محمود الخطاطبة
في الوقت الذي تبلي فيه المقاومة الفلسطينية، بقيادة حركة حماس، بلاء حسنا على أرض الواقع، وتكبد العدو الصهيوني خسائر فادحة بالأرواح والأموال، وهو ما أقرته شهادات للكثيرين من دولة الاحتلال الإسرائيلي، بينهم قادة عسكريون، ما تزال الولايات المتحدة الأميركية (الشيطان الأكبر)، تحيك مؤامرة تلو الأخرى، لعل وعسى تنجح إحداها في “هندسة” قطاع غزة، على مزاجها وأداتها القذرة (الصهيونية).
إذا كانت المقاومة الفلسطينية، تقوم بواجبها على الأرض، في مواجهة عصابات إرهابية، تمتلك جيشا مجهزا بأحدث التقنيات والمعدات العسكرية، ويحتل المرتبة الثامنة عشرة على مستوى العالم، فإنه بالمقابل يتوجب على سبع وخمسين دولة إسلامية وعربية، ومن خلفها ما يقرب من 1.5 مليار مسلم، تقديم كل الدعم المادي والمعنوي لهذه المقاومة، وقبل ذلك إغاثة أهل غزة، الذين يذوقون الويل ليلا نهارا.
العالمان الإسلامي والعربي، مطالبان بألا يكونا صفرا على الشمال، والعمل، بكل ما أوتيا من قوة، بغية إيجاد حلول سياسية ناجعة، أو مبادرات، تنصف الغزيين، ومن قبل مقاومتهم، خصوصا أننا نمتلك مواقع إستراتيجية في غاية الأهمية، على خريطة العالم، والكثير من الأموال، لا ترك الأمور لأصحاب البيت الأبيض، جلله الله عز وجل بالسواد، ودولة الاحتلال.
إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، تضع سيناريوهات، وخططا، وإستراتيجيات، آملة في نجاح إحداها، وكأننا كعرب ومسلمين غير موجودين، أو أننا لا رأي لنا، فكل ما يتوجب علينا فعله هو تنفيذ ما يخرج من تعليمات وأوامر واشنطن.
أحدث ما سربته مصادر أميركية لوسائل إعلام، يشير إلى أن إدارة بايدين تخطط لإنجاح معادلة ثلاثية، الأولى تتعلق بقطاع غزة، ومحورها الأساسي “غزة بدون حماس”، والثانية تتعلق بـ”سلطة فلسطينية بدون الرئيس الحالي محمود عباس”، والثالثة “حكومة احتلال جديدة”، بدون رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية يتسئيل سيموترتش.
المعادلة الثالثة، لا تهمنا أبدا، وأكاد أجزم بأن واشنطن غير جادة على تطبيقها، على عكس المعادلتين الأخريين (الأولى والثانية)، وهاتان مهمتان بالنسبة للفلسطينيين بشكل خاص، والعالم العربي بشكل عام.
في ظل الأوضاع الراهنة، حيث يشهد العالم العربي تشرذما وتفرقا لم يشهدهما من ذي قبل، فضلا عما تعانيه بعض دوله من حروب أهلية وطائفية وانقسامات، وأخرى تعيش في أوضاع اقتصادية “مأساوية”، إلا أن الصمت عما يحدث في غزة، يعتبر “خطأ كبيرا”.. كما أن ترك واشنطن تقرر عن العرب، ومن قبلهم الغزيين، هو خطأ أكبر، ويدل على انكسار وهزيمة.
أميركا، ومن خلال خططها ولقاء مسؤوليها مع نظرائهم من الصهاينة، وكأنها ماضية في جعل غزة خالية من “حماس”، في صورة توحي بأن الأخيرة هي المسؤولة عما يحدث في الكرة الأرضية من كوارث وأزمات وحروب، غير آبهة بالمجازر الجماعية والإبادات وحجم الدمار غير المسبوق تاريخيا الذي خلفته آلة القتل الإسرائيلية الهمجية، بحق الأطفال والنساء والشيوخ هناك.
خطط أميركية شيطانية، تارة للقضاء على حركة حماس، على الرغم من الكثير من المسؤولين في بلاد “العم سام” يقرون بصعوبة القضاء على “حماس”، وتارة ثانية البحث عن قيادات جديدة لهذه الحركة، من أجل الوصول إلى هدف، أقل ما يقال عنه بأنه خبيث وقذر، يخدم مصالح البيت الأبيض وربيبته الصهيونية.
وبشأن المعادلة الثانية، فإنه بعيد عن سلبيات السلطة الفلسطينية الحالية، التي باتت شبه مكروهة في الشارع العربي، ومن قبله الشارع الفلسطيني، خصوصا في الضفة الغربية المحتلة، إلا أنه لا يجوز أن الصمت على سيناريوهات واشنطن بشأن ذلك، بلا أي حراك أو ردات فعل، خصوصا أن تزج بأسماء الشارع الفلسطيني يلفظها.
لا شك أن إحداث الفتن، أمر تتقنه إدارة البيت الأسود، لا بل هو محبب إليها، فمجرد طرح اسم غير مرغوب به، وموسوم بأشنع الصفات، لقيادة السلطة الفلسطينية، لدليل على أن واشنطن لم ولن تحب الخير للفلسطينيين، أو ستقدم في يوم من الأيام على خطوة من شأنها جلب المنفعة للأشقاء هناك أو حتى تنصفهم وقضيتهم.
والخوف أن يكون الزج بالمناضل الفلسطيني المحبوب، مروان البرغوثي، الذي بدأت فكرة الإفراج عنه تعود إلى الظهور علنا، لقيادة السلطة الفلسطينية، بهدف “تقويتها” ومن ثم فرضها على غزة، أن يكون “إسفينا” تكلفته باهظة الثمن على الأشقاء الفلسطينيين.